محمد بن عيسى البلوشي
تحتفل البنوك المركزية بالدول العربية في السابع والعشرين من إبريل من كل عام باليوم العربي للشمول المالي والذي يأتي تحت مظلة صندوق النقد العربي.
وتتمثل الفكرة العامة من موضوع الشمول المالي، في تعزيز المدخرات المالية للاقتصادات، وتوجيهها لتنمية مختلف البرامج الوطنية في بلدانها، وخصوصا البرامج الإقتصادية المحفزة لتشغيل القوى العاملة، والتنموية المرتبطة بديمومة حركة البشر، والاستثمارية الداعمة لفرص النمو وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي في الدول العربية.
ما لفت إنتباهي في التقرير الصادر عن صندوق النقد العربي عام ٢٠١٩ حول الشمول المالي للدول العربية هو “أن حوالي 31% من سكان العالم البالغين لا يتوفر لديهم حسابات مصرفية، في حين بلغت النسبة في الدول العربية 63% في المتوسط”، وهذا الموضوع سيترتب عليه أمرين كما يشير التقرير “الأول يتمثل في حرمان الإقتصاد من الإستفادة من المدخرات وحشدها لتمويل الإستثمارات، الأمر الذي سينعكس سلبا على النمو الإقتصادي. أما الأمر الآخر فهو حرمان شريحة واسعة من المواطنين من فرص النفاذ للتمويل والخدمات المصرفية”.
ومع التقدير الواسع للأهداف العليا التي يرمي موضوع الشمول المالي إلى الوصول إليه في بلداننا العربية، ومدى قدرتها على تطوير واقعها المعاش، إلا أن مسألة “الإستفادة من المدخرات وحشدها لتمويل الإستثمارات في البلدان” هي مسألة بالغة الأهمية واجبة التركيز عليها وذلك من أجل تعزيز كفاءة الإقتصادات وخصوصا في هذه المرحلة المهمة التي تعيشها البلدان العربية وإقتصاداتها المنهكة بالأزمات ومواجهة تحديات الجائحة وأيضا التداعيات الجيوسياسية المعروفة.
ربما ستحتاج الإقتصادات العربية إلى سيولة مالية مع وجود التداعيات الإقتصادية وأزمة كوفيد 19، وعلى البنوك المركزية في البلدان العربية مهمة تفعيل البرامج المحفزة للإدخار في البنوك والمصارف، وذلك من أجل حشد أكبر قدر من النقد والإستفادة من المدخرات وتوجيهها إلى التمويل الإقتصادي والتنموي.
بلا شك أن برامج وجهود “المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، في تطوير التشريعات والأنظمة والأطر الرقابية، التي تساعد على تحسين انتشار الخدمات المالية والمصرفية” هي جهود مستمرة ودائمة، بل على العكس هناك فرصة أمام تلك المصارف إلى ” تشجيع الابتكار في هذا المجال، ومتابعة مساعي الارتقاء بأنظمة البنية الأساسية للنظام المالي والمصرفي، وتشجيع تطور الخدمات المالية غير المصرفية، إضافة إلى دراسة سبل الارتقاء بمؤشرات الشمول المالي في المنطقة العربية”كما أوضحه التقرير المشار إليه.
نستطيع القول بأن اليوم العربي للشمول المالي يأتي هذا العام، وإقتصادات العالم تعيش مرحلة صعبة وحساسة بسبب تداعيات الجائحة العالمية، والتي توقفت معها وبشكل ملحوظ الحركة الإقتصادية في العديد من البلدان، وتزامن معها ظروف إقتصادية مع الدول المصدرة للبترول جراء إنخفاض أسعار النفط، ومعها التحديات الجيوسياسية. وكل ذلك يرفع سقف التوقعات بأن مهمة صندوق النقد العربي سيكون مضاعفة، ويتطلب معها قرارات لإنعاش الحالة الإقتصادية للمؤسسات والشركات.. فهل ستقف التحديات الراهنة أمام آمال الشمول المالي؟!.