أحمد بن علي الشيزاوي
حساب يديره شخص ذو علاقات عالية المستوى، مع مصدر يزوده بالأخبار الحصرية التي لا يعلمها إلا سواهما، ويستحلفه الأخير ألا يكشف عن اسمه أو صفته إذا أراد أن ينشر الخبر عبر تويتر، وله أن يرمز إليه بالمصدر الخاص، وهذا الخبر يأتي لتأكيد مضمون إشاعة متداولة تكون حديث الساعة، بل يستهدف أن تكون شرارة اشتعال حديث يثير الرأي العام حول التكهنات والتوقعات المتداولة عن الشأن الرسمي والعام.
ولا يهتم مطلق الخبر أن يعرف أن إثارة الرأي العام فعل آثم، ويمكن أن ينتهي الأمر به في أروقة جهات التحقيق، سواء كان الخبر الذي رواه صريحا أو على صورة أضغاث أحلام تراودته.
وفي إطار متصل، نشط في الآونة الأخيرة نحو خمسين حسابا إخباريا عمانيا في مواقع التواصل الاجتماعي “تويتر” و”إنستجرام”، جزء كبير منها منسوب أو مرتبط باسم السلطنة، وذلك من خلال قيام مؤسس الحساب بإضافة كلمات مثل “عمان” أو “العمانية” أو “Oman” أو “om” ومافي حكمها لمعرّف الحساب، حتى يوهم المتابع أو الناقل للخبر أن الحساب يتمتع بصفة رسمية، أو أنه مدعوم من جهات رسمية، وعلى نحو يشتت جهود الحسابات الرسمية الفعلية ويضعف من إيصال رسالتها ببعض المجالات.
وعند تحليل النشر الإلكتروني للأخبار حول السلطنة خصوصا عبر منصة التدوين المصغر تويتر، اتضح وجود ثلاثة أنماط لهذه الحسابات وهي كالتالي:
1- الصحف الإلكترونية: وهي متعددة، وتعتبر صحيفة “البلد” أول صحيفة إلكترونية عمانية وتأسست بتاريخ 7 مايو 2012، والتي اغلقت في 30 أكتوبر 2016م ، بينما تأسست صحيفة “أثير” في 23 يوليو 2013، ثم صحيفة “شؤون عمانية” في 22 أغسطس 2017 بعد أن تحولت من حساب إخباري على تويتر إلى صحيفة إلكترونية، ثم توالى صدور الصحف الإلكترونية.
بعض هذه الصحف تصدر عن مؤسسات لها سجل تجاري ولديها مكاتب وأرقام تواصل، ويعمل بها صحفيون أعضاء في جمعية الصحفيين والجمعية العمانية للكتاب والأدباء، مثل أثير وشؤون عمانية، وبعضها لديها مواقع على الإنترنت فقط، وأغلب هذه الصحف تستند إلى مصادر في أخبارها كما تكتب أسماء المحررين في مواضيعها وتحقيقاتها مما يسهل الرجوع إليهم.
2- حسابات إخبارية معروفة وأصحابها معروفون ولكن ليست لديهم عضويات في جمعية الصحفيين أوالجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وجل أخبار هذه الحسابات منقولة عن مصادر أخرى، ويدخل أحيانا في أهداف مثل هذه الحسابات الترويج للإعلانات نظير مقابل مادي إلا أنه يؤخذ عليها عدم نشر مصادرها أحيانا أو المبالغة في بعض الأخبار.
3- حسابات بعضها يحمل اسم عمان ولكن لا يعرف من يديرها، كما أن توجهاتها غير واضحة، ولا تنشر بشكل مستمر وإنما تتوقف أحيانا أياما لتعود إلى النشر في أيام أخرى، وهي لا تهتم كثيرا بضمان دقة الأخبار التي تنشرها، بحيث تخلو تلك الأخبار مما يمكن أن يقاس من خلاله مصداقيتها، فكاتب الخبر مجهول الهوية، ولا يوجد مصدر للاتصال به لمناقشته حول ما كتب ولا يرفق عادة دليل لإثبات صحة الخبر، ويكتفى في كثير من الأحيان بالإشارة إلى أن هذه الأخبار هي من “مصدر خاص” دون تسميته، وتعتمد على نشر كل خبر يحقق الانتشار الواسع للحساب.
وعند النظر إلى الجانب التشريعي نجد أنه قد تم تنظيم النشاط الإعلامي بشكل عام من خلال القوانين التالية:
قانون المطبوعات والنشر ولائحته التنفيذية، قانون المنشآت الخاصة للإذاعة والتلفزيون ولائحته التنفيذية، قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
قانون تنظيم التزامات العاملين في كافة مؤسسات الدولة وأعضاء المجالس المعينة والمنتخبة، القانون الإحصائي، قانون الجزاء.
تشمل هذه القوانين كل المنصات، سواء كان ذلك النشاط بواسطة الأفراد الاعتباريين أو المعنويين وعبر أي من الوسائل المقروءة أو السمعية أو البصرية أو السمعبصرية، وسواء كان ذلك النشر داخل السلطنة أو خارجها وامتد أثره إلى السلطنة.
وقد حددت تلك التشريعات جملة من المحظورات لحماية النظام العام والآداب العامة من الانتهاك عبر وسائل النشر المختلفة، خصوصا في حال تحقق شرط العلانية، ولا يسمح المقام بالتوسع في استعراضها وشرحها حتى لا نحيد عن رسالة هذا المقال الأساسية.
ومع ذلك فإننا نأمل أن تتولى الجهات الإدارية المعنية بالنشر الإلكتروني في السلطنة إحكام الضبط والرقابة على أنشطة الحسابات الإخبارية وفقا للآتي:
1- منع نشر أي خبر يتعلق بالشأن الرسمي في منصات التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية ما لم يتم ربطه بمصدره، سواء كان من وكالة الأنباء العمانية، أوالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون أو منصات التواصل التابعة لمؤسسات القطاعين العام والخاص التي تدير الحسابات الرسمية.
2- اقتصار ممارسة نشاط نشر الأخبار المتعلقة بالشأن العام عبر منصات التواصل الاجتماعي بواسطة الصحفيين أو المدونين المصرح لهم سواء من جمعية الصحفيين أو وزارة الإعلام، ويجوز لغيرهم ربط تدويناته بمصادرها من الحسابات المصرح لها.
3- إيقاف الحسابات الإخبارية التي لا يقدم مديروها إلى الجهة الإدارية المختصة بيانات كافية عن طاقم العمل على الحساب وأرقام تواصل للرجوع إليها عند الاقتضاء.
4- يجب أن تخلو الحسابات الإخبارية غير الرسمية من أي تسمية أو نسبة توحي للمتابع بأنه تابع لحكومة سلطنة عمان أو تمثل إحدى الجهات الرسمية.