محمد بن عيسى البلوشي*
يبدوا أن جائحة كورونا – كوفيد ١٩ ألقت بعبائتها على إقتصادات العالم، وكما يشير المختصون بأن الأمور لن تعود كما كانت قبل هذه الجائحة العالمية. وانا شخصيا أعتقد بأن حال العديد من إقتصادات البلدان ستكون أفضل بكثير لو نظرنا إلى الأمر بنظره عملية فاحصة، أخذين بقول الإمام الشافعي(إِذا هَبَّتْ رِياحُكَ فَاغْتَنِمْها.. فَعُقْبَى كُلِّ خافِقَة ٍ سُكُوْنُ ).
في بلادنا، تابعنا بإهتمام الجهود التي بذلتها جهات الاختصاص في تفعيل دور الموانئ العمانية وأيضا الموانئ الجوية من خلال الاستيراد المباشر من عدد من مواني ومحطات العالم، وهذا يقودنا إلى أن موانئنا هي موانئ استراتيجية مفتوحة على مختلف المرافئ العالمية من حيث الاستيراد والتصدير، وهو درس واضح إلى أنها مستقبل إقتصاد المنطقة بلا منازع، ويمكن تسخيرها في عمليات الاستيراد المباشر وأيضا هي محطة لبضائع العالم.
كما أنه في بلادي، توجد العديد من الكنوز الزراعية التي يمكن تفعيلها- وقد تم بالفعل- لتوفير المستلزمات الرئيسية من الغذاء، إلى جانب خيرات البحر التي نجد لها خيارا اقتصاديا ناجحا بتفعيل دور شركة الأسماك العمانية في توفير المنتجات للاسواق المحلية وتسويقها خارجيا عبرها بدلا من الطرق التقليدية التي تعود عليها الأفراد.
هذا إلى جانب بأن مفهوم الصناعة العمانية أصبح بعد الجائحة أكثر فهما لاحتياجات السوق المحلي من المواد والمنتجات المتنوعة، ويستطيع توفيرها بمقاييس عالمية وبأسعار منافسة جدا وبكميات تغطي السوق المحلي ويزيد للتسويق الخارجي.
وذلك بعد أن شاهدنا مواد مغشوشة مستوردة من الخارج ( بعض معقمات الايادي نموذجا) وتم توقيفها من قبل حماية المستهلك. وايضا شاهدنا بفخر صناعة الاحتياجات الأساسية عند الطوارئ (تحويل عدة غوص بعد إجراء التحسينات عليه إلى جهاز تنفس صناعي مثالا) بديلا محفزا عن صفقة ٢٠٠ جهاز تنفس التي ذهبت إلى من يدفع اولا.
إن المشهد الاقتصادي أضحى اليوم أكثر وضوحا من ذي قبل لدى العديد من الحكومات، فمفهوم القوى الاقتصادية لم يقتصر فيما تصنعه الدول للعالم فحسب، بل أصبح المفهوم أكثر عمقا من خلال قياس قدرة الدول على صناعة إحتياجاتها وقت الأزمات وتحقيق الاكتفاء الذاتي في توفير المستلزمات والاحتياجات الضرورية.
إن العالم تغير في زمن كورونا، فما صنعة العالم للانسان من مركبة فضاء وسيارة وأجهزة ذكية وغيرها من الكماليات، أصبح يهرب منه ولا يستخدمة الا بالقدر اليسير، ولكن العالم أصبح مذهولا إلى ميكانيكة العقل البشري الذي وجهة كل اهتمامه إلى كيفية مكافحة الجائحة من خلال صناعة الأدوات اللازمة المعينة للتعامل مع الإصابات وايضا التفكير بعمق في إيجاد دواء. صراع العقل ما زال يقودنا في سرعة نحو العلم والمعرفة والابتكار العلمي الذي يجب أن يكون وقود الاقتصاد القادم.
*خبير إعلامي