أسماء سويد
لطالما كان المنزل هو المكان الذي نعود اليه مثقلين بالتعب والارهاق والضغوط والهموم ومختلف المشاعر المختلطة لنجد الراحة والهدوء والسكن والسكينة، ولطالما ربتنا أمهاتنا وجداتنا على ان نجعل من بيوتنا دافئة مفعمة بالحب والود والرحمة تغمره السعادة رغم الظروف والتحديات يقوم على الشراكة والتعاون والصبر والتحمل والاحتواء …
ومع وصول زينة الدنيا الى حياتنا نعيش في منزلنا المزيد من الحب مع اختبار التربية والابوة والامومة بحلوها وحتى مرها يحلو مع فلذات اكبادنا بكل حركاتهم وسكناتهم وتفاصيلهم …
تلك هي الصورة التي نتخيل ان يكون عليها منزلنا الذي نسعى الى تأسيسه والحياة فيه ولكن ؟؟
مع تنوع طرائق التفكير وانماط الشخصيات وأختلاف البيوت التي تربينا فيها طبعا مع وجود قواسم مشتركة لابأس بيها بيننا والسعي الحثيث من كل منا أن ليكون له استقلاليته أو تميزه ومع رتم الحياة السريع الذي نعايشه والتقدم في العلم وطرائقه وفي التكنولوجيا ووسائلها وأدواتها والإعلام وتأثيره علينا جميعا من مسلسلات وبرامج وأخبار وما نعايشه في الأسرة الواحدة من أخطاء أو إختلافات تحول الى خلافات، كل ذلك نسف أو جعل الصورة المتخيلة عن منزل الأحلام مشوهة أو مهزوزة وربما صعبة المنال أو التحقيق،
لنجد أننا بدل ان تكون بيوتنا مصدرا للسكن والسكينة وللمة العائلة وتفقد افرادها والاستمتاع بالوقت معها أصبحت المنازل إ-ن صح التعبير ولا أعمم- فنادق تستقبلنا في أخر اليوم لنجد ملابسنا نظيفة ووجباتنا محفوظة ان اردنا الاكل والسرير بانتظارنا للنوم ليبدأ يوم اخر بنفس الآلية وفي حال اجتمعنا سنكون ممن يسلط الضوء على الأخطاء والهفوات ويتذكر السلبيات مع الكثير من اللوم والانتقاد وأحيانا بقصد او من دون قصد نقدم كلماتنا الجارحة المؤلمة بحجة الصراحة والتي تزيد من النفور واتساع الشرخ الذي يصعب ان يلتئم مع الزمن …لنعيش حالة هروب ان صح تسميتها ..
وفي خضم الضغوط الحياتية والنفسية والعملية والمادية وتقصيرنا في حق أنفسنا اولا ثم من يلوذ بنا من شريك او ولد او اهل بحجة عدم امتلاكنا للوقت تاتينا رسائل من الله لتقدم لنا الوقت الكافي الذي طالما حلمنا به و تقول آن الآوان لوقفة مع النفس لتصحيح المسار وإعادة ضبط البوصلة على جميع الأصعدة وأهمها ذلك المنزل ومن فيه ..
والحقيقة أنك إذا واجهت نفسك وسألتها اين انت الان؟ ماهو دورك في هذه الاسرة؟ ماذا تقدم لها ؟ هل أنت مصدر للمال فقط ان كنت الزوج ؟؟ هل أنت مصدر للمشاكل ام انك مبعث للفخر ؟؟ هل انت السند والدعم ؟؟ ام انت المتطلب والمنتقد ؟؟؟ هل تفتقد ان غبت او تاخرت ؟؟؟هل وهل وهل ؟؟؟
ويحضرني هنا سؤال هام أضيفه، وهو: لماذا نهرب من بيوتنا أو نشغل أنفسنا بأجهزة ذكية غالبا ان اضطررنا الى ملازمة البيت ؟؟؟ أو نهرب الى النوم ربما ؟؟؟.
لماذا يسهل علينا تقديم التشجيع والتحفيز لمن تجمعنا بهم صداقات على وسائل التواصل ويصعب قولها لمن هم اولى بها ؟؟؟ لم لا نكون السند والدعم والثقة في مواقف الضعف والفشل او الانكسار لمن يستحقه ونقدمه سهلا للغرباء ؟؟
لم لا نغفر ونتجاوز ونتجاهل ماجرحنا ممن يلوذون بنا ويسهل علينا التسامح مع غيرهم …
هل نعيش حالة من إزدواجية المشاعر أو المواقف ؟؟
للأسف؛ قد يجمعنا بيت واحد وتفرقنا تحت سقفه أسباب كثيرة وحجج واهية ونبعد رغم القرب ليتحول هذا المنزل إلى منزل واه كبيت العنكبوت ويفقد دفئه ودوره في حياتنا …
واعتقد من وجهي نظري الشخصية انك ان احسنت ترتيب منزلك الداخلي وواجهت نفسك بالاجابات المطلوبة ستكون قد امسكت اول الخيط بالوعي وسيكون منزلك الخارجي انعكاس لكل مافي داخلك من وعي وادراك … من سكن وسكينة ..ومودة ورحمة ..وستعي بحب احتياجك النفسي والعاطفي وكيف ستشبعه بين افراد منزلك وماهو احتياجهم و كيف تقدم لهم الاحتواء والتقبل قبل الحب وكيف تمارس دورك الحقيقي في حياتهم ويكون لكل منهم دور في حياتك ..
ان استطعنا ان نرى بعضنا بصورة جميلة نتقبل فيها الأخطاء والعثرات والعيوب والهفوات ونثني ونعزز الإيجابيات فسنعيد بناء العلاقات التي نظن أننا خسرناها …
إن المحنة التي نعيشها اليوم جميعا على اختلاف أفكارنا وتوجهاتنا وتفاصيلنا أجبرتنا اليوم ان نعود لبناء ذلك المنزل الدافئ وأن نسترجع زمام القيادة والمسؤولية فيه كل حسب دوره ومكانه وان نعيد النظر في احكام اطلقناها او قرارات اتخذناها وان نرى المنحة المقدمة لنا لنحيي الحب بالتغافل والتغافر ونعفو ونصفح ونتجاهل فكلنا خطاء ..
ورسالتي لك اولا أيها الزوج: قدر زوجتك وكن لها سندا ودعما بالكلمات الطيبة والتعاون والتشارك في المسؤوليات فكلكم شركاء ..
وأنت أيها الأب: إعد اكتشاف أبنائك وكن معهم معلما وقدوة .. صديقا وموجها ومرشدا ..اغمرهم بالحب والعطف ومد اليهم بجسر من اللين لتسترجع قلوبهم وتحيي مكانتك لديهم
وانت غاليتي كوني عونا واما واختا .. صديقة ومستشارة .. كوني مودة ورحمة .. تقبلا واحتواءا فماانت الا شريكة بصبرك ودعمك ورايك وحبك تصنعي المعجزات …
لن تبنى البيوت بمجرد جدران رفعناها وانما بالقيم والمبادئ بالحب والرحمة والمودة .. بالصبر والتشارك والتعاون ..بالتقبل والعفو والاحتواء ..
لن تكون اعادة البناء سهلة وطبعا الهروب واستمرار الهدم اسهل ولكن؟؟؟؟
كيف سنستمر على أنقاض بعضنا تحت انقاض منزل هدمناه بايدينا بتقصيرنا ؟؟باعذار وحجج واهية إن أردنا حقيقة نسفناها ولكننا نعيش أمنيات لا نبذل أقل الجهد للوصول اليها او تحقيقها …
هي فرصة ثمينة لنحرص جميعا على استثمارها ومنحة لن تتكرر نستحق ان نحسن اغتنامها لنكون حقيقة قد أدينا حق انفسنا واحسنا لذواتنا ومن يلوذ بنا ..
هي فرصة مخاضها مؤلم عسير ستعقبه بإذن الله ولادة جديدة لللامل والحب والتفاؤل ولكل ما نسعى للوصول اليه في حياتنا ..لنكون نسخة جديدة منا ..
هي خطوة على طريق الوعي والبصيرة .. لأننا نستحق ..