منى بنت سالم المعولية
تلك المسافة المرتعبة بين مصيرين والملتبسة بين الرغبتين بين أن أخرج من البيت لأكسر الضجر فيكسرني الخروج بعدها أو أن ألتزم قيد المكان لأنجو وينجو معي من حولي، إن ما يتم اطلاقه من صرخات تناشد بالوقاية وذلك بتجنب الاختلاط وعدم الخروج بشكل عام إلا في الضرورة القصوى قد لايجد الاستجابة السريعة من الأطراف المتلقية للنداء، ولو عمل المجتمع على مبدأ خذ الحذر من مأمنه لكنا في حال أوقى وأفضل، لكن ما يحدث أن العقول البشرية تستبعد دائما اصابتها بشكل شخصي بكل ما تسمع عنه في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل في العالم، مما يولد لديها نوع من الاطمئنان الكاذب يجعلها في سبات حتى حين غرة، وها هو الخطر يقترب أكثر ليكون قاب وعي ومعرفة منا فقط قد تطفو بنا نحو النجاة إن اتبعناها وحافظنا على ذلك الفاصل اللاملموس، فعدم إدراك النفس بالعدو اللامرئي يجعلها تستهين به وتقزمه وهذا ما يحدث بالضبط مع ظاهرة مجابهة العالم لفيروس كورونا (كوفيد ١٩) تستخف الجماهير بالأمر وتسمع به عن بعد فلا تستشعر بالخطر المحدق بها، يرى المختصون أن ارتفاع معدل التفاؤل بالانحياز نحو الذات يجعلها تظن ألا شيء سيحدث لها وتتوقع حدوثه على الغير دونها وذلك بسبب انخفاض الاستشعارنحو المخاطر وتهميش عنصر الوقاية لكونها عنصرا تجريديا لا يتم الاحساس به، فالأمراض والجوائح ليست كالنار التي تراها العين فيهرب الجسد عنها كي لايحترق بينما اختراق فيروس واحد للجسد قد يخنق أجهزة الانسان تباعا ومع ذلك لن يراه أحد، تدل الأبحاث أن الاستشعار بالخطر يولد نوعا من الاحتراز وبالتالي يتجه نحو الوقاية وهذا ما نتمنى حدوثه، رفع مستوى الاستجابة لحماية النفس والأخذ بالأسباب والانعزال عن المسببات وليس الهلع، فكما هو معروف أن التضخيم والمبالغات تزج المرتعبين نحو الأوهام واختلاق الشائعات ، يقول الدكتور محمد الحاجي حول ظهور بعض التصرفات السلوكية الغريبة في العالم أجمع وقت الأزمات ومن ضمنها أزمة كورونا الحالية أن الإنسان يميل للشائعات لإكتساب راحة نفسية للاجابة على حيرته وغموضه ويميل إلى ترجيح عنصر المؤامرة في الحدث كأن يقول أن الشركات الدوائية افتعلت الفيروس من أجل أغراض شرائية وربحية مما يجعل بعض الشخصيات القلقة تتبنى هذا الرأي وتصدقه، لذلك كلما ارتفع مستوى الوعي في المجتمع كلما استبعدت العقول المفكرة تلك التهويلات وانحازت للتعليلات الأكثر عقلانية، وبالتالي انتشار الثقافة العامة وانخفاض معدل اللامبالاة ليصبح كل فرد عنصرا فعال في الوقاية وينتقل من دور المتلقي إلى دور المسؤول والمرشد لغيره، وهذا هو المستوى المطلوب للمحافظة على سير معدل المنحنى الوبائي سيرا أفقيا لامتسارعا وبالتالي تثبيط انتشار الفيروس ووقوف العدد وحصره على الحالات المكتشفة وثم الوصول إلى شواطئ السلامة بأقل خسائر وأضرار.