حمد بن سعيد المجرفي
اجتاح العالم بأكمله وتعيش البشرية واقعا مؤلما ، فلا يسلم من معاناته أحد ، أنه فيروس كورونا المستجد أو كوفيد 19 ليتخطى هذا الوباء اقتصاديات العالم أجمع ، ولم يقتصر على الدول النامية فقط بل يأتي ببؤرته الدول العظمى فيوهن كاهلها ، ويفتك بسكانها ، ليزرع الخوف والضعف ، ويزج بهم فى هاوية لا نجاة منها سوى قدرة الله ، ولا شفاء الا بمشيئة الله ، فكثير من الدول كما نقل لنا عن أعلامها الصريح فقدت السيطرة على الوباء ليزداد انتشارا ويتسع مصابه ، ويشهد العالم بأن الدول الذي كانت فى سباق التقدم أخذت تندب بالتحذيرات ، فنعم لا نقلل من خطورة الوباء ولا نستهزأ بالمرض مهما حدثنا اعلامهم عن الأسباب المصطنعة لأجله ، فمنذ القدم ومنذ آلاف السنين حدثنا رسولنا الكريم ونبينا صلوات الله وسلامه عليه ، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ [يعني : الطاعون] بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْه) . رواه البخاري ، ومسلم .
فالمنع جاء لحكمة بشموليته فى البلد الذي وقع فيها والفرار هو حمل الوباء الى بلاد غير موبوءة فينتشر فيها .
كذلك عندما أصاب المسلمين طاعون عمواس خرج بهم عمرو بن العاص رضى الله عنه الى الجبال وقسمهم الى مجموعات ، منع اختلاطهم بالبعض وأقامت المجموعات فى الحباب فترة من الزمن ، فاستشهد من استشهد ، وعاد الأصحاء ، وهذا ما عرف بالحجر الصحي فى زماننا .
فاليوم العالم يعيش حياة يملأها الضعف والجزع بما يلحق بالبشرية، وما يمس باقتصاديات الدول ، وما ينخرها من وهن الا لأنه لم يكن فى الحسبان .
فلا نستهين بالحجم الكارثي الذي يخلفه هذا الوباء فى العالم خلال مدته ، ولكننا كذلك لا نهول الحجم فى حالة أستجابتنا للتحذيرات ، وما نخلقه بداخلنا الكم الهائل من الوعى وغرس ثقافة التصدي له بأتباع التعليمات الصحية من جهات الاختصاص ، هنا سنتغلب عليه بقوة الترابط واللجوء الى الله بالاستغفار ، وسنتعلم بأن علينا أن نتكاتف ببناء اقتصاد قوى لا يعتمد على ثروات ناضبة ، وأن يصبح المنتج المحلى بحجم الاكتفاء ، وأن لا نعتمد على الاستيراد بل الاكتفاء ، علينا بأن نكون بجانب الدول المتقدمة من حيث بناء محجر صحى ذات مساحة واسعة ويستقبل أعدادا كبيرة تحسبا لأمراض مماثلة .
ولنعلم بأن وباء كورونا هى كبوة العالم ، وتزول بتكاتف أبناء الوطن الواحد بوعيه وثقافته .
حفظ الله عُمان قيادة وشعبا ، وحفظ الله المسلمين فى كل بقاع الارض ، وحفظ الله البشرية والعالم أجمع.