المحامي عمران بن علي الهطالي
مع بداية تطبيق القرارات الصادرة من اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا ( كوفيد ۱۹ ) , تثور العديد من الأسئلة القانونية؛ فهل يصح تطبيق نظرية الظروف الطارئة على الالتزامات التعاقدية المتأثرة بتلك القرارات أم أنها تصنف كقوة قاهرة؟. حيث أنه وكما هو معلوم ان تلك القرارات قد ينتج عنها إيقاف عدد من الأنشطة والمشاريع والفعاليات، وعليه وفور وصول القرارات إلى القطاع الخاص لوحظ وجود حالات قلق لدى العمال الذين تم اجبارهم على الخروج في إجازات بدون رواتب , كذلك تم الغاء حجوزات القاعات وصالات الأفراح , وقد شاهدنا تدخل الهيئة العامة لحماية المستهلك برد مبالغ تلك الحجوازت، , وعليه فإن قرار الهيئة قد أسس على اعتبار القرارات بوقف الفعاليات والمناسبات في صالات الأفراح بمثابة القوه القاهره والتي تستوجب انقضاء العقد؛ حيث ان القرار الإداري يعد بمثابة قوة قاهرة مع استحالة التنفيذ في عقود المناسبات التي تتضمن عقودا زمنية يكون الزمن فيها عنصر جوهري تدور حوله تلك الالتزامات. أما من الناحية الأخرى فإن باقي العقود مثل عقود العمل قد لا يترتب عليها استحالة تنفيذ تلك العقود وهي أقرب إلى نظرية الظروف الطارئة، وتدور فكرة هذه النظرية في أن العقد إذا كان من العقود المستمرة التنفيذ أو الفورية التنفيذ ولكن التنفيذ كان مؤجلاً، وطرأت ظروف ستثنائية لم يكن في الوسع توقعها وقت التعاقد مثل القرارات الاحترازية الصادرة لمواجهة فايروس كورونا ، وأدت الى اختلال التوازن الاقتصادي الذي كان موجوداً وقت التعاقد، اختلالاً خطيراً وجعلت تنفيذ التزامه يهدده بخسارة فادحة، فلا يجبر على تنفيذ التزامه كما ورد في العقد بل ينقص هذا الالتزام إلى الحد الذي تفتضيه العدالة، وعليه فإن تطبيق نظرية الظروف الطارئة في حالة أن تجعل هذه الظروف أو الحوادث الاستثنائية تنفيذ الالتزام مرهقاً لامستحيلاً، فمتى ما أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا فهنا نحن بصدد الحديث عن القوه القاهرة، ولكن وبما ان تعليق العمل وغيرها من القرارات التي صدرت من اللجنة العليا كانت قرارات وقتية محددة بمحددة زمنية محددة فانه لا توجد إستحالة في التنفيذ فيها، وعليه فانه طبقاً لنظرية الظروف الطارئة فإن تبعة الظرف الطارئ توزع على الطرفين، مثل أن يتفق رب العمل مع العامل على خروج العمال في إجازات تحسب من الإجازة الاعتيادية للعامل خلال فترة التوقف، وعليه فاذا لم يتفق الأطراف فان المشرع أجاز للمحكمة رفع الإرهاق عن المدين. وذلك بتنقص الالتزام الى الحد المعقول.
كما يجب التنويه بأن القوه القاهرة جاءت في قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني 29/2013 بنص المادة (172) حيث قال( في العقود الملزمة للجانبين إذا طرأت قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا انقضى معه الالتزام المقابل له، وانفسخ العقد من تلقاء نفسه. – إذا كانت الاستحالة جزئية انقضى ما يقابل الجزء الذي استحال تنفيذه، وينطبق هذا الحكم على الاستحالة الوقتية في العقود المستمرة، وفي هاتين الحالتين يجوز للدائن فسخ العقد بشرط إعذار المدين. )
كذلك فقد قضت المحكمة العليا في سلطنة عمان على أنه (يتعين أن تكون استحالة تنفيذ الالتزام بسبب القوة القاهرة استحالة نهائية حتى ينفسخ العقد بقوة القانون أما إذ كانت الاستحالة مؤقتة فإن العقد يقف تنفيذه فقط حتى تزول هذه الاستحالة. – الأصل وفق المبادئ العامة في العقود أن العقد ينفسخ عند طروء قوة قاهرة تؤدي إلى استحالة تنفيذ الالتزام الناشئ عنه، كما نصت المادة 550 من قانون المعاملات المدنية: (إذا صدر عن السلطات المختصة ما يمنع الانتفاع الكاي بالشئ المؤجر دون سبب من المستأجر تنفسخ الإجازة وتسقط الأجرة من وقت المنع. 2- إذا كان المنع يخل بنفع الشيئ المؤجر بصورة تؤثر جزئيا في استيفاء المنفعة المقصودة فللمستأجر فسخ العقد وتسقط عنه الأجرة من وقت قيامه بإعلام المؤجر).
عليه فإننا نرى أن الظروف المحيطة بالقرارات الادارية الصادرة في مواجهة فايروس كورنا لا تستوجب الاستحالة النهائية في أغلبها والتي لا يكون الزمن عنصر جوهري فيها فتطبق عليها نظرية الظروف الطارئة أما التي يستحيل معها التنفيذ فتطبق عليها القوه القاهرة .