منى بنت سالم المعولية
إذا كانت المواقف تعلم البشر فإن بعض الأزمات قد تربي شعبا بأكمله، تلك المعاضل التي تأتي على هيئة ظروف استثنائية تترك بصمتها ظرفا إثر الأخر مع كم عالٍ من التراكمات المعرفية وآلية استعداد جاهزة حين تمر ذات الأحداث مرة أخرى، ربما لانذكر الأعاصير التي جاءت بعد جونو مثلما نذكر تفاصيل جونو نفسه، بتاريخه ووقته وأحداثه ونكبته وخسائره والأهم من ذلك كله معرفته باخذ الجرعة الكافية من انزيم الحذر وتطعيم النفس بلقاح التصدي لإكتساب مناعة ضد الاعاصير المتعاقبة، فكانت النتيجة أننا أصبحنا مع التكرار أقوى وأكثر جاهزية وفي كل مرة نكسب عرفا ونتفادى الخسارات الكارثية، لقد أثبتت الأزمات أننا مع كل أزمة نعيشها نعود لنلملم تفارقنا وتتقاصر الانتقادات ونبدأ بالتعاضد، كل حسب مقدرته وقدرته، فتصبح السلطنة كقرية صغيرة كل من فيها قريب من الاخر وكأن المسافات تذوب وتتقارب الإنسانية في المحن وذلك ما لمسناه من تعاضد يشار إليه ببنان الإطراء حتى من خارج حدود الوطن، فقد علمنا الشعوب أننا أبناء رجل واحد، تطوع الاهالي قبل الدولة لإغاثة المتضررين من جونو حينها، لم يبخلوا بمالهم ولا وقتهم ولا طاقتهم أنذاك وانطلقوا قوافل محملة بالماء والغذاء والكساء والحب، اليوم نعيش تجربة غير مشابهة ولا دخل لها أبداً بالأعاصير ولكن هي جائحة انتابت العالم، لتثبت الطبيعة كعادتها أنها فوق احترازات الإنسان، فلا يخفى على أحد مقدار القلق الذي أثاره فيروس كورونا ، فيروس مجهول الهوية والاسم والمصدر، اكتسب اسمه مؤخرا ليدعى كوفيد ١٩ ومنذ ظهوره وهو يتدرج بالمفاجأت ويتسلسل بالوصول ليعزل العالم اجمع ويشل حركة الطيران والموانئ ويكسر ساق الاقتصاد فتتهاوى الاسهم وتتراجع الامتيازات وينخفض سعر الممول الأول للبلدان الخليجية وهو النفط إلى اسعار زهيدة، كل هذا تسبب به كائن مجهري لاتراه العين الثاقبة، فيبكي العالم وكورونا يضحك، يتنقل بحرية مخترقا القارات وكأنه اتحد مع جزيئات الهواء لينتشر، وكي لانشطح بعيدا وتأخذنا بطولات هذا الفيروس المتمرد فإن تاريخ الأزمات يعيد نفسه، فها هي السواعد والاعضاد تمثل وحدة اليد الواحدة، فينتأ شعار “عمان تستحق” لتعود الجهود وتتكاثف، بروح الخلية المتحدة والفريق الواحد، فهناك من سخر المال لعلمه أن ذلك هو أفضل طريق يضمن فيه صرف امواله بطريقة مستحقة صحيحة عونا وسندا للوطن في الظروف التأزمية والتي تحتاج للعدة والعتاد والتسلح بالأدوية والأدوات الوقائية أو العلاج أو الأجهزة التي سيزيد الطلب عليها إن سار منحنى الانتشار وفق التوقعات العالمية إن وصل أو ارتفع بشكل أفقي حتى يتناقص ويبدأ بالانحسار، تجهيزات طبية وقوي بشرية وهمم مرفوعة وتضحيات بصور مختلفة ولكن الهدف الواحد فالمسؤول والعامل والمتطوع من جهة، مؤسسات المجتمع المدني والمجالس البلدية والبرلمانية وكل القطاعات خاصة كانت أم عامة تتماسك لتتجاوز العارض بسلام، بالوعي، بالامتثال، بالتطبيق، بترك العادات السيئة، بالتمسك والتماسك، بالنصح أو بالقوة، بالطلب او بالردع، بالترهيب او الترغيب للمخالفين، بالاخذ بالاسباب والحذر من المسببات، بي وبك والجميع وبالايمان بالقرارات المدروسة للجنة المكلفة بمتابعة الجائحة سنصل بسلام مع اكتساب خبرة في رصيد الايام لمكافحة اي شبيه بهذا الوضع في القادم.