محمد المبارك خالد التيرابي
يصطدم بعض الزائرين لدول جنوب شرق آسيا بكثير من النظم والتقاليد المغايرة لما نشأوا عليه في بلدانهم بطبيعة الحال، ومن ذلك كيفية التعامل كالتخاطب ولباقة التقرب إلى الناس هنالك كما أشرنا سابقًا.
فكثير من التعاملات السياحية والتجارية والتدريبية وغيرها كان مصيرها الفشل لعدم معرفة أحدالجانبين أو كلاهما بأساسات التواصل مع الجانب الآخر، ولذا وجود الدليل أو الوسيط الأمين والمدرك لبواطن الأمور، الذي خبر البلاد وأهلها وما يريده زائروها منها… أمر لا مناص منه وبخاصة جراء تزايد السياح وطلاب العلم في الآونة الأخيرة بصورة ملفتة للنظر!!! ويتخوف الكثير من الوسطاء بوجه عام من عمليات الاحتيال التي حدثت من البعض بحكم سوء الفهم أو قلة الدراية والاستعداد الكافي بين غفلة أوجهل أوعجلة كثير من الوافدين!!!
أذكر أن ٤٠ طالبًا جاءوا من أحد الدول العربية إلى كوالالمبور لتلقي دورة تدريبية في الإبداع التنموي بالاستفادة من التجربة الماليزية الرائدة في التنمية والإدارة والقيادة، وكانوا بحاجة الى مترجم معين له دراية بطبيعة ما يجري في هذا السبيل واتضح أن المترجم الذي جيئ به ليس بالكفاءة المتطلبة ولم يستطع بالتالي أن يفهم وينقل الجانب العلمي المبتغى، وكان الإعداد من القيِّمين على الأمر لا يتمشى مع كثير من شروط العقد بين الطرفين!!!
وحدثت مناوشات واحتجاجات في هذا السبيل حيث لم يحقق الطلاب الحد الأدنى الذي قدموا من أجله فكانت “طامةً كبرى” على المنظمين من الجانبين وعلى الطلاب في ظل التسرع وقلة الخبرة بالتعامل في هذا الميدان!!!
ورجع الطلاب إلى بلادهم بخفي حنين في ظل ربكةٍ مؤسفة كان سببها التخبط و”الارتجال” فيما يتعلق بهذه الدورات التدريبية التي يفترض أن تكون نوعية ومبرمجة حتى تؤتي أكلها على نحو طيب!!!
ويُرجع البعض -في نظرة تشاؤمية- فشل مثل هذه الحالات إلى أنها من قبيل النصب والاحتيال، وهي بعيدة كل البعد عن ذلك إذ الأمر يتعلق بالخبرة والكفاية وفوق ذلك الاستعداد القَبْلي، ففي غمرة لهفة البعض وشغفهم بالكسب المادي السريع قد يرتكبون أخطاءً قاتلة تؤدي إلى توقفهم التام من العمل في ظل تردي سمعتهم -في “السوق”- إلى الدرك الأسفل من الحضيض!!!
فلا عجب أن أنشئت مكاتب استشارية تمنح النصائح والتوجيهات اللازمة وفقًا لطبيعة وحجم ما يرغب البعض فيه من تعاون وتلاقٍ لفائدة الجميع.
وينطبق ذلك على الدراسة أيضًا إذ لابد من الاختيار الصائب للجامعات وفقًا للرغبة في تخصص معين وبالرسوم المعقولة والجو والمكان المناسب، وحتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه، إذ كثيرًا ما تخلى بعض الطلاب عن الدراسة أو فُصلوا من الجامعات بعد عامين أو ثلاثة وفقًا لقلة الوعي بما كان ينبغي القيام به مسبقًا من حسن إعداد وترتيب وتقدير!!!
ومثل هذه الحالات ليس بالقليل في ظل تسرع البعض وأحيانًا جشعهم بعدم تفهم الأمور كما ينبغي من خلال الدراسة المتأنية كما ذكرنا آنفًا والشورى مع أصحاب الاختصاص خشية الوقوع فيما لا يحمد عقباه!!!
خبير استشاري في التدريب التطويري الذاتي والمؤسسي، والإعلامي التطبيقي (بخبرات دولية)
taheel22@gmail.com