العمانية _ شؤون عمانية
صدر عن مركز السلطان قابوس للثقافة بواشنطن أخيرا كتابين جديدين باللغتين العربية والانجليزية، أحدهما بعنوان “التجارة والتقنية في شرق شبه الجزيرة العربية: رؤی جديدة مستندة على الدراسات الأثرية للخرز الحجرية” من تأليف الدكتور جوناثان مارك كينوير من جامعة ويسكونسون – مادیسون، الأمريكية، والآخر بعنوان “تطوير نموذج أولي لنظام رصد الغطاء الأرضي لرسم خارطة تغير الغطاء النباتي بجبال ظفار في سلطنة عمان” للدكتور کریستوفر سمول من مرصد
لامونت دوهرتي الأرضي بجامعة كولومبيا باليسادس – نيويورك.
يبحث الكتاب الأول و المعنون ب “التجارة والتقنية في شرق شبه الجزيرة العربية: رؤی جديدة مستندة على الدراسات الأثرية للخرز الحجرية” في موضوع التجارة والتقنية في عمان وبصورة أعم في شرق شبه الجزيرة العربية خلال الفترة الممتدة من الألفية الخامسة إلى الألفية الأولى قبل الميلاد.
وتركز الدراسة التي اجراها المؤلف جوناثان مارك كينوير بصورة رئيسية على إنتاج واستخدام الخرز الحجرية التي كانت تستخدم في التجارة المحلية أو مع الأقاليم الأخرى مثل بلوشستان ووادي السند وغوجرات في أقاليم باكستان الحديثة وغرب الهند.
كما تمت دراسة حرف يدوية أخرى مهمة من بينها إنتاج النحاس، والنحت على الحجر الناعم مثل الكلوريت والحجر الصابوني، لصنع الأواني والمحلي والأختام، والأعمال الصدفية لإنتاج صنارات صيد السمك، والأساور والخرز، وإنتاج المحترف المزجج والزجاج للخرز
والقلادات، وأنواع معينة من الفخار من إقليم وادي السند التي وجدت في عمان.
وجرى توثيق المجموعات الأثرية في عمان لتحديد مدى الاختلافات في القطع التي تم الانتهاء من إنتاجها ولتحديد ما إذا كان هناك أي دليل على تطور تقنيات محددة في عمان. وأجرى أيضا تحليلا مقارنا مع مواد منشورة من أقاليم أخرى لتحديد القطع التي تم الحصول عليها في عمان من خلال شبكات التجارة التي ربطت هذا الإقليم بوادي الرافدين وإيران ووادي السند ومصر والأناضول.
وتقدم النتيجة العامة لهذه الدراسة التي قام بها الدكتور جوناثان مارك كينوير فهما أشمل لأنواع التفاعلات التي كانت تجري بين المجتمعات في عمان والأقاليم المجاورة خلال فترات ما قبل التاريخ والفترات المبكرة من العصر الحديدي، وتؤكد النتائج الأولية لهذا البحث وجود العديد من التقنيات المتميزة محليا مثل صناعة الخرز من الحجر الناعم والأعمال الفنية بالأصداف وصهر النحاس وتصنيعه وإنتاج أنواع خاصة من الفخار.
وفي حين أن بعض هذه التقنيات تطورت على ما يبدو محليا في عمان وشبه الجزيرة العربية، وهناك دلائل على وجود تشابه في الأسلوب والتقنية للإنتاج الحرفي عبر بحر عمان في بلوشستان والسند، وباكستان، أو ربما حتی في ولاية غوجارات في الهند.
الجدير بالذكر ان المؤلف جوناثان مارك كينوير هو بروفيسور بقسم علم الإنسان، بجامعة ويسكونسون. يدرس علم الآثار والتكنولوجيا القديمة منذ عام ۱۹۸۰.
شغل منصب المدير الميداني والمدير المشارك في مشروع البحث الأثري بموقع هارابا منذ عام
- كما عمل الدكتور كينوير بالتنقيبات الأثرية والدراسات الإثنية الأثرية في كل من باكستان والهند، وأخيرا في سلطنة عمان. و لديه اهتمام خاص بالتقنيات والحرف القديمة، والتنظيم الاجتماعي الاقتصادي والسياسي. وعمل كزميل باحث في مركز السلطان قابوس للثقافة عام ۲۰۱۳.و هو مؤلف العديد من الكتب والمجلدات التي تم تحريرها عن آثار جنوب آسیا وحضارة السند.
اما الكتاب الاخر فهو “تطوير نموذج أولي لنظام رصد الغطاء الأرضي لرسم خارطة تغير الغطاء النباتي بجبال ظفار في سلطنة عمان” للدكتور کریستوفر سمول يهدف الى تطوير نظام رصد أولي لرسم خارطة تغير الغطاء الأرضي الناتج عن النشاطات البشرية في جبال ظفار. حيث تشير الأدلة المروية والمصادر المتعددة إلى أن هناك زيادة في رعي الحيوانات في جبال ظفار الواقعة في جنوب عمان حيث يتسبب الرعي الجائر في جبال ظفار بتهديد محتمل لسحابة الغابات الفريدة والأنظمة البيئية للسهل العشبي في الهضاب ولأعشاب المنحدرات الأرضية وكذلك لسبل معيشة الرعاة الجبليين.
وتعد الخسارة المحتملة للغطاء النباتي الجبلي بالغة الأهمية بشكل خاص لدور النباتات في الاستحواذ على الندى من الضباب کمکثف أثناء الخريف (الرياح الموسمية) حيث تهطل أغلب الأمطار وبما أن النباتات مسؤولة مباشرة عن تساقط المطر الذي يعتمد عليه النظام البيئي، فإن انحسار الغطاء النباتي يؤدي إلى الذي يولد المطر ويؤدي هذا بدوره إلى انحسار أكبر في الغطاء النباتي وإلى زيادة تناقص التكثف .
و لتطوير نظام الرصد، من الضروري أولا تأسيس قاعدة علمية رصينة للتمييز بين التغير الذي يسببه نشاط الإنسان (على سبيل المثال، تأثيرات الرعي والتطور والتأثيرات الطبيعية والتغييرات السنوية الحاصلة في موسم الخريف وزمن استمراره على مدار السنين، على سبيل المثال). لهذا السبب فإن أول خطوة في تطوير نظام الرصد تكمن في كشف حجم أو طبيعة التغيرات التي حصلت في الماضي وتحديد ما إذا كانت ناتجة عن النشاط البشري أو أنها نتيجة لعوامل طبيعية.
و هنا يبحث الكتاب في أين وإلى أي مدى تغيرت الغابات والمراعي في جبال ظفار منذ أوائل ثمانينات القرن العشرين؟ وعلى نحو خاص، ما هي نسبة التغير الملحوظ الناشئ عن الاتجاهات التدريجية عبر السنوات؟ وما نسبة ارتباط هذا التغير بالتقلبات الطبيعية من سنة لأخرى
يشار الى ان مؤلف الكتاب الدكتور كريستوفر سمول هو استاذ في الجيولوجيا الفيزيائية بمرصد لامونت دوهرتي بجامعة كولومبيا بمدينة اليسادس في ولاية نيويورك و حاصل على شهادة الدكتوراه من معهد سكريبس لعلوم المسطحات كما عمل باحثا في مركز السلطان قابوس للثقافة بواشنطن عام 2016 .
الجدير بالذكر ان مركز السلطان قابوس للثقافة في واشنطن يهدف إلى تعريف شعبي الولايات المتحدة الأمريكية وسلطنة عمان بثقافة البلدين وإلى تسهيل التبادل الثقافي بينهما.
كما يسعى المركز إلى تنمية الاحترام المتبادل والتفاهم بين شعبي البلدين ويسعى إلى تنشئة جيل جديد من المواطنين في كلا المجتمعين يمتلك معرفة وحسا ثقافيا.
و من خلال برامج متميزة ومحاضرات ومصادر تعليمية وشراكة ثقافية، ومن خلال المركز الثقافي البالغة مساحته 30 ألف قدم مربع في قلب مدينة واشنطن العاصمة، يتم عرض ثقافة عمان وتاريخها وتراثها للعاصمة الأمريكية وغيرها. ويمنح المركز زمالة بحثية سنوية لباحث أو لمجموعة من الباحثين مدتها سنة واحدة للقيام ببحث أكاديمي في سلطنة عمان، وقد قام الباحثون السابقون بدراسة التاريخ، وعلم الانسان، والآثار، والموسيقي الاثنية وعلم المحيطات.
وقد قام المركز خلال السنوات الأربع الماضية بطباعة وإصدار وتوزيع كتابين آخرين هما: “من مسقط إلى زنجبار: الإمبراطورية العالمية للسيد سعيد بن سلطان” في عام ۲۰۱۹م و “صناعة مجامر البخور المكعبة في أرض اللبان، سلطنة عمان” في عام ۲۰۱۹م.