فاس/المغرب- شؤون عمانية
حاورته: سارة نبيه
على هامش تكريمه ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان فاس للمسرح الارتجالي المنظمة ما بين 20 و 24 فبراير 2020 بمدينة فاس، أجرت صحيفة ” شؤون عمانية ” حوارا خاصا مع الفنان المسرحي العماني سعيد السيابي، تناول فيه مجموعة من القضايا المرتبطة براهنية ومستقبل المسرح العربي وآفاق الاشتغال المشترك.
● شؤون عمانية : نرحب بكم (أستاذ سعيد السيابي) في بلدكم الثاني المغرب، ونتمنى لكم طيب المقام بين ظُهرانينا .. بداية ماذا تعني لكم رمزية التكريم في مدينة فاس؟
● سعيد السيابي : أولا اشكرك على حفاوة الترحيب .. صراحة وجودي في مدينة فاس برمزيتها التاريخية ,اصالتها وعراقتها وإشعاعها الثقافي / العلمي، هو في حد ذاته تكريم لشخصي المتواضع، وهو فخر مزدوج أن يتم تكريم شخصية عمانية على أرض هذه المدينة ، إنه فخر لكل الشباب العمانيين ومبعث أعتزاز وسعادة لا توصف، خاصة وأنها المرة الثانية التي يتم فيها تكريمي على أرض المملكة المغربية الشقيقة،
● شؤون عمانية : اللقاء بالجمهور المغربي، والإطلاع على أداء بعض الفرق المسرحية المغربية، هل قربكم من ملامسة بعض المشتركات بين التجربتين المغربية والعمانية على هذ المستوى؟
● سعيد السيابي: المسرح بالمحصلة هو نتاج ثقافة معينة، وعندما نقيس حجم التشابه والمشتركات بين الثقافتين المغربية والعمانية، سندرك بسهولة أن حضور الثقافتين في مسرح البلدين يؤشر بالضرورة على وجود مشتركات، خاصة على مستوى التيمات والقضايا الاجتماعية ورؤية المعالجة الفنية لها، المتلقي العماني والمتلقي المغربي صارا قادرين على تفكيك شيفرات الأعمال المسرحية هنا وهناك، شاركنا بعروض مسرحية في المغرب وشاركنا المغاربة عروضهم في عمان وغالبا ما نلمس التفاعل اليسير للجمهور مع العروض، هناك تواصل ضمني بين الثقافات.
● شؤون عمانية : ما تقييمكم للفن المسرحي بالمغرب قياسا إلى نظيره الخليجي والعماني بالتحديد؟
● سعيد السيابي : ربما لا يتسع هامش الحوار لإجراء تقييم موضوعي وأكاديمي رصين لمستوى التطور الذي بلغه المسرح المغربي، لكن الثابت أن الممارسة المسرحية في المغرب جد متقدمة قياسا إلى نظيرته في الخليج أو عمان، وسنكتفي للتدليل على ذلك بقياس الجانب الكمي فقط، في المغرب هناك دينامية متواصلة على مستوى الإنتاج المسرحي يعكسها العدد المتزايد للمهرجانات المرتبطة بالمسرح ومسرح والطفل، وعدد الفرق والجمعيات ذات الصلة بالعمل المسرحي، بالمحصلة هناك تراكم نوعي لم تصله بعد التجربة العمانية والخليجية.
● شؤون عمانية : كيف تنظرون إلى مستقبل المسرح العربي في ضوء أزمة الجمهور الذي مارست عليه التكنولوجيا الحديثة غوايتها وأبعدته تقريبا عن كل حقول الثقافة الكلاسيكية؟
● سعيد السيابي : بخصوص المستقبل، أنا متفائل، والمسرح العربي بخير ومازال ينبض بالحياة .. الثورة في مجال تكنولوجيا الاتصال لها نصف كأسها الممتلئ، وهو ما يجب أن نركز عليه وننظر إليه، كيف نستثمر وسائط الاتصال الجديدة في الترويج للمسرح ومده بنفس جديد، هذا هو التحدي والرهان، والعالم الافتراضي رغم علاته له إيجابيات على مستوى تسهيل التسويق والتواصل وتبادل الخبرات والمعلومات والأبحاث … وهي أمور قد تخدم المسرح العربي وتوسع قاعدة جمهوره لو أحسنا التعامل معها.
● شؤون عمانية : إلى أي حد تعتقدون بقدرة المسرح على خلق مسافة للحوار والتقارب بين الشعوب العربية وبين الثقافات بصفة عامة؟
● سعيد السيابي: مسافة الحوار والتقارب بين الشعوب العربية موجود أصلا وقائمة بقوة الانتماء المشترك ولم ولن تنقطع قط، ما يحدث هو أن بعض الخلافات السياسية بين الدول توحي بنوع من الفُرقة الفوقية، لكنها خلافات مصالح وأجندات لا تفسد للود قضية، والمسرح والمسرحيين براء منها وغير معنيين بها، نحن نحضر للمهرجانات المختلفة في هذا البلد العربي أو ذاك، آخر ما يمكن أن يتداول فيه المسرحيون أو يحملوه معهم هو القضايا الخلافية ذات الخلفيات السياسية، نتحدث لغة المسرح فقط لأن الفن مستقل بذاته عن الأجندات الضيقة، لذلك أؤكد لك أن المسرح وحد ما فرقته السياسة.
● شؤون عمانية : قبل أيام كانت للسلطنة مشاركة رمزية لكن جد غنية في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، واليوم فاس تحتفل برمز من رموز المسرح العماني، ألا تتفق معي بأن السلطنة تبصم على حضور ناعم في المخيال الجمعي المغربي يعكس صورة مغايرة وجد مشرقة عن منطقة الخليج العربي؟
● سعيد السيابي : منطقة الخليج زاخرة بالطاقات الإبداعية والتي تعطي صورة جد مشرفة عن بلدانها، وأي استثناء في هذه المعادلة أكيد سيعكس سلوكا فرديا بعيدا عن المنظومة القيمية الخليجية بكل حمولاتها الثقافية والأخلاقية والفكرية .. نحن في عمان وأي عماني يعتبر نفسه سفيرا لثقافة بلده، وحضورنا بهذا الوعي وهذا الثقل الثقافي في المغرب، أكسبنا الكثير من الاحترام، هناك مشاركات ثقافية متنوعة للسلطنة في الفعاليات الثقافية التي تنظم في المغرب وهو شئ نفخر به ونسعى إلى تعزيزه وتدعيمه، لأن أجمل ما يمكن أن يستحضرك به الآخر في وعيه الجمعي هو أن يستحضرك كفكر وثقافة ووعي، إذ ذاك يتحقق الشرط الإنساني فيك.
● شؤون عمانية : هل نأمل أن يكون حضوركم اليوم بيننا مدخلا لتعزيز العمل الثقافي المشترك ومنحه أفقا أكثر رحابة واتساعا؟
● سعيد السيابي: حضوري اليوم في مهرجان فاس ليس منفصلا في الزمان والمكان.. أكيد له ما قبله وله ما بعده، هناك شراكة بين فرقة مزون وجمعيتي الشروق في فاس وأقواس ببركان، وهناك اشتغال مشترك سابق في عمان وفي المغرب كما أن هناك رزنامة حافلة للعمل المستقبلي المشترك ونتمنى أن تمتد تجربة المسرح لتشمل مجالات ثقافية وإبداعية أخرى تكون مجالا مشتركا لتعميق التعاون والخبرات بين السلطنة والمملكة.