محمد المبارك خالد التيرابي
درج البعض على أن يُنحوا باللائمة في بعض الأمور -جزافًا- على المسئولين فقط وينسَوْن أنفسهم -أحيانًا- بأنهم شركاء في الإثم والإخفاق على نحوٍ من الأنحاء بعدم قابليتهم نفسياً للتجاوب والتحوُّل نحو الأفضل حيث يظلون ساخطين ناقمين في تعجُّلٍ وتعميم من غير إدراك لمدى دورهم المباشر وغير المباشر في ذلك؟!
فهنالك شعوب لديها الاستعداد المفطور للمشاركة والإنصياع لمنطق العقل في هدوءٍ بغية اقتناء ثمرات الجهود الطيبة -ولو بعد حين- بعيدًا عن عوائق المقاتل الموروثة والمستحدثة جهلًا وتخبطًا التي أصابت بعض القوم وحجَّمتهم وهمَّشتهم مقارنًة بغيرهم من السبَّاقين عشاق الإنجاز والإثمار المشهود!!!
فالتحرر من العادات السيئة مثلاً لا يتأتى بتوصيات سياسية أو دراسات أكاديمية محضَّة وإنما يتحقق أولًا بالقناعة والرغبة المُلِحَّة من الداخل في التغيير حتى لا يصاب القوم بالشلل التام واليأس المُفضي للتدمير وبالتالي يتعذر التوق إلى السعي الحثيث إلى معانقة العلياء والسؤدد.
يقول الله تعالى :
“إن الله لا يُغير ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم” صدق الله العظيم .
إن أمر التغيير يتطلب دراسة متأنية وبحوثًا ضافية ابتداءً ، لتغوص في أعماق النفس الإنسانية -كلُّ حالةٍ على حِدة- بحيث يسهل تشخيص العلل ومعالجتها مرحليًّا وهو أمر يتعذر على القوم القُنَّع الذين لا خير فيهم، بعدما ارتضَوْا الجمود والتراجع منهاجًا وأسلوب حياة!!! أولئك الذين تزعجهم المواجهة بالحقائق أيما إزعاج، فيؤثرون الانزواء والانطواء… بمعنى آخر يؤثرون “السلامة” العاجلة وإن أدى ذلك بهم إلى ارتياد المهالك يومًا -قريبًا- ما !!!
في أحد الاجتماعات الصاخبة في إحدى الدول هالَني وراعَني تعنُّت البعض انتصارًا لحظوظهم النفسية، وإعجاب كل ذي رأيٍ منهم برأيه، وجراءة تسفيه وتهميش آراء غيرهم وإن كانت علمية ومنطقية وذلك لمجرد الاختلاف معهم في الانتماء الحزبي والمذهبي، وكأنما هم في منافسة رياضية!!! فكل حزبٍ بما لديهم فرِحون، والغريب أن معظم أولئك لم يؤتوا نصيبًا من التحصيل العلمي والخبراتي، إذ يبدو ذلك على ركاكة ألسنتهم وطرائق تفكيرهم المحدودة سبكًا وتقديمًا!!!
أولئك همُ المُعطِّلون والمعطَّلون، المُستهلِكون والمستهلَكون، الغائبون والمُغيَّبون، الذين يقفون حجر عثْرة -بحسن نية أحياناً- أمام أسباب التقدم والترفيع ويحسبون جازمين أنهم يُحسنون صنعاً!!!
ذكر لي أحد الخبراء الثقات في إحدى الدول العربية أن تفنيد أراء أولئك أو مجرد إقناعهم بعدم جدوى ما عندهم يغدو أمرًا مستحيلًا، لأنهم في وادٍ وغيرهم في وادٍ آخر، وقد يُجهِضون -كلمحٍ بالبصر- جهد عملٍ مُضنٍ استغرق من القوم وقتًا كبيرًا… وذلك باسم حرية الرأي والتعبير والتنظير وإن بدا هذا في غير موضعه وركائز استحقاقه!!!
إذن لابد من مكاشفة عامة ومراجعة منصفة بمنأىً عن التحامل والإسراف الذي يتصف به الكثير، من غير تثبُّتٍ وتسلحٍ بالإغناء المعرفي والتروِّي العقلاني إقناعًا وإبداعًا!!!
* خبير استشاري في التدريب الإعلامي، والتطويري الذاتي والمؤسسي
taheel22@gmail.com