بقلم : نجمة البلوشية
٢٠٢٠م استقبلناك بالود وقلوب فرحة بعامها الجديد ، كيف لا ؟ وقد كانت الحادي والثلاثون من ديسمبر لعام ألفين وتسعة عشر الميلادي ختامها مسك ، دوّن التاريخ العماني صفحة جديدة ، لم تكن مخططة من قبل ، حين تعاظمت نعمة الله على الشعب العماني ؛ بعافية قائدها وباني نهضتها جلالة السلطان قابوس بن سعيد (رحمة الله عليه ) وما هي إلا لحظات ، أرتفعت أكف الأبتهال والدعاء، وألسنة تلهج بالحمد والثناء، وأفئدة تنبض من جديد وتتنفس الصعداء ، لحظات سعادة وشوق و ولاء، تحتفل بها عُمان من أقصاها إلى أقصاها بعودة السلام والأمان للوطن ، دموع الفرح الفجائية الصادقة والنابعة من القلب لا من أسارير الوجه ،الغير متهيئة لهذا اليوم الذي أبتهج فيه الصغير قبل الكبير ، تراقصنا فرحا ، وطربا ، سمع العالم هتاف قلوبنا قبل أصواتنا وصيحاتنا ،وأوقد فينا العزيمة والإصرار من أجل الكفاح لهذا الوطن ، هذا الخبر التاريخي الذي سيبقى يتناقله أجيالنا على مر الأزمان ، حيث لم يكن بيانا عاديا ،بل كان سقيا لأرواحنا .
٢٠٢٠ م ماذا فعلت بك عمان لكي تعصرها ألمًا ، فقد حملت في أحشائك فجرا حالكا ،متزاحما بعبرات الموجوعين ، فجرا ليس كعادته ، منيرًا بهياً، عطراً شجياً،حيث الإعلان عن بدء يوم جديد ، ينفض ما قبله ،لكنه الإعلان عن بدء يوم شاحب حيث الشروق وكأنه الغروب ، قطرات الندى على الورود فقدت بهجتها ؛ باكية بدموعها المتساقطة على ثرى بلادها ، الخيوط الذهبية التي كنا ننتظرها كل صباح ، تحولت إلى مخالب ، نزعت فرحة كل بيت عماني برحيل سلطان القلوب.
شعور مخيف ومحزن ومبكٍ ،يخالطه الرضا بالقدر ، والإيمان بالحقيقة العظمى والفاجعة الكبرى فما كان منا إلا أن نقول :
إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ”
ننطقها بوجه عبوس ، وقلب مكلوم ، لكنها تزيدنا قوة وصبرا .
٢٠٢٠م رغم الفجر الحالك ،إلا أن وصية جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم(رحمة الله عليه) التي يدعونا فيها تلبية ندائه بمعاهدة ومبايعة سلطاننا الجديد هيثم بن طارق (حفظه الله ورعاه )،قد أعاد لنا شروق الشمس ، فنداؤك أوقظ فينا العزيمة لبناء صرح الوحدة الوطنية معا.
نعاهدك يا أبي ، فكما نفضت تراب وطنك من كل ما يشوبه ؛ لبناء نهضة مجيدة ،بعقل مستنير وتفاؤل ويقين ، وعدم الألتفاف للعوائق ، سنمشي على عهدك ، سنعمل ليل نهار لرسم مستقبل الوطن مثلما فعلت ، ولا ننسى قولك :*”أيها الشعب الكريم ، سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل، وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب*”
سنعمل بأسرع ما يمكن ، فسمعا وطاعة يا مولاي.
٢٠٢٠م ها أنا ذا أكتب كلماتي بعد أن خانني القلم أياما ،أكتب سطوري ، والكلمات متبعثرة على أوراقي ، ولا أعلم أقلمي هو من كتب أم عبراتي ، أخرجت أحاسيسي المشبوبة في داخلي ، دموعنا لم تجف على رحيل الأب الحنون ،ستتساقط من غيوم العيون وتعيد الحياة ، دموعنا ليست هشة ، هي أشواقنا وأسرارنا ومصدر قوتنا ، منها نبني بواخر نعبر خلالها المحيطات ونجوب العالم ، بها نضع نصب أعيننا على أهدافنا، ومنها نحقق أحلامنا .
في حفظ الله وأمانته ورعايته ،يا من أخذتنا من جوف الظلام إلى عباب السماوات والنور ، حكمت فعدلت فأحبتك القلوب.
*١٣/يناير /٢٠٢٠م*
*كاتبة ومعلمة لغة العربية