شؤون عمانية: استضافت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء مساء أمس الأول، بمقرها بمرتفعات المطار، الأديب والكاتب أحمد الفلاحي في جلسة مفتوحة حملت عنوان (المجتمع المدني الواقع والمأمول).
الجلسة التي أدارها الكاتب سليمان المعمري، وحضرها عددا من الكتاب والأدباء، أجادت بتفاصيل عميقة تتعلق بواقع المجتمع المدني في عُمان منذ القدم، وهنا أشار الأديب الفلاحي إلى تعريف المجتمع المدني الذي يراه متمثلا في الحراك اليومي والتفاعل المستمر بين الإنسان وتفاصيل مجتمعه التي دائما ما تشكل حراكه والنتائج المرتبة على هذا الحراك، ففي عمان ومنذ فترات بعيدة كانت أسس المجتمع المدني حاضرة حسب قول الأديب أحمد الفلاحي ويتجلى ذلك على سبيل المثال في (السبلة العمانية ـ بناء الأفلاج والسدود ـ تسوير المقابر ـ إنشاء المساجد ـ تقسيم وتوزيع المياه ـ الأوقاف)، وغيرها الكثير، كل ذلك يعطي مؤشرا واضحا على بيان تفاعل المجتمع المدني. وفيما يتعلق بالأوقاف أوضح الأديب الفلاحي أن هذا الأمر مر بمراحل إيجابية متطورة وأنعكس بشكل ملموس على حياة الناس، خاصة وإن بعد فترة من الزمن سُنّت القوانين والتشريعات التي تنظم هذا الجانب.
ثم أنتقل الفلاحي ليتحدث عن واقع المجتمع المدني في عصر النهضة المباركة، والذي تجسد في جميعات المرأة العمانية والتي أصبحت اليوم في كل ولاية من ولايات السلطنة، تعمل على تحقيق مقتضيات المرأة وتوجهاتها وتصقل الحراك المجتمعي في صور شتى، فالبدايات كانت من العاصمة مسقط، ثم انطلقت لتشمل المحافظات الأخرى، وهذه الجمعيات كانت محل ترحاب من قبل المتفاعلين معها وتطورت شيئاً فشيء في المستقبل خاصة إنها لم تؤطر بقوانين كثيرة ومعقدة حسب قوله. كما تشكل المجتمع المدني أيضا بعد ذلك ليكون ضمن إطار الأندية التي تسارع نموها في السلطنة، وهذا يعود إلى هذا للشغف الكبير والتعلق بـ(كرة القدم) حسب قوله، فهناك أندية في ولاية صور وبعض ولايات محافظة الباطة ومحافظة ظفار تأسست في الخارج بسبب وجود العمانيين في دول عربية يعود لإرتباطهم بالعمل، وهذا أنعكس بشكل إيجابي على واقع المجتمع المدني خاصة وإن هناك توجه من الحكومة بدعم هذه الأندية والإشتغال على تفعيل أنشطتها الثقافية والرياضية والإجتماعية، لكن في الوقت ذاته واجهت بعض أندية أخرى في السلطنة إشكاليات كبيرة في إشهارها وتفعيل أنشطتها، وهذا يعود لإعتقاد سائد في البدايات لدى البعض وخاصة وجهاء وأعيان بعض الولايات إنها أندية تأتي بالمفسدة، وهي مُضرة حسب قولهم. بعد ذلك تطور الأمر فيما يتعلق بواقع المجتمع المدني حسب رأي الأديب أحمد الفلاحي لتظهر الجمعيات المهنية كجمعية المهندسين على سبيل المثال وغيرها من هذه الجمعيات التي صدرت بشأنها قوانين تنظم سير عملها.
ثم توجه الأديب الفلاحي ليتحدث عن تاريخ الجمعية العمانية للكتاب والأدباء والذي أثنى على تطورها منذ تأسيسها عام 2006م، وما تقوم به من أعمال وبرامج كإقامة للفعاليات والبرامج المتعددة إضافة إلى طباعة الإصدارات الأدبية والفكرية والعمل على تسويق الكاتب العماني من خلال الفعاليات الثقافية المحلية والخارجية، وأشار الفلاحي أن فكرة إقامة هذه الجمعية قد طرحت من خلال قنوات عديدة في السبعينيات ولكن بكل أسف مرت بظروف كثيرة أجلت إشهارها على الرغم من العلاقة المتواصلة والإيجابية بين المثقف العماني وبين المسؤولين والقائمين على الواقع الثقافي في السلطنة.
وأكد الفلاحي أن مثل هذه الجمعيات توجد حراكا كبيرا ومؤثرا في بعض الدول الأخرى، وتعمل على صقل الأفكار والأعمال التي دائما ما تدعم التوجهات التي تصب في مصلحة المؤسسات وتفعل حضورها، ومع التقدم الذي نراه حولنا أصبحت هذه الجمعيات تدفع بالوعي لدى عموم الناس وتؤكد على نضج أفكارهم وتساهم في طرح توجهاتهم وقضاياهم وهي بلا شك أمر مساعد للمؤسسات الرسمية المعنية بهذا المجتمع. فالجمعيات حسب قول الأديب الفلاحي هي واقع للإصلاح وله نتائجه الملموسة التي تنعكس ولو بعد حين على ثقافة المجتمع، بعيدا عن الصراخ وإصدار البيانات التي تتعارض في أحيان كثيرة مع القوانين والأسس المعمول بها في الدولة. وأستنكر الفلاحي الطريقة المتبعة في عمل بعض جمعيات المجتمع المدني في السلطنة والتي يرى أعضاء مجلس إدارتها أو منتسبوها بإنها ملك شخصي لهم وكإنها (شركات خاصة) لا يسمح للغير التفاعل معها أو الدخول إلى إليها إلا بشروطهم التي يرونها مناسبة لهم، وهذا الأمر أوجد نوعا من عدم الاستقرار والرضاء والتنافر من قبل الكثير من المتفاعلين معها، والنتائج السلبية خير دليل على ذلك.
وفي نهاية الجلسة فتح باب النقاش مع الأديب أحمد الفلاحي، وتركز هذا النقاش على سير عمل جمعيات المجتمع المدني في السلطنة وعلاقة الإنسان العماني بمجتمعه والأعمال التي تنظم هذا الواقع المجتمعي.