حمود بن علي الطوقي
في مقطع فيديو خلال حوار شفاف وصريح وبليغ لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله وعافاه- وصف فيه علاقته بشعبه الكريم، راسما ملامحها من واقع كونها بلدا للجميع، وأرى أنه من المهم أن نذكر نفسنا بهذه الكلمات الصادقة النابعة من مشاعر قائد حمّل نفسه وحكومته العمل بإخلاص من أجل عمان لتكون بلد الأمن والأمان.
وأريد في هذا المقال أن أذكر الجميع بما قاله جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- في تلك الجلسة الأبوية:
«مهم أن نكون جميعنا يدا واحدة من أجل بناء هذا الوطن، كنا وما زلنا ويجب أن نستمر أكثر وأكثر وأكثر، وعلى المسؤولين -الحاضر والغائب- أن يسمعوا ويقوموا بواجبهم، وهذا شيء مهم والكل يعلم، أنا شخصيا والحكومة كل ما نريده هو مصلحة هذا البلد».
تميز هذا الخطاب الأبوي المباشر ببساطته وعدم تكلفه، وهذا كرم من مكارم جلالة السلطان للمواطن العماني طوال الخمس عقود الماضية.
كلنا -كمواطنين- نعلم يقينا أن خطاب جلالته للمواطن يكون مباشرا وصادقا وخاليا من التعقيدات، خطاب ناتج عن علاقة جلالته بالتربة العمانية، فهي علاقة صدق ومحبة بين الجميع في عمان باعتبارها واحة للأمن وبؤرة للسلام.
نحن كشعب عماني عشنا وما زلنا نعيش في كنف القيادة الرشيدة، نعلم يقينا ما تحقق في بلادنا على مدار الخمس عقود الماضية من إنجازات في شتى مجالات الحياة، ولعل ما يميزنا عن غيرنا من باقي الشعوب هي السياسة الحكيمة التي ينتهجها المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -رعاه الله.
إن السلام سمة تتجاوز المستوى التنظيري، وخاصة على مستوى السياسة الخارجية، والصلات الجوارية مع الدول الشقيقة والصديقة، والالتزام بالأعراف والشرائع الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول، وهذا جعل من العاصمة مسقط محط الأنظار، خاصة في ظل سياسة النأي بالسلطنة وشعبها وإعلامها عن التدخل في شؤون الآخرين.
هذه المناخات المتعددة تشير إلى حقيقة راسخة، أثبتتها عقود من السياسة العمانية، التي أرسى دعائمها عاهل البلاد المفدى، وهي انعكاسات الإيمان بالسلام والعمل به والسعي نحوه، وإشاعته في مختلف المواقف، وهذا واضح في نهج السياسة العمانية الخارجية، التي جنّبت السلطنة الدخول في صراعات وتحزبات وطروحات وخطابات لا تسمن ولا تغني من جوع، الأمر الذي جعل بلادنا -التي وهبها الله سلطانا حكيما وقائدا عظيما وأبا حنونا- محجّا سياسيا واقتصاديا، وجعلها لاعبا إقليميا إيجابيا ومؤثرا في الرؤية العميقة للسلام على المستويين الإقليمي والدولي.
مهم أن نكون جميعنا يدا واحدة من أجل بناء هذا الوطن، ويجب أن نذكر أنفسنا وأبناءنا ونحن نستقبل العقد الخامس من النهضة العمانية بما تحقق وما سيتحقق خلال العقود القادمة من إنجازات رسمها جلالة السلطان منذ اليوم الأول من توليه مقاليد الحكم عندما قال كلمته المشهورة: «سأعمل بأسرع ما يمكن لأجعلكم تعيشون سعداء».
نعم مولاي المعظم تحققت للمواطن العماني ما تمنيت، فأنتم من صنعتم لهذا الوطن المجد والوضوح والعمق والمصداقية.
ويتجلى «الوضوح» في رؤيتكم الثاقبة كوضوح الشمس في كبد السماء، وأما «العمق» فكلما كانت عميقة كان عالمها خصبا ومركبا ومتشابكا ولا يعوزها القصور في توصيل ما نريد.
وهنا تأتي «المصداقية» في الانسجام والتناغم والمطابقة بين ما كان وما سيكون، ويحضرني هنا خطاب جلالتكم في مجلس عمان وأنتم تضيئون شمعة عمان بمناسبة العيد الوطني الثامن والثلاثين المجيد عندما قلتم: «هكذا بدأنا وهكذا نحن الآن وسوف نظل».
تلكم يا مولاي هي الفواصل العمانية المفعمة بالرمزية التي تفيض بها عمان في تاريخها الحديث.
مولاي المعظم، نقول ونحن نستشرف العقد الخامس من حكمكم العادل، إن رؤيتكم لهذا الشعب الوفي كانت واضحة واستقبلها المواطن بحب وصدق وشغف، إنها الرؤية ذات النظرة الشمولية في غرس الانتماء والولاء في نفوس الأجيال الصاعدة .
سنظل يا سلطان القلوب نرفع الأكف وندعو الله ليلا ونهارا بأن يلبسكم ثوب الصحة والعافية وأن يحفظكم لشعبكم الوفي وللأمة جمعاء، إنه سميع مجيب.
واشنطن/ ٢٧/ ديسمبر ٢٠١٩