حذام بنت سعود الرحبية
على صخرة عالية في شواطئ محافظة مسندم، كان يعيش طائر نورس اسمه «المتفائل»، يمضي مع رفاقه كل صباح في رحلة بحرية، يحلق خلالها تارة في ارتفاعات عالية، ليرى المناظر الآسرة لمحافظة مسندم من الأعلى، حيث الجبال الساكنة والخلجان الهادئة، يرى الصيادين وهم مع مطلع الفجر يشقّون عباب البحر بقواربهم ويبحثون عن أرزاق البحر ليكسبون منها معيشتهم في هناء وسلام.
وتارة أخرى يحلق «المتفائل» في ارتفاعات منخفضة ليختار طعامه من أسماك «مسندم» اللذيذة، ثم يعود في المساء مع أسراب النوارس العمانية إلى البيوت الصخرية ومعه الطعام من قطع السمك ليطعم صغاره.
وفجأة!!
ذات يوم، وبينما «المتفائل» يمضي في رحلته المعتادة في الصباح، حلق عاليًا ليمارس هوايته الاستكشافية للمنطقة ويستقبل نسمات صباح جديد في الأفق، هبت ريح عاصفة، وبدأت الأمواج ترتفع وتلطم الصخر بقوة.
السماء ملبدة بالغيوم الداكنة، احتجبت الشمس، «المتفائل» اضطرب توازنه في الطيران، وجرفه تيّار الهواء الغاضب إلى مكان بعيد جد.
وجد «المتفائل» نفسه على جزيرة لا يعرفها، وفي مكان يتحدث قومه بلغة لم يعهدها.
دبَّ الحزن في قلب طائر النورس، كيف له أن يعيش بعيدا عن وطنه عمان، وهواء عمان، وعائلته من نوارس عمان؟ كيف له أن يشعر بالأمان وهو ناءٍ عن شواطئ السلطنة؟! أسئلة كانت تؤرق «المتفائل».
اجتمع رفاق «المتفائل» في المساء ولكنه لم يكن بينهم هذه المرة! فقرروا تشكيل فريق للبحث عنه في كل مكان، وفريق آخر يهتم برعاية صغار «المتفائل» ويقدم لهم الطعام، ويحرسهم من الحيوانات المفترسة والطيور الجارحة.
اجتمع فريق البحث ووضعوا خريطة السلطنة أمامهم وحددوا شواطئ محافظة مسندم وأعدوا خطة تتضمن نطاق البحث عن المتفائل.
واصل الفريق مهمته في البحث طوال المساء حتى داهمهم الليل دون جدوى، ورغم التعب ظلت همتهم عالية وأملهم في العثور على صديقهم حاضرة.
وحين بزغ الفجر، تهادت أصوات سرب نوارس آتية من بعيد، تجاه شواطئ مسندم، حلّق فريق البحث نحوهم، اقترب السرب وتعالت أغنياتهم البحرية.. إنهم نوارس من ولاية صحار.
بادل فريق البحث سرب ولاية صحار الأغنيات الترحيبية، وخرج المتفائل من وسط السرب تجاه رفاقه وعانقهم.
عم الفرح والابتهاج وتعالت الأصوات بالأغنيات السعيدة، وقرروا إقامة احتفالية على شواطئ خصب ترحيبا بأشقائهم من ولاية صحار اللذين أنقذوا «المتفائل».
تبادلوا الهدايا وختموا الحفل بهتاف واحد تردد صداه في جبال مسندم: «يا حي ياقيوم احفظ لنا عمان أبية تدوم وبالعلا تزان».
* طالبة بمدرسة جوهرة مسقط.