حمود بن علي الطوقي
أطل عليكم بمقالي اليوم من العاصمة واشنطن حيث الحدث الأبرز المتداول هنا هو اكتشاف الشعب الأمريكي حقيقة أن مكتشف أمريكا ليس هو كولومبس كما كان يظن الشعب الأمريكي طوال هذه السنوات ، هذه الحقيقة التي سوف تغير المجرى لتؤكد مكانة المسلمين على مدار التاريخ ، حقيقة وصلت للشعب الأمريكي وبعد التيقن من مصادر موثوقة على ضوءها أصدرت السلطات الامريكية الرسمية قرارا بإزالة تمثال كولمبوس الذي كان شامخا طوال هذه السنوات في منتزه جراند بارك بمدينة لوس انجلوس واحتفل السكان الاصليين بهذا القرار معتبرين أن كولومبس ليس هو الشخص الذي اكتشف الاراضي الأمريكية وأنه مجرد قرصان ، ومجرم حرب . مارس الظلم القتل ضد السكان الأصليين ، وقد تظاهر العشرات مطالبين بازالة التمثال معتبرين أنه يمثل مصدر شؤم كون كولومبس هو من تسبب بمجازر و عبودية و فصل عنصري ولا يستحق أن يظل تمثاله شامخا ولابد من إزالته وتبيين حقيقته يتعرف عليه الشعب الأمريكي .
حادثة ازالة تمثال كولومبس أعادت بي إلى ذكريات عام ٢٠٠٩ عندما زرت الولايات المتحدة الامريكية بدعوة من وزارة الخارجية الأمريكية ضمن برنامج ادوارد مورو حيث من مصادف الفرص أن يشارك في هذا البرنامح ما يقارب من ١٥٠ صحفيا من مختلف دول العالم ومن بينهم نحو ٢٢ صحفيا من مختلف الدول العربية ، استحضرت النقاش الذي دار في بهو فندق الماريوت بواشنطن وأنا أتابع مقطع إزالة هذا التمثال الذي يبلغ طوله ستة امتار اذكر جيدا احد الزملاء الصحفيين أطلق مفاجأة من العيار الثقيل عن حقيقة اكتشاف الولايات المتحدة الامريكية بأن هناك جهلاً لدى الأوساط الامريكية عن مكتشف امريكا وأن كولومبس ليس هو مكتشف أمريكا؛ بل أجدادنا من المسلمين كما قال المسعودي، وصلوا الى هذا الاراضي قبل عام٨٨٩م.
صديقنا الصحفي والمولع بحب التاريخ قال أن من اكتشف أمريكا هم أجدادنا من البحارة العمانيين وليس كريستوفر كولوبس كما هو معلوم وموثوق لدى الجميع . دافع هذا الزميل عن رأيه وقال أنه من الصعب على أي أحد منكم أن يصدق هذا الادعاء فالولايات المتحدة الامريكية وكما تعلمنا في كتب الجغرافيا والتاريخ اكتشفت بواسطة كولوبس، حتى العمانيون انفسهم لم يقدموا للتاريخ حقيقة اكتشاف امريكا، وهل تمت بواسطة البحارة العمانيين أم غيرهم .
نقاش طُرح وتفاعل معه جميع الحضور الا ان معظم الآراء والمداخلات كانت تستنكر هذا الادعاء الذي أطلقه صاحبنا الصحفي حول حقيقة اكتشاف امريكا وظل يدافع عن موقفه مسترشدا في دراسة بحثية جديدة مدعومة بالأدلة التاريخية الموثقة. وكوني العماني الوحيد فقد تم الاستئناس طبعا برأيي وقلت ما قلت عن بلادي وجهودها وشهرتها الواسعة في مجال الملاحة ودور العمانيين في اكتشاف طريق الحرير ونفوذهم الواضح في الملاحة البحرية، حيث كانت الامبراطورية العمانية الأشهر قبل قيام الولايات المتحدة الأمريكية .
الحديث أخذ منحى آخر عندما أخذ بعض الزملاء يتفاعلون مع الموضوع وأكدوا أنه ليس بمستحيل أن يكون العمانيين من اكتشفوا امريكا، فالرحالة فاسكودي جاما وصل إلى الهند بمساعدة البحارة العمانيين، وكان العمانيون يبحرون في كل مكان وقد وصلوا الى الهند والسند وكانت الامبراطورية العمانية في افريقيا الاشهر والاقوى، فليس بعجيب او غريب أن يكونوا البحارة العمانيون من أكتشفوا تمريكا .
صديقنا استند في طرحه بدليل قدمه الباحث والتكاديمي التونسي الدكتور محمد الجويلي حيث أشار في دراسته إلى الجدل الذي انطلق في أواخر القرن الماضي بالولايات المتحدة الأمريكية حول اكتشاف القارة الأمريكية بمناسبة مرور خمسمائة سنة على ذلك، حيث ذهب البعض إلى أن كريستوفر كولومبس ما كان باستطاعته أن يكتشف القارة الأمريكية لولا خرائط الملاحين العمانيين الذين تركوها بخزانة قرطبة وعثر عليها هناك بعد سقوط الأندلس سنة 1492 ميلاديا.
وقدم الدكتور الجويلي معلومات مهمة حول هذا الاكتشاف محور الجدل حيث ذهب إلى أبعد من ذلك بالقول أنّ الملاحين العرب العمانيين انطلاقا من الأندلس قد وطأت أقدامهم أرض أمريكا قبل كولومبس بكثير وإلاّ لما كان بإمكانهم رسم الخرائط التي بإمكانها أن تهديه إلى القارة الجديدة لكنهم على ما يبدو لم يعيروا هذه الأرض الجديدة أيّ اهتمام.
وأضاف : أن كلّ الدلائل تشير أنّ الخليج هو بحق مهد الملاحة البحرية في العالم حيث بدأ الإنسان منذ أربعة ألاف السنين قبل الميلاد يحاول اقتحام البحر وترويضه وتطويعه لإرادته. وكان العمانيون منذ هذه الفترة يسكنون المنطقة التي أطلق عليها السومريون تسمية مجان وساهموا من هذا الموقع في دفع الملاحة البحرية إلى أرقى درجات تطورها وأقاموا علاقات منتظمة مع شعوب بعيدة لا يصلهم بها إلاّ البحر.
ويذكر المسعودي صاحب “مروج الذهب” الذي شارك الملاحين العمانيين في بعض رحلاتهم التجارية في أقاصي الشرق أنّ السفن العمانية كانت ترتاد بحار الصين والهند والسند وأفريقيا الشرقية واليمن والبحر الأحمر والحبشة ويذهب إلى أنّ الملاحين العمانيين هم الذين أبدعوا القصص والحكايات التي تولّدت عنها قصص السندباد البحري الشهيرة التي أصبحت الآن جزء من التراث العالمي.
حقيقة الامر هذا الموضوع المثير للجدل والنقاش يعتبر من الامور المهمة على الأقل بالنسبة إلينا نحن العمانيون نود ان نعرف حقيقة هذه الدراسة التي قدمها الباحث والاكاديمي التونسي.
هنا أقول في ختام هذا المقال يجب على الجهات المعنية والمهتمة ون تبحث عن المزيد فهناك جهود عمانية يشار اليها بالبنان فالتاريخ يشهد للوجود العُماني في الصين والسند وشرق افريقيا وإندونيسيا وحتى دول الأوروبية وفِي أدغال افريقيا ومنطقة البحيرات العظمى في رواندا وبوروندي وكونغو وزائير ، فالعمانيون اسياد البحار وكفى .!
واشنطن
الجمعة ١٣ ديسمبر ٢٠١٩