حمود بن علي الطوقي
يقول الله سبحانه وتعالى:” ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما ” ، صدق الله العظيم.
أعزي الوالد الشيخ عبدالله بن علي العريمي وكافة أبناءه الكرام وأسرته الكريمة في وفاة نجلهم الشهيد والمظلوم محمد العريمي، وأعزي نفسي ، وأبناء عمان والإنسانية جمعاء في وفاة هذا الشاب الخلوق والمجيد الذي قتل بالعاصمة البريطانية لندن إثر اغتيال غادر و جبان من قبل مجرمين مجهولي الهوية وسينتقم الله منهم ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر .
ذهب الشاب الطموح محمد العريمي إلى لندن طلبا للعلم، وكله أمل بأن يجتهد ويكرس وقته من أجل التحصيل العلمي، وكان طموحه أن يعود إلى عمان متسلحا بسلاح العلم والمعرفة، ولكن المجرمين أرادوا له غير ذلك، فكانت وفاته هناك إثر طعنات غادرة و جبانة، انتقل على اثرها إلى جوار ربه ومن قتل دون ماله فهو شهيد كما قال عليه الصلاة والسلام ، نعم لقد قضى نحبه ومات في غربته ونحسبه شهيدا عند الله حيث كان يطلب العلم، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع .
صحيح أن قلوبنا لمحزونة وعيوننا لمدموعة عليه، فالفراق بالغربة كان أليما، وخبر استشهاده أكثر إيلاما، ولم يبق أمامنا إلا أن نقول :” إنا لله وإنا إليه راجعون ” .
وأجدني عند هذا المقام مسؤولا عن توجيه الخطاب إلى نفسي، وأوصي به نفسي وآل العريمي بأن يصبروا وأن لا يحزنوا، فولدهم الشهيد كان في سبيل الله، طالبا. للعلم وعليه فهو حي عند الله يرزق.
يقول الله :” يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ” .
وليس في هذا المقام أيضا، أجمل من الإستشهاد بقول الشاعر :
” أيها
الجازعون من الموت
لا تجزعوا
إن بعد الفراق لقاء،
وأي لقاء ” .
داعيا الله المولى عزل وجل أن يعصم قلوبهم، وأن يرحم هذا الفتى العماني الأصيل المظلوم، فرحمة الله قريب من المحسنين.
ونحن العمانيون كشعب كريم ، ونعيش تحت كنف سلطان عظيم ليحز في نفوسنا موت هذا الفتى الخلوق بالغدر ظلما و عدوانا.
وباعتبارنا شعبا محب للخير ويشار اليه بالبنان بإنسانيته، ونحب الخير لنا ولغيرنا وللإنسانية كلها، نتعجب لهذا الغدر. ولو علم هؤلاء القتلة بجنسية المغدور به وأنه من سلطنة عمان لامتنعوا عن الغدر وكفوا أيديهم عنه، فسمعة العمانيين في العالم من سمعة سلطانهم الكريم، لكن القتلة لايفرقون بين الحق والباطل، قاتلهم الله.
أيها القتلة لفتانا محمد العريمي : لن تمروا.
فلدينا الله، ولدينا سلطان عظيم لا يهدر دم مواطن عماني في وجوده.
نسأل الله أن يرحم فتانا، ويعصم قلوب أهله، ويجبر خاطرهم ويمسح دمعتهم بفضله تعالى.
وإن الكلمات لتعجز عن الإسترسال أكثر، فنحن والله والعالم في صدمة و حزن كبيرين.
فاقبلوا مني هذه الكلمة القصيرة في مقام الشهيد محمد عبدالله العريمي .
الشهيد الذي ينتمي إلى عائلة عريقة في شجرتها الطيبة كرما و إنفاقا في سبيل الخير وتنمية المجتمع، يشهد بذلك القاصي والداني، وابنهم محمد رحمه الله كان آخر العنقود في هذه الشجرة الكريمة.
عاش مجيداً، ومات مجيداً، فالسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.