شؤون عمانية _ جمانة اللواتي
أكد جلالة السلطان حفظه الله و رعاه على دور المرأة و شراكتها مع أخيها الرجل في التنمية وفي بناء الوطن و خصص لها يوم ال 17 من شهر أكتوبر و اطلق عليه يوم المرأة العمانية ، كما برهنت العديد من المواقف ثقته السامية في النساء و منها التشكيل الوزاري الأخير ، و مع هذا لا زالت المرأة في مجتمعاتنا تواجه الكثير من التحديات والعقبات و يتضح هذا بصورة جلية في وسائل الاعلام والحياة الواقعية ؛ و لنواجه الواقع بعيداً عن المثاليات من باب أن التحدث بصوت مرتفع هو بداية التغيير ومن باب أن لكل إنسان على وجه هذه البسيطة الحق في التعبير ، و لكي لا نكتفي في هذا اليوم بالتهاني و التبريكات فحسب و نركن جانبا مهما بدون تسليط الضوء عليه ، من هذا المنطلق حاورت “شؤون عمانية” مجموعة من النساء العمانيات من مختلف شرائح المجتمع و الفئات العمرية ، و سألتهن عن التحديات التي تواجه المرأة و ما هي الوسيلة للتغلب عليها ؟ كما تناولت تجاربهن الشخصية و أسئلة آخرى في الاستطلاع التالي :
قالت طاهرة موسى اللواتية والتي عملت خبيرة في مكتب وكيل التخطيط بوزارة التربية والتعليم لمدة 27 سنة ان المرأة بحاجة إلى منحها المزيد من الثقة والفرص لكي تثبت وجودها و تمارس دورها في جميع نواحي الحياة ، على الرغم من ان النظام الاساسي للدولة كفل لها حقوقاً متساوية مع الرجل في معظم الجوانب و مع ذلك نجد انها على أرض الواقع لم تعطى هذه الحقوق ، فمثلا نجد في الوظائف العليا في القطاعين العام والخاص أن المرأة لم تنل حظها بشكل كامل في ارتقاء هذه الوظائف مع انها قد تتفوق على الرجل بقدراتها و مهاراتها .
أيضا من الناحية القانونية هناك الكثير من القوانين التي هي في صالح المرأة ولكن للاسف لم تأخذ طريقها إلى تطبيقها على الواقع .
و تابعت : هناك تحدٍ تواجهه المرأة العمانية وهي منح الجنسية لأولادها في حالة زواجها من غير عماني .
أتمنى من الجهات المعنية في البلاد إعادة النظر في هذا الموضوع وتعديل القوانين المنظمة له بحيث تساوى المرأة مع الرجل لأنني أعتقد أن هذا الأمر سيمنح المرأة المزيد من الأمان والراحة على مستقبلها و مستقبل أولادها ، ويمنع الضياع والفراق في بعض الحالات.
و عن سؤالنا عن صحة ما يشاع بأن المرأة في مجتمعاتنا هي عدوة المرأة الأولى وليس الرجل قالت طاهرة : هذه المقولة لا يمكن القبول بها مطلقا إلا في بعض الأمور ، عندما تكون المرأه في وضع الاختيار بين المرأة والرجل فتختار الرجل لأن بعض الأمور تتطلب وجوده بحكم الطبيعه البيولوجية للمرأه فهي لا تستطيع القيام بها ، وبالتالي ان مساواتها بشكل مطلق مع الرجل هو ظلم في حقها ، بينما المرأة تفضل ان تختار المرأة في كثير من الجوانب مثل التجميل والطب و الطهي و غيره .
ميزة الأمومة
و ذكرت بدرية الهطالي / مدير مساعد دائرة التخطيط والتطوير بوزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه و مترشحة لمجلس الشورى للفترة القادمة : إن أبرز التحديات من وجهة نظري تواجه الإنسان بصفة عامة هي نفسه التي قد تركن الى منطقة الراحة و لا ترغب في التغيير ، ولعل كثرة المسؤوليات والمهام التي تواجه المرأة بشكل يومي ومحاولة ايجاد التوازن بين بيتها وعملها ومجتمعها ونفسها هي أكبر تحدي ، وبالتالي تلجأ بعض النساء إلى التزام الاستقرار او ما تسمى بمنطقة الراحة لفترات طويله ولا تجازف إلى إحداث التغيير في حياتها و خاصةً الجوانب العمليه حتى لاتفقد التوازن وتخرج من هذه المنطقة التي اعتادت عليها والتي تعتمد عليها اسرتها ايضا.
و تابعت : هذا الأمر يمكن تخطيه عن طريق تحلي المرأة بالشجاعة والرغبة الاكيدة لإحداث التغيير في حياتها، شريطة ان تكون متسلحة بالوعي والمعرفة والقدرة الأكيدة على احداث هذا التغيير، بحيث تكون متمكنة ومستعدة لذلك .
من ناحية أخرى يجب ان يكون هناك تعزيز من المحيط الخارجي لها :الأسرة و المجتمع والتشريعات ؛ اذ ان تعزيز الأسرة والمجتمع للمرأة ومنحها الثقة والدعم اللازمين ضروري جدا .
ومن جانب آخر يجب أن تهيئ التشريعات والقوانين لصالح تمكينها وجعلها قادرة على ايجاد التوازن المطلوب لذلك، بحيث تراعي طبيعة المرأة و مسؤولياتها وتميز عن شقيقها الرجل .
و استطردت : في سلطنة عمان نحن نعتبر من النساء المحظوظات على مستوى العالم، حيث توفر لنا فرص التعليم والتدريب والتوظيف تماما مثل الرجل ولله الحمد، وتبقى هناك بعض التحديات في الجانب التشريعي التي نأمل ان يعاد النظر فيها حيث اقترح الاتي : ان يضاف بند إلى قانون الطفل ، يسمح للمرأة بالحصول على ساعة رضاعه لطفلها حتى يبلغ العامين .
كما نتمنى أن يتم تفعيل البند الخاص بتشجيع مؤسسات العمل على وجود حضانات للأطفال دون سن المدرسة بقانون الطفل وإبدال كلمة تشجيع إلى إلزام مؤسسات العمل .
و أرجوا أن يتم توفير خيارات لأنظمة العمل ، بحيث يسمح للمرأة أن تعمل نصف ساعات العمل بدلا من ساعات عمل كاملة بحيث يتم احتساب أجرها اليومي حسب ساعات عملها ؛ حيث أن هذا الخيار سيوفر الاستقرار للمرأة لفترة زمنية طويلة ، وتستطيع العودة الى ساعات العمل الكامله متى ما كانت مستعدة لذلك.
و عن سؤالنا عن صحة ما يشاع بأن المرأة في مجتمعاتنا هي عدوة المرأة الأولى وليس الرجل قالت الهطالية : لا أتفق مع هذا الطرح ، المرأة ليست عدوة لا للمرأة ولا للرجل ، بل أجد المرأة داعمة للكفاءة دائما سواء كانت هذه الكفاءة لرجل او امرأة ، وحقيقة لا يوجد ما يدل انها عدوة لاختها المرأة، بل على العكس المرأة اوصلت اختها المرأة الى مجلس الشورى والمجلس البلدي ، ولولا دعم المرأة لأختها لما وصلت الى هذه المكانة.
و ختمت حديثها برسالة وجهتها للنساء :أقول للمرأة انت انسانة متفردة وقويه وقادرة على العطاء ولذلك ميزك الله بالأمومة ، لذا حافظي على أمومتك واستمري نحو العطاء والاجتهاد والعمل ؛ فأنت تمتلكين المهارة والكفاءة اللازمة تماما مثل شقيقك الرجل ، ولذلك انت هي الجناح الثاني للوطن ليحلق نحو التنمية المنشودة ، تحلي الثقة والشجاعة بشكل دائم، فأنت لم تُخلقي للمهام السهلة ، بل انت تحملين رسائل ذات قيم لبناء هذا الوطن .
العادات والتقاليد
من جانبها قالت طوعة مقبول اللواتي / خبيرة تسويق في مجال الصيدلة : في مجتمعنا الحالي و تحت رعاية جلالة السلطان قابوس المعظم لا تواجه المرأة تحديات في نطاق القوانين و الحقوق التي أمنتها لها الدولة، و لكن تظل التحديات في المجال الاجتماعي و قلة التوعية في المجتمع .
كما أن الأبواب مشرعة للمرأة لتصل لأعلى المراتب و لكن لا تزال بعض العادات و التقاليد و الضوابط الاجتماعية التي لا تستند لا على قانون و لا دين تقف عائقا كبيرا في طريق الكثير من النساء.
و أضافت : هذه العقبات يمكن تخطيها بكسر العادات و التقاليد البالية التي لا أصل لها دينياً و قانونياً ، هناك عادات و تقاليد يجب التمسك بها و لكن لا يمكننا ان ننكر ان هناك الكثير من العادات و التقاليد التي لا تخدم المجتمع و تقف عائقا في طريق المرأة. كذلك يجب زيادة مستوى التوعية في المجتمع عن حقوق المرأة و علىالمرأة بمطالبة هذه الحقوق و الوقوف في وجه أي تحديات و ضوابط أجتماعية تهدد حصولها على كامل حقوقها التي قد أمنتها لها هذه القيادة الرشيدة.
و عن الصعوبات على الصعيد المهني قالت اللواتية : في بداية طريقي المهني واجهت بعض التحديات ، حيث كان عدد النساء اللواتي يعملن معي في المجال محدود و كان هناك الكثير من الأشخاص الذين يشككون في قدرتي على العمل في مجال مخصص للرجال مع كثرة السفر و تأخر ساعات العمل ، و لكن مع إصراري على الاستمرار في العمل تخطيت الحواجز الأجتماعية و تقدمت في مسيرتي المهنية .
و أشارت وفاء الراشدي / ممثلة مسرحية إلى أن صومعة العادات والتقاليد هي أكبر عائق وتحدي للمرأة في مجتمعاتنا على حد تعبيرها .
و قالت : عندما تكون المرأة سجينة الأفكار التي تجعلها تؤمن بأنها كائن من الدرجة ثانية أو أنها محتكرة في إطار معين يجب أن لاتخرج عنه بسبب العادات والتقاليد هنا تفقد المرأة نفسها . و تخطي هذه التحديات يكمن في تصحيح الاعتقادات المترسخة عند بعض النساء ، فمثلا تعتقد بأن هذه العقبات هي طبيعة الحياة وأن الأمور والقوانين والعادات يجب أن تكون أقسى على المرأة بطبيعة الحال ! في اللحظة التي تدرك فيها المرأة بأنها كيان خاص له حرية التفكير واتخاذ القرارات و أن لا أحد يملكها فإنها خطت الخطوة الأولى في سبيل تجاوز العقبات.
و عندما سألناها ان كانت قد واجهت شخصيًا بعض العقبات على الصعيد المهني أو الاجتماعي أو غيره أجابت : العقبات كثيرة وتختلف من امرأة إلى أخرى على حسب اختلاف أنشتطها ومجالها المهني والاجتماعي ، لكن أكبر عقبة أتذكرها هي : في كل فريق عمل يجب أن يكون هنالك قائد وبطبيعة الحال فإن المتوقع أن يكون القائد رجلاً .. ودائماً ما كان يتم اتهام المرأة التي تمتلك مواصفات قيادية بأنها متسلطة وشديدة ، عندما يكون الرجل حازماً فإنها ميزة قيادية وعندما تكون المرأة حازمة فإنها صفة ذميمة لاتناسب أنوثتها !
_ هل صحيح ما يشاع أن المرأة في مجتمعاتنا هي عدوة المرأة الأولى وليس الرجل ؟
مع الأسف أجل ، وهذا يحصل بسبب الترسبات المتبقية من التربية الذكورية القديمة التي تجعل المرأة ترى نظيرتها على أنها منافسة لها في كل شيء وأن مساحة الإنتصار لا تتسع إلا لفائزة واحدة فقط ، وأن فطرتي كأنثى تجبرني على الغيرة من أنثى أخرى ، بينما أن الحقيقة أن هذه فضلات مجتمعية قديمة وليست فطرة . مع الأسف نحن النساء نقسو على بعضنا البعض كثيراً وهذا يجعل نجاحاتنا أصغر بكثير ، عندما نتمكن من تربية جيل فتيات متصالحات مع أنفسهن وبعضهن البعض فإننا سنتمكن من تحقيق مقولة ( نجاح امرأة واحدة هو نجاح لجميع النساء).
و ختمت حديثها قائلة : أنا لا أؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة ، لو أراد الله تعالى أن نتساوى لما خلقنا مختلفين ، ولكن هذا لا يعني أن الرجل أفضل من المرأة أو أن المرأة أفضل من الرجل ، و إنما يعني أننا خُلقنا ناقصين ليكمل أحدنا الآخر دائما .
كثيرا ما يتم اعتبار إجاباتي على هذا النوع من الأسئلة بأنها ثورة ضد الرجل وأننا نعتقد بأن المرأة القوية لاتحتاج إلى الرجل وهذا مفهوم خاطىء ، و أنا أؤمن بحاجة أحدنا إلى الآخر كحاجة اليابسة إلى الماء والماء إلى اليابسة ، مختلفان و متضادان ولكن تستحيل الحياة بوجود أحدهما دون الآخر ، كل ما نريده كنساء هو تساوي الفرص واحترام الخيارات وحرية التفكير .
تقدير الذات
و ذكرت فاطمة موسى اللواتي و هي تعمل في المجال التربوي أن من أبرز التحديات التي تواجه المرأة من وجهة نظرها هي نظرة الرجل بأن لمرأة كائن ضعيف لا حول له ولا قوة ، فقط لأن لديها جسم إمرأة و التركيز على كونها اداة للاستخدام و للنظر ، بالإضافة إلى إلغاء شخصيتها و كينونتها فقط لأنها ولدت بجسم حواء ، و القليل من يرونها كإنسان فقط.
و أشارت : تجاوز هذه التحديات يتم بتثقيف نفسها ليس فقط أكاديميا و على صعيد المظهر الخارجي فحسب ، إنما روحيا و ثقافيا و فنيا والخطوة الأولى لذلك أن ترى نفسها على أنها إنسان ولها الحق في كل ما يحق للبشر .
للأسف تقدير الذات عند الكثير من البنات من الصغر يبدأ بالتلاشي ؛ لأنها تسمع لسنوات و بشكل متكرر خطاباً يقلل من شأنها أو يركز فقط على المظاهر و كونها يجب أن تتجمل و أن تكون ربة بيت و مربية و أن تعمل ليلا و نهارا في خدمة أهلها أو زوجها أو اولادها كأنهاخلقت لغيرها لا لنفسها .
_ هل واجهتك شخصيًا بعض العقبات على الصعيد المهني أو الاجتماعي أو غيره كونك امرأة ؟
نعم. كل يوم و لا زالك العقبات مستمرة ،على الصعيد المهني:
١–فرص العمل في التخصص الذي درسته اغلبه للذكور بعذر ان المرأة تحمل .
٢–بعض الذكور في المدارس يقللون من شأن المعلمة بعذر نحن كيف يمكن لنا كرجال الاستماع و تنفيذ تعليمات امرأة ؟! و هذا يحدث بسبب البيئة التي تربى عليها البعض و التي تشدد على فكرة أفضلية الرجل في الإدارة و في حل المشاكل.
إجتماعيا: وصف المرأة بمهملة فقط لأنها اختارت يوم او ساعة لنفسها.
اثارة التساؤلات و شبهات سلبية فقط لأنها قررت ان تخرج يوم تمارس رياضة المشي على الشاطىء على سبيل المثال ، بحجة أنها ملاعب عامة للرجال.
قيود مجتمعية
تقول شيماء الشقصي / مصممة رقمية و ناشطة في مواقع التواصل الاجتماعي : تحديات المرأة لا تنتهي ؛ فنحن في مجتمع يمجد الرجل ويجعل للمرأة آلاف القيود والعقبات فقط لكونها أمرأه وللأسف الكثير من النساء يستسلمن ويخضعن لهذه العقبات عوضاً عن مواجهتها ، في حين أن الواقع يقول لنا كلما زادت مكانة المرء زادت تحدياته والمرأة هي الأم وهي المعلمة وهي ركاز كل أسره ، حتى المرأة الأميه الغير عامله لها دورها الكبير في المجتمع .
لذا حري بالمرأة أن تثق بنفسها وأن تتيقن بأنها قادره على العطاء أكثر من الرجل؛ لأنها أم والجنه تحت أقدامها وهي المعلمه وهي الأخت وهي الابنة و يجب أن لا تتخلى عن حلمها وأهدافها مهما كانت ، إذا أثبتنا للمجتمع قدرتنا على العطاء وإصرارنا على الهدف مهما بلغت التحديات فنحن نسهّل الدرب للنساء بعدنا ونثبت صحة كلامنا.
و أضافت : شخصياً واجهتني صعوبات كبيره على الصعيد المهني والاجتماعي ، كوني أمرأه من عائله معروفه وبدأت تجارتي الالكترونية من الصفر و برأس مال محدود جدا ، كان التساؤل دائماً هو ” لماذا ” ؟ هل أنتِ بحاجة للمال ؟
وبحكم أنني أم وخريجة من الكلية التقنيه العليا وأصنع التحف بالاشغال اليدويه ، كان ذلك بالنسبه للمجتمع شيئاً مهيناً ولا يليق بهم ، ولكنني كنت مصرة على أنني صاحبة صنعة ومهنة جميلة وغريبة وسأنجح بها وسأحقق إنجازاتي من الصفر مهما كانت التحديات، والحمدلله وصلت لهدفي وحققت نجاحًا لم أكن أحلم به، و مازلت أواصل مشوار تحقيق أحلامي و طموحاتي .
أما على الصعيد الاجتماعي: فمجتمعنا لا يتقبل المرأه القويه المستقلة بذاتها نهائياً، وظهوري إعلامياً في مجال التواصل الاجتماعي وأنا من عائله معروفه شيء غير مقبول عند البعض .
و تابعت : رسالتي لكل فتاه أو أمرأه : كوني فخوره بنفسك و بأصغر إنجازاتك ولو كانت بحجم حبة العنب ، ولا تسمحي لأحد بأن يحبط عزيمتكِ ويقلل من ثقتك بنفسك لأن الناس لا يرضيهم أي شئ ، وفي كل الاحوال سيطالك الانتقاد ، لذا لا تجعليمن التحديات والعقبات سببا للتخلي عن أي طموح ، على العكس تماما ، كلما زادت التحديات أعلني بانك ستصلين للقمه وللهدف أسرع. كوني قوية .