وفاء بنت سالم
عدوي العزيز
لم تكتب لي منذ أيام، وهذا أمر غريب ،إذ أني إعتدتُ شغبك في رسائلك لي ، ولكن أظن أن ذلك كان جيًدا لأجلك وسبب قولي هذا أني أُصبتُ منذ آخر رسالة بيننا بوعكة صداع متعبة جعلت من كل جزء في جسدي مصاب بها وهذا شيء لا أتمناه لأحد فكيف إن كان هذا الأحد عدوي العزيز.
حسنا أصبحت أفضل حالًا الآن بعد ثلاث أيام لم أمارس فيها شيء سوى الكسل .
عدوي العزيز
اليوم أجد في نفسي رغبة بأن أكون مرشدة سياحية ! أجل إنتابتني هذه الرغبة وأنا أقف فوق أعلى تلة أو قمة كما يُحب البعض وصفها في ” الخبة “.
والخبة مكان سياحي جميل للوصول إليه يمكن سلوك أحد الطريقين ,الأول: عن طريق منعطف الجوابي مروراً بوادي سال وهو وادي تلتقي فيه الشعاب في فترة الأمطار ويزخر بوجود أعداد كبيرة من الأشجار تستهوي محبي الرحلات يلي ذلك عدد من المناطق الساحلية بداية من السويح مروراً بالبندر الجديد ويأتي بعدها الحدة ثم الرويس تليها الدفة ف الخبة.
والطريق الثاني: عبر منطقة أصيلة ثم السويح مروراً بالبندر الجديد، فالحدة ثم الرويس تليها الدفة ف الخبة، والجدير بالذكر أن جميع البلدات المذكورة تقع في محافظة جنوب الشرقية التي تشمل (ولايتي جعلان بني بو حسن وبوعلي، ولايتي الكامل والوافي,وولاية صور).
نعود للتلة التي أقف فوقها، تسحرك بجمالها ..تجد نفسك واقف بين فكي الحُلـم والواقع …حلـم أنك قابع في أعلى تلة وكأن فوهة الجمال في الأسفل تناديك (أن تعال لجمالي، ولن تستطيع مقاومته ) لتبحث حينها عن عدسة تلتقط هذا الجمال أو ريشة فنان يصفه بالألوان.,,
الطريق كان ما بين متعرج وملتو، متسلق ومرتطم ولكن كل شيء يهون ما أن ترى الجمال متسطر أمام ناظريك وتتمنى لو أنك تحمل قطعة من هذا الجمال معك، وإن كان الجمال يُـحمل بين دفات الروح والقلب.
كان بحثنا عن مكان مناسب نعسكر فيه لساعات هو الذي قادنا إلى هناك ,,,مكان لا يعج بالسواح ,,يستوعب تسع عائلات بين المتوسطة والصغيرة، وكان الشارع الذي اعتدنا إستخدامه قديماَ قد تمزق (إختفى) إن صح وصفي بسبب الأنواء المناخية التي عانت منها المنطقة منذ سنوات ,,,,فوقعنا في حيـرة أين يمكن ل 9 عائـلات أن تجد المكان المناسب للأطفال من أجل اللعب والسباحة بحـرية ولشباب كذلك ..وربما الصدفة الجميلة بعثت لنا (ناصر) الطفل البدوي الجميل بإبتسامته الذي قادنا بلهفة المساعدة وشقاوة العمـر إلى حيث المكان المناسب، حينها قـال بلهجته البدوية الجميلة السـريعة (في اليمين ثمة درج طويل متكسر أسفله مكان جميل لا يرتاده غير الذين يريدون صيد الحبار وبعض الأسماك) وكـان أن تحركنا إلـى حـيث وصف لنا ناصـر، لنجد الجمال بعينه ,,والحق أقـول بأن كل شـبر في الخبـة جمال يتحدث حتـى المسـاحات الشـاسعة التـي خُـصصت للتخييم كما بدا لي جميـلة جداً,,.
سِـرنا ونحن في تسع سيارات بخـطى بطيئة خلف (ناصر) بعد أن رفض الصعود معنا ,وكان أن وصلنا إلى حيث المفاجئة (قطعة من الجنة في أرض بين الغيم والبـحر) .
حين ترجلنا من سياراتنا وقفنا مشدوهين من أيات الله في أرضـه ,,,على يمينك ويسارك مساحات ذهبيـة صـخرية جميـلة تكـاد تلتـصق بالسمـاء وتـحت قـدميك صخـور متعـالية وكأنها جبـال خـرجـت من أعمـاق البـحر لتـسحر الماريين بجمـالها الأخـاذ، صِـدقـاً لسوف تـصمت طـويـلاً أمـام ذاك الجمـال.كيف لا وبـحر وصـخور ,,جـروف ,,تـلال ,,سـُحب ,,سماء ,زذاذ يـحاصرك ونسمات شرقية بحـرية تلتف ,هذا بحـر العـرب وهذي قـطعة جمالـية ربانية في أرض الجمـال وتـود لـو أنـك تعيش في هـذه القطـعة لوحـدك ..تـكون لك لا يشـاركك أحـد إيـاها ,لكن لا بد أن تعيش واقع أن في العـالم غيـرك، وأن من الأنانية أن تـخلـو بهـذا الجمـال لـوحـدك، وكم هو جمـيل مشـاركتك الأخـرين جـمال ما يـحيط بـك.
النزول إلى حيث القطعة المنشـودة يتصف بالٍسهولة في البدء، فالدرجات الإسمنتية قوية وعريضة وإن كـانت متكسـرة من الأطـراف وتـخلـو من السيـاج الجـانبي، لـكن كل هذا تتغاضى عنه ما أن تـرى الجـمال أمـامك ، أصعب مرحلة قد تـكون السلالـم مساحة قصيرة ما بين الصخور العالقة واليابسة ,لابـد أن تـصاب ببعض الكدمات الصغيـرة المؤلمة نوعاً ما وقت نزولك ,,إلا إذا كـنت تمتلك لياقة بدنية عالية تساعدك على القفز والتسلق بسهولة تامة (لكن يبقى جمـال ما ينتظرك يهون أمر كل شيْ).
هبطنا قطعة الجمال تلك، حيث تـصنع الصـخور مظلات جـميلة وجحـور واسعـة وربمـا أجملها تلك التـي تـمتد تـلتها ما بين الـبحر واليابسة لـيطيب للصيادين تسلقها ورمي صنارة الصيـد وكذلك القفـز من أعـلاهـا لأحضـان البحـر والبحـر إغراء بموجاته المائلة حـد الـدهـشة ,,,مخـلوقات هـلامية مـا بين البنفسج والأزرق تـجدهـا ملتـصقة بين الأجـراف وكـأنها تستظل من شمس الظـهيـرة ,أسـماك جمـيلة بألـوان زاهيـة (سلطعونات )صـغيرة تتسارع بخطـاها نحـو الحـفر الصغـيرة ومـع كل هذا الجمـال ,جمـال أطـفال الـبدو يتقافزون بخبـرة من أعلـى التلـة لأعماق البحـر.
سأصف المكـان بالطريقـة التي أرائها ويـطيب لي وصفهـا بها:
يباغتك رذاذ البـحر البـارد ما أن تلجأ لـه ,,الرمـال بـاردة، نـاعمة، جـميلة، فـاتنة، لـك أن تسيـر للأمام فتحتضنك موجـة باردة شقيـة.ولك أن تـأخذ يمينك فتسير والنوارس تـحلق عالـياً بصوتـها القـصائدي ، يتـوشحك جمـال اللحـظة وتستوطنك رومنسية المكان ,تسير ما بين رمل وبحـر ولـك أن تجـلس وتـدفن قـدميك في الـرمال، تستلذ بحـركة الرمل بين أصابعك، تشتم رائـحة الملـح والـرمل وأشيـاء أُخـرى لا أُجيد وصفها كي لا أظلمها.
يمكنك أن تـحلم بـأنك في جـزيرة، رمت بك سفينتك المهترئة وإستوطنتها بجـماليتها، يشاركك النـورس سُـكناك ومخلـوقات بحـرية صـغيـرة.
لك أن تبني قـصرك الـذهبي، أو بيـتاً صـغيـراً يـكفيـك والـحُلـم …
أو أن تأخّذ يُـسراك حيـث التـلة الـصخـرية الـتي تفترش وكـأنها جـبل صـغيـر هارب من الجـبال العملاقة أو ليخيل لك أنه تاه بينما كانت الجبـال الـأم تُـغير مكانها القديم ..لك أن تفترش سطحـه المسنن، تـخيل كوخـاً جـميلاً أو تـرمي بصنـارتـك تنتـظر صـيد البـحـر يأتي صـوبـك أو ان تقفز عـالـياً لتضـمك مـوحة الـبحـر الـباردة الـمالـحـة لـك أن تـنزل بـقـفزة عـالـية وتـسبح نـحـو الـجـرف الـكبيـر المختـبىء ما بين الـصخور الـعملاقة وتنتظر صيدك هناك، تبحـث عـن حـورية حـورية الإسـطورة المـسروقـة مـن بيـن أصـابـع الـحُلـم ولنـصنـع ما تصـنعه كـل أُسـرة عـمانية (بعيداً عن المـاء تـضع حـطبـك وتشعل تحته النـار، تـحضر المشـويات وتلفها بالقصدير أو ورق الموز الـرطب حتى لا تختلط بالـرمل، وقـِـدراً كـبيـراً لطبـخ الأرز ، وإبـريقـاً يـغلـي فـيه الـشـاي، لك أن تـفتـرش الـرمل وتستمتع بـجلسة عائـلية كـبيـرة يـعلـوها صـراخ وصـخب الـصـغار ولـعب الشـباب وحوارات وغناء الناء سيسرقك الوقت ام انجمال المكان سيسرق الوقت منك…ستمر السويعات لتجد الليل اسدل ستاره والجمال يزداد ويحاصرك ويجعلك اكثر عجزا عن وصفه حينها تكون امام خيارين …إما ان تفترس الرمل البرد الدافىء وتلتحق السماء القمريه او ان تنهض وتبداء بجمع اغراضك لتترك الممكان للمخلوقات البحريه التي تختبىء في رمال الشاطىء ليلا…
وكان ان اخترت الخيار الثاني وحملنا امتعتنا وبينما كنا نتسلق الدرجات العالميه المرهقه كان للقمر حضور عجيب وسحري …ثمة لوحه صامته حتىء البوح ترمي بخيوطها السحريه على صفحة البحر المائلة امامك وانت تقف تختزل ذاكرت عيناك المشهد الملائكي حد سجر الجمال ارباني ع الارض لتجد نفسك تلتقط الصورة تلو الاخرىء علك تستطيع ان تسرق شيئا من ذاك الجمال الماثل امامك .
وجتىء لا يتضايق من يشاركك الرجله من هوسك في جمال الطبيعه تصعد سيارتك لتعود بأدراجك الىء حيث ضجيج الحياة وسطوة الكهرباء على الاسفلت وسطوح المنازل وتشتم رائحة التقدم الغير مرغوب به بعد كل الساعات الجميله التي قضيتها مع الطيعة الام .
الخبة جمااااااااااااااااااااااااااااااااااال بكر يسحر الرائي.