منى بنت سالم المعولية
أريد أن أكتب
أريد أن أدافع عن كل الحماقات التي كنت أرتكبها..
أريد أن أكتب و أدافع عن كل سخافاتي أو بالأحرى عن كل ما كانوا يرونه سخافة…
أريد أن أعود صبية تعتلي عرش جدران الجيران و تقطف ثمار الصبار و البيذام و أقذف تارة الحجارة و تارة العصي و تارة أقفز كلما هاجمني سباب خالتي الجارة و شتائمها…
أريد أن أدافع عن لعبي مع الصبية و أولاد حارتنا و أعود و أقول لوالدي أرجوك دعني فغدا سيكبرون و أكبر و غدا أمر على وجوههم كبقايا طيف و خيال ذاكرة و قد أمر و يمرون و بإيدينا أطفالنا و معهم زوجاتهم و يرافقني زوجي و قد نكتفي بالسلام و لربما مررنا غرباء يتحفظون و أتحفظ..
أريد أدافع عن سخافة قيادتي للدراجة الهوائية ( و أمارسها أجمل عاداتي فإنني سأكبر و أتهكم ببناتي و أمانعهن أن يمتطينها و سأقوم بدور أمي و سأعيد التاريخ نفسه بجلابيتها و جسدي و أردد بحنق البنات السنعات (ما يسوقن سياكل)
أريد أن أدافع عن سخافة و قوفي و رفيقاتي قبل الغروب و القهقة و تجاذب الحديث و زيادة التلذذ به في أخر اللحظات و رسم أماني الغد و شكل فارس الاحلام، و نرسم الحياة بلون الزهور، و ننسى أن هذا الغد يعني مسؤولية زواج و أطفال و معارك حياة و أن في العمر ألوان غير الورد أخرى..
أريد أن أدافع عن سخافة ركضي و اخوتي واستباقي لهم كل ما رن تلفون البيت ( الهاتف الثابت) لأنال شرف الرد و ينهرني أخي الاكبر موجهاً إياي ألا أعود لأقترف جريمة الرد فهو حق مشرع و مشروع للأولاد لا البنات لأدافع اليوم و أقول دعني أرد فغدا تغزونا الجوالات وتنقرض الثابتة و ستمسي مجرد ذكرى .
أريد أن أعود لأدافع عن سخافة تمارضي و تهربي عن الذهاب إلى المدرسة و بكائي كلما حل صباح، فبالغد أتعلم دروس من الدنيا لا تعد و لا تحصى.
و أعود لأدافع عن السخافات التي كانت في أعينهم و في عيني حين كبرت كانت أجمل و أحب ذكرى.
نحتاج لحماقاتنا، و لا بأس أن تحتفظ ببعض سخافاتنا، و لا بأس أن ندافع عنها. فما فتئت تلك السخافات أن تتحول كائن اسفنجي يمتص عثرات الزمن و تعب الايام و نكبات العمر و وساوس الغياب و ثقل الحضور و فوضى الحواس و مكدرات الروح ..
سأدافع عن سخافاتنا التي مضت، فبعض سخافات الأمس و إن تناقضنا في تقبلها في أجيال اليوم بحكم العادة إلا أنها أجمل حماقاتنا و سخافاتنا القصوى..