وفاء بنت سالم
عدوي العزيز ،
أُريد أن أحكي لك عن مشهدٍ لا زال عالقًا في ذاكرتي، ويبدو أن مروري بالبيتِ القديم لنا، والبيت القديم لوالدي أعاد لي هذا المشهد، إنه المشهد الأول الذي عرفت عن طريقة أن “بيت البنات خالٍ ومليان”. العبارة التي ظل والدي يكررها كُلما تزوجت إحدى بناته ال 15. والتي دفعتني لأن أكتب لك عنه وأنا أتذكره في طريق توجهي إلى مكان عزلتي.
في ثمانينات القرن الماضي كنتُ طفلة ذات خمسة أعوام
كانت أمي تُعد شقيقتي الكُبرى لحفل زفافها،كانت تدق الورس والحناء ب “موقعة الوقوف”لتنتشر في الأرجاء رائحة الطيب وتُحنى العروس على كفيها وقدميها بعد أن يُعجن الحناء بالليمون المجفف المسلوق بالماء الساخن ..
ويدهن جسدها بالورس ورأسها بالياس
وفِي المساء تنزوي شقيقتي على جانب مخصص لها كعروس
ترتدي شبكة صور”الثوب الأسود التقليدي لمحافظة جنوب الشرقية” ناكسة رأسها المعطر عن ناظر الجميع والنساء يغنين يابو زلف يو يوعين وليت عني ما تروح “فن شعبي خاص بالمحافظة”
ويرقصن في خط منظم ..
بينما أمي وخالاتي يتأكدن من شرب جميع الحضور من النساء “القهوة ”
الزغاريد تتعالى كلما ازداد حماس النساء المغنيات
الألوان المتضاربة تثير الدهشة تداخل الألوان في الملابس التقليدية للنساء إبداع تقليدي لا تُدرك روعته وأسراره نساء الجيل الحالي.
1988 أنظر من خلف فتحة الجدار العلوي للبيت الكبير “كان يُمنع علي كطفلة حضور حفلات الأعراس”..
أعود بنظري للنساء وهن يغنين ويتراقصن وأمي تكسر على رؤوسهن المال “تكسر :تضع على رؤوسهن وهي عادة عُمانية بحيث يتم كسر المال على رأس كل أنثى تُشارك فالفن التقليدي”..
وبعد ساعة من الرقص والغناء والتغاريد وضع مائدة العشاء تنويهًا لإقتراب زفة العروس ..
وإنتهت مراسم الزفاف في بيتنا لتنتقل لبيت العريس ..
هذا المشهد الذي اردتُ أن أشاركك إياه بعدما ذكرت لي في حديثٍ سابق أنك تُصاب بالذهول المستمر كلما رأيتني أمارس عادات قديمة كان آخر عهدك بها والدتك أو إرتديتُ زيًا تقليديًا لم تتصور أن فتاة مثلي “متمردة، غير مكررة” قد ترتديه.
صحيح هل وصلك الطرد؟
أخبرني أي خاطر قفز لك حين رأيته ؟