وفاء بنت سالم
عدوي العزيز:
في الوقت الذي تتناسى فيه عمدًا فارق توقيت الحنين بيننا عزلت أنا نفسي عن حياة المدن وضجيجها، وقوة الأنوار وسطوتها، لقد وجدت اني جمعت نفسي في بناءٍ واحد تمامًا كما يتم جمع المكعبات البلاستيكية من أجل بناء شيء ذي ملامح، وكانت ملامحي تشبه الرمل الذي اتخذته بساطًا والحطب الذي اتخذت من ناره نورًا يؤنس وحشة الظلمة التي نهرب إليها كلما شعرنا بالغربة من أنفسنا.
كان ينقصني البحر برائحة ملحة وطعم شغفه وموسيقى أمواجه.
ولن أقول ينقصني أنت، فهذه العبرة أصبحت مستفزة كلما رددها عاشق أو كتبتها متيمة لحبيب.
علينا ولو لمرة واحدة يا عدوي أن نترك أوهام الحب والعشاق جانبًا ونخاطب أنانية الأنا فينا ونرضي شغف التمرد.
من الجيد أن تمارس الكسل، ولا تفعل شيئًا سوى مراقبة اللهب المنطلق وتشتم رائحة الإحتراق وتراقب كل شيء حولك يتحول بعد ساعات من الإشتعال لرماد.
إن الأمر ليس مستفزًا بقدر ما هو محفز لأن تبحث عن طرق عدة تمارس فيها الكسل وتراقب الأشياء بخمول أنثى مدللة أو رجل كسول لا يجيد صنع شيء.
أستطيع أن أقول لك يا عدوي أن صوت الريح وهي تمر وجهي لتبعثر بشعري وتصيب التوتر للحطب المحترق فيطقطق اللهب بلسانه مضطربًا لهي أجمل موسيقى يمكنك أن تستمع لها حينها.
وبعد عشر ساعات قضيتها بعيدًا عن كل شيء يخصنا أستطيع أن أقول لك أن التجدد الذي نفاجئ به أنفسنا يا عدوي العزيز تجدد صحي.
وبالمناسبة لم أشتاقك لأن الأعداء يعيشون في تخاطر مستمر.