وفاء بنت سالم
عزيزتي أ
إنه لمن المحزن أن تموت في وطنٍ لا تنتمي له ، ومؤلم لي أن أتخيل الوحشة التي تمر بها الروح وهي تنتظر رحيلها .
لقد تلقيت خبر وفاة خالتي ببلادة كالعادة ، ولكني استغرقت 24 ساعة لأتذكر أنها قد توفيت ،ليس لأني لا أهتم بأمر وفاتها بل لأني صدقا أصاب بالبلادة كلما أسمع عن الموت أو أكون في حضرته .
إن الموت وحيدًا أمر مؤلم ولكني وفي طريق عودتي للبيت فكرت في الأمر من زاوية مختلفة ، فلو كنت مصابة بمرضٍ قاتل لاحتفظت بالأمر لنفسي ، واكتفيت بمواصلة الحياة أو ما تبقى لي منها بأفضل ما يمكن ، أجل يا عزيزتي هكذا فكرت فيها أنني سأعيش ما تبقى لي منها في صنع كل ما لم يتسنى لي فعله مهما كان عمري حينها ، وسأمارس المرح مع نفسي ومع من حولي ، سأكون قوية كما أنا وسأموت بقوتي أو بالطريقة التي أريدها لي ، كلما .اتذكر كيف ماتت شقيقة امي وهي تضحك مع احفادها يجعلني ارغب بهكذا نهاية جميلة ،أو أكون غارقة بين صفحات كتاب ما .
عزيزتي
لماذا ننتظر الموت حتى ندرك أن من افترقنا عنه شخص نحبه ،نهتم بأمره ؟.
عاد صباح اليوم باردًا بعض الشيء وهو وضع اعشقه جدا لذلك أعددت لنفسي منقوع الزنجبيل وخرجت للساحة الأمامية للمنزل ولأن الوقت فجرا فلطالما تعودت سماع القرآن فيه ، أعلم لم تتعودي على هذه النسخة مني ولكن يحدث جدا أن أغرق في روحانية السور في ساعات الصباح الأولى، ويحدث أن أتمنى لو أنني لا زلت حتى الآن في حوش بيت والدي او في مزرعة البيت أقرأ كتاب ما ،أكتب او أحاول رسم صورة عالقة في ذاكرتي .
لماذا كبرنا سريعا يا عزيزتي ،لماذا غادرتنا الدهشة ،البراءة اللهفة التي كانت ?
هذا ما كنت أسأله نفسي وأنا أستمع لأحاديث شقيقاتي بعد أن خرجت من بيت العزاء !
ما الذي يحدث لنا ؟
أين صرنا الآن ؟