شؤون عمانية- بانكوك
كتب: حمود بن علي الطوقي
لم تكن التايلاندية المسلمة “نادية ” تعلم ان مشروعها الصغير في منطقة سوكومبيت او كما يطلق عليه الخليجيون منطقة ” نانا ” سيتحول الى ملتقى لابناء دول مجلس التعاون الخليجي .
نادية التايلاندية التي تزوجت مواطنًا من دولة الامارات الشقيقة ومن سكان مدينة الشارقة رأت وبالتشاور مع زوجها أن مشروع إقامة مقهى صغير في بانكوك حيث يتردد أبناء دول المجلس سواء للسياحة أو للتسوق والعلاج ويقدم الأكلات الخليجية قد يكون عامل جذب لأبناء الخليج اثناء تواجدهم في بانكوك.
شخصيا أحرص على زيارة هذا المقهى كلما سنحت لي فرصة زيارة بانكوك.
” ناديا ” أطلقت على مشروعها “كرك ناديا ” ليصبح بعد مرور خمسة وعشرون سنة ماركة تنافس أضخم المطاعم العربية في بانكوك .
كعادتها وبلباسها الاسلامي المحتشم تقف منذ الصباح الباكر وتستقبل رواد المقهى وتحرص على تقديم أفضل الخدمات لتسعد الجميع خاصة أنها انشأت هذا المقهى الصغير لأجل أن يكون ملتقى ابناء مجلس التعاون الخليجي .
في منطقة سوكومبيت تنتشر المطاعم العربية وتتنافس فيما بينها فهناك المطبخ اليمني والشامي والمصري والخليجي وحتى المطبخ العُماني أصبح حاضرا لتقديم الأكلات العمانية، رغم كل هذا التنوع والتنافس ما بين المطاعم العربية الا ان مقهى نادية الصغير جدا يستحوذ على الاهتمام لدرجة ان الخليجيين يتداولون فيما بينهم من زار بانكوك ولَم يحتسى من كرك ناديا فان رحلته لم تكتمل .
ما أردت قوله ان ناديا التايلاندية أحسنت صنعا عندما فكرت بافتتاح هذا المقهى وانا ارى الآن هذا التزاحم على مقهىها من قبل الاشقاء من دول مجلس التعاون يتوقفون لتناول الاكل الخليجي وتجاذب أطراف الحديث. في هذا المقهى الصغير تتلاشى الخلافات بين الإخوة الاشقاء في دول دول المجلس فيجلسون معا في طاولات صغيرة ويتعارفون متناسين تلك الخلافات التي هم ليس طرف فيها ، فهم أشقاء وأبناء عموم ويجمعهم النسب وان اختلفت سياسات بلدانهم . فالمواطن لا ذنب له لما اقترفته السياسية وفرقت بين الاشقاء والشقيقات والأزواج والزوجات . صحيح هناك الان خلافات على المستوى السياسي ولكن يبقى المواطن الخليجي يحمل هموم هذه الخلافات ويتطلع يوما تتلاشى ويعود الخليج على عهده السابق بل والى الأفضل وتعود اللحمة الخليجية والنغم الخليجي يعود من جديد ويصدح:
خليجنا واحد وشعبنا واحد يعيش يعيش
والخليج يضمنا .
نعم لمست هذا التلاحم الخليجي من خلال هذا المقهى الصغير التي تديره امرأة تايلاندية تدعى نادية ، فهل لي ان أوجه دعوة لاخواني أبناء الخليج ان نترك السياسة لأهل السياسة ونترك المشاحنات في شبكات التواصل الاجتماعي ونتعلم من ناديا التايلاندية التي جمعتنا في طاولات صغيرة نجلس معا في حب ووآم ونحتسي معا شاي ممزوج بالهيل والزنجبيل والزعفران وخبز الرقاق من صنع ناديا متناسين تلك الخلافات الدخلية التي أصابت الجسد الخليجي.