أسعد الطالعي
تأتِ الذكرى التاسعة والأربعون ليوم النهضة المباركة وقد تحققت لعمان إنجازات عديدة ومكتسبات كثيرة في فترة زمنية قصيرة؛ نتيجة للعمل الدؤوب المخلص من لدن قائد آمن منذ اليوم الأول للنهضة المباركة بعدم استحالة التطوير وأنتشال عمان وشعبها من براثن الفقر والجوع والخوف والأوضاع المزرية الصعبة التي كانت سائدة في تلك الفترة الزمنية الهامة من تاريخ عمان، عمل جلالته أبقاه الله منذ اليوم الأول لميلاد النهضة المباركة وفي خضم تسلمه مقاليد الحكم في عمان على تغيير جذري في نمط الحياة في عُمان ورسم خارطة طريق للدولة الحديثة المرتقبة المزمع إقامتها.
لا شك أن التحديات كانت كثيرة والصعوبات جسيمة وهنا يتجلى ويظهر دور القادة العظماء الحكماء المستنيرين المستلهمين من حولهم كيفية التحول والتطور في مختلف مناحي الحياة، وأبرز المشكلات التي واجهت السلطان المعظم في بداية النهضة هي: بناء فكر الأنسان ، وبناء قواعد وأركان عُمان. وهنا لا يفوتنا أن نشير لنداء الوطن والسلطان في خطاب تاريخي يتردد صداه على مسامع كل مواطن وفي لعُمان وسلطانها “:
ايها الشعب ..
سأعمل بأسرع ما يمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشون سُّعَدَاءِ لمستقبل أفضل .. وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب. كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة وَانٍ عملنا باتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى وسيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي، إني متخذ الخطوات القانونية لتلقي الاعتراف من الدول الخارجية الصديقة، وإني أتطلع إلى التأييد العاجل والتعاون الودي مع جميع الشعوب وخصوصا جيراننا وان يَكُون مفعوله لزمن طويل والتشاور فيما بيننا لمستقبل منطقتنا”
بيان تاريخي سلطاني ونداء أبوي خالد في تاريخ عُمان لشحذ الهمم ورفع المعنويات لبناء دولة حديثة راسخة أركانها ، أساسها متين ، قوي بنيانها.
راهن عاهل البلاد المفدى على الإنسان العُماني وسبل بناء الفكر عبر التعليم والتدريب والتأهيل، ولخص هذا الفكر التربوي “سنعلم أبنائنا ولو تحت ظل الشجر ” فكانت كلمات راسخة ، ونهج سامٍ، ورسالة قائد بأهمية التعليم وجعل عُمان واحة للعلوم والمعرفة ليتم بناء جيل واع مسلح بالعلم متوهج بنوره قادر على المساهمة في بناء عُمان في مختلف المجالات وميادين الواجب الوطني.
توحيد عمان في كيان سياسي واحد كان من أبرز إنجازات جلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه – حيث سعى جلالته لوأد فتنة الحرب في ظفار عبر الطرق السلمية والحوار البناء وانخراط الافصاليين في مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، وهذا يتمثل في الوحدة الوطنية وهي أعظم قيمة عند الأوطان والشعوب فعُمان نسيج واحد مترابط بالروابط الأسرية والتاريخية.
وتعتبر الجولات السلطانية التي قام بها السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه- خير شاهد على قرب هذا القائد من أبناء شعبه الوفي الأبي، حيث كان جلالته – أبقاه الله – يتلمس ويتفقد شعبه في ربوع عمان عبر الموكب الميمون في السهل والجبل والساحل والأودية مبشرا بنهضة تنموية تسابق الزمن حيث تدور رحى النهضة المباركة الحديثة بوتيرة متسارعة ، وكانت هذه الجولات السامية مثل برلمان عمان المفتوح واعتبرها المراقبون للشأن العماني من خارج السلطنة تجربة ديموقراطية فريدة قل نظيرها في العالم، حيث يلتقي جلالته بالشعب دون حواجز يستمع لهم وينفذ مطالبهم.
ونأى سلطان البلاد أيده الله بعُمان عن جميع أشكال الطائفية والمذهبية والعرقية والعنصرية وهذه قيمة كبيرة للأستقرار على مستوى الوطن والشعب، ولذا لا تجد في عُمان حديثا عن الطائفية وأشكالها؛ لأن القائد نادى بنبذ كل هذه الأمور وووصف جلالته عمان بأنها أرض طيبة ولا تنبت إلا طيبا ، وكل عُماني يدين بدين الأسلام وكفى.
أما في السياسة الخارجية ، فقد انتهجت السلطنة في تعاونها وصداقتها مع الدول والشعوب والمنظمات والهيئات نهجا بناءا بعيدا عن التشنج والعصبية، فهي تمد أواصر الصداقة والسلام والوئام والتعاون مع سائر دول العالم ولا تتدخل في شؤون الغير ولا تقبل من الغير التدخل في شؤونها وتدعو إلى حل النزاعات الدولية والمشكلات والخلافات بالطرق السلمية ، وتنأى بنفسها عن الصدامات الدولية وتقف على مسافة واحدة من الجميع ، وتقدم العون والمساعدة عندما يطلب منها ذلك ، والأمثلة والشواهد كثير على حسن سياسة السلطنة الخارجية ، على سبيل المثال للحصر حرب اليمن، حيث لم تشارك السلطنة في الحرب على أهلنا في اليمن، الجار الذي تربطنا به علاقات أسرية وتاريخية وروابط مشتركة، وظلت تقدم المساعدات لجميع الأطراف بدون أستثناء وهنا يظهر دور الحياد.
وتسارعت خطوات بناء صروح الدولة الحديثة من منشآت عسكرية ومدنية وبنى تحتية لترسم عُمان وفق النهج والرؤية الحكيمة للسلطان المعظم ، ووضعت الخطط الخمسية والأقتصادية من أجل الأسراع في تنمية الموارد
وهنا نوجه التحية والثناء والتقدير للقوات المسلحة الباسلة وكافة الأجهزة الأمنية والعسكرية الساهرة على حماية أمن هذا الوطن من الحاقدين الحاسدين المتربصين لكل منجز وطني هام ونستلهم من الفكر السامي لجلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة أهمية تشكيل وتطوير القوات المسلحة وسبل دعمها لتقوم بواجبها الوطني المقدس في الدفاع عن كل ذرة من تراب الوطن العزيز
وهنا نص الخطاب السامي الذي يثني ويشيد بدور القوات المسلحة الباسلة ودورها الوطني الجليل ” أيها المواطنون الكرام..
“ليس بخاف على أحد منكم الدور الكبير الذي تقوم به قواتنا المسلحة وكافة أجهزة الأمن من مشاركة في بناء صرح النهضة العمانية الحديثة، وحماية منجزاتها المتعددة، وصون الاستقرار والأمن في ربوع الوطن. واذ نعبر عن تقديرنا واعتزازنا بكل ما تؤديه من مهام جسيمة، وواجبات عظيمة، لنرجو الله العلي القدير أن يوفقنا إلى تقديم المزيد من الدعم والمساندة لها، من أجل استمرار تطوير قدراتها، وامكانياتها.
تحية لكم يا جند عمان الأشاوس في هذا العيد المجيد.. تحية إكبار واجلال لدوركم العظيم في خدمة عمان، ماضيا وحاضرا ومستقبلا، إن شاء الله”
عُمان وطن يعلو فوق هامات السحاب ، يعيش فينا ونفخر بهذا البلد الأبي المعطاء الذي قدم لنا الكثير ورسم لنا دروب المستقبل ، الحمد لله على نعمة عُمان، ونحمد الله أن أكرمنا بجلالة السلطان قابوس حفظه الله ورعاه فهو قائد عسكري ، وطني ، شعبي محبوب وسط أبناء شعبه قدم الكثير لتنعم عمان بالرخاء والنماء ورغد العيش ، لقد عز البلاد والعباد .
23 يوليو المجيد يوم النهصة المباركة يوم خالد في الأذهان؛ لأنه نقل عمان نقلة نوعية وسما بها ، يوم مشهود له ، بالخير والعزة والخير ، تتجدد فيه الهمم وتتوقد العزائم ، ينطلق فيها الجميع مستلهمين من النهج السامي لجلالة السلطان قابوس حفظه الله ورعاه في بناء الأوطان والأنسان ورفع القواعد والأركان لتشرق عُمان بحلة جميلة تباهي الدول والعالم من حولها لما وصلت إليه من تقدم ورفعة وسؤدد.