الكاتبة: لمى دعدوش *
يعيش الإنسان بين الوعي واللاوعي لواقع حياته وأحداثها، ويتساءل كيف أتعامل معه؟
نتعامل في حياتنا مع الكثير من الظروف والمواقف التي قد نراها سيئة ومزعجة، وقد نراها سعيدة ومرضية – حسب رؤيتنا لها ومنظورنا وأفكارنا السابقة عنها- ونجد الكثير يتأثّرون في حكمهم على هذه المواقف بصورهم الذهنية السابقة عنها، لا بالتفكير بها منطقيا وبمعزلٍ عن المشاعر الداخلية، فيحاول معظم الناس تغيير هذه المواقف والظروف ويشغلون أنفسهم بمحاولة تغيير الأشخاص أيضا؛ مما يشغل حيزا كبيرا من طاقتهم، وتفكيرهم، وجهدهم كذلك، فتراهم يدورون في دائرة تغيير الواقع، ولكن يا سيدي.. قد يكون هذا الواقع ليس سيئا، ولكنه خالف التوقعات والصور الذهنية الخاصة السابقة عنه، فدخل في تلك الدوامة المفرغة من الفاعلية، وقد يكون بالفعل واقعا سلبيا يحتاج الكثير من العقل والحكمة والمرونة في طريق تغييره.
إذن ما العمل؟
ماذا تريد مني أن أفعل؟
دعني أخبرك بأمرٍ مهم..
ما الفرق بين التغيير والتأثير؟ وكيف أستخدمهما؟
دعك من تغيير الواقع والأشخاص؛ لأنك في الحقيقة تملك التغيير في نفسك وذاتك فقط، أما مع الناس فأنت تملك قوة التأثير عليهم، وهي في الحقيقة القوة المغيّرة الحقيقية، حاول أن تغيّر من نفسك، وصفاتك إلى الأفضل، أما مع الناس فاستخدم تأثيرك وأثرك الطيب معهم تمتلك قلوبهم، وعلاقاتك معهم بعد ذلك.
إن التفكير المنطقي العقلاني الدائم بكل شيء يسلب قوة تأثير الاستمتاع بهذا الشيء، ويغيّب جمال الكثير من الأشياء، عند غضّ الطرف عن جوانبها الإيجابية، والتركيز على جوانبها السلبية، والغرق في دوامة محاولة تغييرها؛ يضيّع الاستمتاع بالجوانب الإيجابية في هذا الواقع حاليا – مع التأكيد على محاولة تغييره-.
يجيبني أحدهم: “ما الفرق؟”
أجيبه: “الفرق كبييير.. إما أن أحاول تغيير هذا الواقع وأنا أكرهه، وأنا مليء بمشاعر سلبية تجاهه، بدءا من الانزعاج، مرورا بعدم التقبل، وانتهاء بالكره، وسأكون طبعا غير ضابط للمشاعر والانفعالات؛ لأنها قد تستولي علي في غمرة محاولة التغيير المُتعِبة نفسيا وجسديا.. إليك الحل الآخر.. أن أبدأ عملية التغيير بنفس طيبة وسمحة، وقلب مستمتع وراض مع محاولة التغيير، طبعا هذا الاستمتاع بالجوانب الإيجابية سيعطيني قوة داخلية جميلة دافعة للأمام، لأعمل وأركز وأؤثر وبالتأكيد سيكون أثري إيجابيا.”
في الحقيقة إن القدرة على رؤية الجوانب الإيجابية في الواقع السلبي الذي حولنا، والقدرة على الاستمتاع بها في طريق محاولة التغيير للأفضل هي المحور الرئيس والفعّال في العيش برضى وسعادة، والحصول على واقع أفضل بالتأكيد، وهي ليست هبة موروثة، إنما صفة مكتسبة، تكتسبها عندما تغير طريقة رؤيتك للأمور والأشياء والمواقف، وتتوقف عن إصدار الأحكام المسبقة.
هناك قاعدة، تقول: “اترك ما تشعر وركز على ما تستحق”، أي اترك جميع مشاعرك السلبية خلفك، وشعورك نحو هذا وذاك، وما قال فلان وما فعل فلان… دع تركيزك موجها إلى نفسك، وما تستحقه نفسك من خير وحب وجمال حياة، ركز على أنك تستحق خير الحياة، وخير العمل، وخير كل شيء؛ لأن الله خلقك وكرّمك، ووهبك ما لم يهب غيرك، فأنت مكرمٌ عنده، كما أن باقي الناس مكرمون كذلك، ويستحقون الخير؛ اعمل على استحقاقك الجميل، وهَبْ نفسك قوة الاستمتاع؛ لأنها تستحق الجمال، والخير، والعطاء، والحب..
هل أجبتك يا سيدي؟
نفسك، وأنت تستحقان الحياة والحب..
*مديرة مؤسسة ” بصمة حياة ” التدريبية، ومدربة تنمية ذاتية، وتطوير شخصي، وبرمجة لغوية عصبية