شؤون عمانية- فايزة محمد
عندما تولى صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله- مقاليد الحكم عام 1970م، كان الخليج العربي يرزح تحت وطأة الفكر الاشتراكي المقيت، الذي سعى (في ما بعد) إلى إسقاط الأنظمة الخليجية كافة، تحت مسمى “الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل”، على الرغم من دعم بعض دول الخليج سابقا لهذا الفِكر المتطرف.
وقد تصدت عُمان لهذا الفكر ولمدة خمس سنوات، حتى استطاع السلطان قابوس بن سعيد المعظم- أبقاه الله- أن يخلص منطقة الخليج من آفة هذه الأفكار السامة والخبيثة التي كانت تهدف إلى تشرذم الخليج وشعوبه وتحويله إلى مستنقع للشيوعية.
وجاءت حرب العراق وإيران، وكان للسلطنة دورا مهما وملموسا في إخماد هذه الحرب، فقد نشر “مركز الجزيرة للدراسات” بحثا عن العلاقات العُمانية الإيرانية ومما جاء فيه: (احتضنت مسقط محادثات سرية بين الطرفين المتنازعين لوقف إطلاق النار، ورفضت الدعوة لمقاطعة إيران وعزلها دبلوماسيًا واقتصاديًا فى العام 1987، وكذلك رفضت السماح للعراق باستخدام أراضيها في الهجوم على جزر أبي موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وبعد انتهاء تلك الحرب توسطت عُمان لإعادة العلاقات بين إيران والسعودية وإيران والمملكة المتحدة).
وفي حرب الخليج الثانية التي احتلت فيها العراق دولة الكويت، كان للسلطنة دورا واضحا ومنطقيا وصادقا وثابتا على المبادئ السياسية التي عُرفت بها السلطنة، والتي أكدت من خلالها على أن الكويت دولة لها حق السيادة، وأن الاجتياح العراقي لهذا البلد هو احتلال غاشم، وحينها صرح معالي/ يوسف بن عبدالله بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية من واشنطن وبعد مقابلة الرئيس الأمريكي معربًا عن أمله في أن يكون الرئيس العراقي صدام حسين شجاعا بدرجة كافية للانسحاب من الكويت.
وحافظت السلطنة بكل مهارة واقتدار وأخلاق وقيم ومبادئ على علاقاتها مع كافة أطراف النزاع، سواء في حرب الخليج الأولى أو الثانية، حيث كانت مسقط على تواصل تام ودائم مع الجميع لأجل السلام، وإيقاف الحروب، ولم الشمل، واستشراف المستقبل بالأمل والطموح؛ لأجل المستقبل بأجياله التي تطلع لمزيد من الإنجازات التي ترتقي بالإنسان في مختلف المجالات.
وعندما كانت الحرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران على شفا حفرة، كانت السلطنة قد دعمت وعملت على عاتقها إطفاء هذه الحرب التي لو وقعت لأحرقت الخليج بما فيه، وخرج طرفي النزاع باتفاق نووي شهد له العالم بأنه إنجاز غير مسبوق في عالم الاتفاقيات بين الأمم والدول والشعوب.
ومع بداية الحرب اليمنية التي مازالت مستمرة إلى هذا اليوم، كانت السلطنة ملتقى سلام وأمان، وطاولة حوار ولقاء، واستضافت العديد من الحوارات بين مختلف أطراف النزاع في اليمن ومازالت تعمل بكل جهد وصمت على إيقاف هذه الحرب التي أدت إلى تفاقم أزمة إنسانية وصفتها الكثير من المنظمات العالمية بأنها من أبشع الأزمات التي عرفها التاريخ.
ولم يقتصر دور عُمان على إيقاف ومنع فتيل الحروب في دول الجوار، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك لنشر السلام والوئام في مختلف الدول الشقيقة ولهذا كانت مدينة صلالة الأرض الأكثر خصوبة لاستضافة حوار بين أطراف النزاع في ليبيا لأجل دعم عجلة السلام والوحدة الوطنية الليبية.
ومازالت سلطنة عُمان تقدم أنموذج مشرفا ومشرقا للدور الريادي لدفع عجلة السلام في مختلف دول العالم في مختلف زوايا وأقطاب عالم مترامي الأطراف، لأجل أن يعيش الإنسان مهما أختلف شكله أو جنسه أو دينه بسلام وآمان