سلطان بن خميس الخروصي
تناولت مجموعة “نبض الوطن”* على طاولة الحوار الكثافة المرورية المتنامية يوم عن أخر على شارع مسقط السريع وخصوصا ساعات توجه الموظفين إلى أعمالهم صباحا او انصرافهم وفي اجازات نهاية الاسبوع الذي افتتح بشكل كامل في ديسمبر من العام 2011م وأصبح حلقة وصل رئيسية بين محافظة مسقط ومحافظتي الباطنة والداخلية، ومن أهم التفاصيل الفنية والإحصائية التي وردت حول هذا الطريق ما جاء نصه في جريدة عمان في العام 2011م نقتبس منها: ” يتكون من اتجاه مزدوج مع ثلاثة مسارات في كل اتجاه، وذلك من دوار القرم إلى دوار حدائق النسيم، ويبلغ إجمالي طول الطريق الرئيسي 53 كيلومترا مع 112 كيلومترا إضافية كطرق متقاطعة وطرق خدمات وطرق أخرى، وتبلغ السرعة فيه حدود 120 كيلومتراً في الساعة مع احتياط بنسبة 2% من سعته للتوسع المستقبلي والتحسب في بناء الطريق للفيضانات القادمة خلال 100 عام، كما ويشتمل بالإضافة للطرق على 13 مخرجا و6 جسور و4 أنفاق و11 دوارا و7 تقاطعات بإشارات ضوئية بالإضافة إلى 7 مخارج لتغيير مواقع بعض المرافق والأعمال الأخرى، ويبلغ أعلى حائط صد للتربة 56 مترا كما يبلغ أطول جسر 333 مترا فوق وادي الخوض، وقد بلغت الحفريات في بعض المناطق الجبلية 70 مترا، وتشمل ملامح هذا الطريق واحدا من أعلى حوائط صد التربة في العالم حيث يصل ارتفاعه إلى 60 مترا”.
بعد مرور ثمانِ سنوات تقريبا على الافتتاح الكامل والذي من المؤمل أن يحقق الأهداف الاستراتيجية والقطاعية على جميع المستويات ويتقدمها انحسار الاختناقات المرورية في طرقات العاصمة، وانتعاش حركة البضائع، ورفع مؤشر الجذب السياحي، ورفع مؤشر التصنيف العالمي لمحافظة مسقط خاصة والسلطنة عموما، وجذب الاستثمار في المنطقة، إلا أن الواقع لم يشي بذلك حتى اللحظة، بل أصبح الطريق يشهد كثافة مرورية كبيرة أثارت تساؤلات عديدة حول التخطيط لهذا المشروع الوطني الضخم، فالكثير من المراقبين كتبوا حول المستقبل المجهول لهذا الطريق والذي لا يزال بكرا في الاستثمار على جانبيه وهو يشهد هذا التدفق المخيف من المركبات والتوقفات المتكررة في أوقات الذروة خاصة، فالأصل أن يكون متنفسا ومخرجا سلسا للقادمين إلى محافظة مسقط والخارجين منها سواء في أوقات الذروة أو غيرها لكن الواقع يظهر وجود أزمة حقيقية تتطلب البحث عن تفاصيلها والإجابة عن السؤال الجوهري، لماذا يشهد طريق مسقط السريع اختناقات مرورية مؤلمة؟.
وقد تناولت مجموعة “نبض الوطن” والتي تضم نخبة من الكتَّاب والمراقبين والمعنيين بالشأن الوطني وقضاياه المختلفة تبنَّت البحث في هذا الموضوع من خلال جُملة من المحاور نلخصها في الآتي:
-ما هي الجهات المختصة التي يقع على عاتقها الحد من الكثافة المرورية غير الطبيعية لضمان انسيابية الطريق؟.
-ماهي المقترحات الهندسية أو الفنية أو التقنية للحد من الاختناقات المرورية؟.
-هل يمكن أن يكون الإعلام أحد الأضلع الرئيسية للحد من هذه الاختناقات مثل تخصيص إذاعة خاصة تراقب الوضع؟.
وقد خلص النقاش إلى الآتي:
الأسباب الرئيسية المؤدية للكثافة المرورية:
– تتباين مسؤولية للإشراف على مرافق الطريق والحركة به بين شرطة عمان السلطانية، وبلدية مسقط، ووزارة النقل والاتصالات.
– توقيت العمل الموحَّد لجميع موظفي مؤسسات الدولة وطلبة المدارس والجامعات والكليات والمعاهد ومؤسسات القطاع الخاص.
– التوقيت الموحَّد للعمل في أغلب المؤسسات الخدمية مما يرفع من معدلات تدفق المراجعين لتخليص معاملاتهم والذي يتزامن مع توقيت عمل الموظفين في مختلف المؤسسات.
– زيادة مداخل ومخارج الطريق من وإلى الولايات والمناطق التجارية والسكنية تلبية لمطالب الأهالي.
– تركز المدن التجارية والإدارية في محافظة مسقط.
– عدم انسجام التخطيط العمراني مع التوسع والنمو بمحافظة مسقط كمدينة عصرية قابلة للزيادة السكانية والعمرانية والحاجة لرفع الخدمات.
– ضعف الدور الإعلامي والبرامج التوعوية مع الجهات المعنية للحد من هذه المشكلة.
– ضعف ثقافة النقل العام لدى المواطنين مما يجعل كمية المركبات المتدفقة على الطريق كبيرة جدا، حيث أظهرت التقديرات أن 74% من الذين يذهبون للعمل بمركباتهم الخاصة وأن 1% فقط الذين ينتقلون من خلال النقل العام أو سيارات الأجرة وهذا مؤشر يحتاج للدراسة.
– عدم وجود مداخل بديل الى محافظة الداخلية سوى المخرج او المدخل المقابل لواحة المعرفة وتعد تلك النقطة من اكثر مناطق الطريق ازدحاما وكثافة سيما اثناء حركة الموظفين.
– استخدام الطريق بواسطة الموظفين والطلاب الذين يحضرون وينصرفون الى أماكن اقامتهم الدائمة من ولايات محافظتي الباطنة والداخلية يشكل رافد ذا تيار متنامي ينعكس على حجم الكثافة المرورية.
– التوقفات البينية للسائقين أثناء الحوادث المرورية وإن كان في غير المسار الذي يسلكونه مما يتسبب في خلق بؤر اختناقات مرورية وبالتالي الشلل التام للطريق في قادم الوقت.
– عدم تهيئة الطريق للتوسع أمام المشاريع الاستثمارية القادمة والطفرة العمرانية والنمو الديموغرافي.
الحلول:
– العمل على إعادة تصميم وتوسعه واطالة مدى مداخل ومخارج الطريق التي تعد مصدرا أساسيا حاليا للاختناقات المرورية وبالتالي تفقده الهدف الأساسي الذي وجد من أجله.
– التفكير في خلق مسارات جديدة عبر الجسور المعلقة أو الأنفاق أو التوسع في الحارات لكل اتجاه قبل أن يزدحم جانبيه بالخدمات والمشاريع التنموية وبالتالي يكون صورة طبق الأصل لشارع السلطان قابوس في الازدحام.
– العمل على رفع الوعي لدى السائقين في آليات التعامل مع الحوادث والالتزام بالسرعة القانونية.
– مشاركة الإعلام المقروء والمكتوب والمسموع حول تفاصيل الطريق ومستجداته والنصح والتوجيه للمسارات البديلة.
– ضرورة الإيمان والعزم بسياسية التخطيط الاستراتيجي العمراني لمحافظة مسقط والتي أطلقها المجلس الأعلى للتخطيط دون النظر لأي اعتبارات شخصية أو فئوية.
– إعادة النظر في ضبط توقيت العمل بمختلف مؤسسات الدولة بمنهجية عالمية تضمن عدم اصطدام التوقيت بين مؤسسات الدولة وبذلك تُخلق تواقيت سلسلة للتدفق المروري.
– العمل على دراسة فرص توزيع المؤسسات الخدمية والإدارية للدولة في مناطق متفرقة يزيل الثقل المروري عن العاصمة وتتباين تدفقات المركبات بدلا من اتجاهها الحالي على ذات المسار.
– الحد من مرور الشاحنات من هذا الطريق.
– تبني برنامج إذاعي مروري يبث بشكل مباشر يوجه الحركة على الطريق بساعات الذروة ويرشد السائقين الى المسارات البديلة التي يتم عبورها في أقصر فترة زمنية ممكنه.
– يمكن الاستفادة من المسؤولية المجتمعية لمؤسسات القطاع الخاص في تمويل ودعم تحسينات الطريق على نحو يحد من الكثافة المرورية باعتبارها مستفيد أساسي من عابري الطريق ومرتاديه.
يمثل طريق مسقط السريع ركيزة وطنية وإنجازا عظيما لعُمان الحديثة، إلا أن التخطيط هو أساس التنمية ورأس حكمتها النبيلة، من هنا لابد من استثمار هذا المشروع الوطني بالآليات التي تضمن تحقيق غايته النبيلة.
*مجموعة في “الواتساب” .