شؤون عمانية- فايزة محمد
” الحل في مسقط ” هكذا ترى الباحثة والإعلامية اليمنية منى صفوان عندما تحدثت عن الأزمة التي تعصف ببلادها منذ عدة سنوات، وذلك في ندوة بعنوان ” دور عمان في تعزيز السلم الدولي ” التي نظمها النادي الثقافي الأحد الماضي، حيث أكدت بأن مسقط هي ” العاصمة التي يرنو اليها اليمن، لتجمع شتات أطرافهم في حوار حقيقي ومفاوضات حقيقة، بعيدا عن أجندة الامم المتحدة”.
وأرجعت الباحثة اليمنية سبب ذلك إلى الدبلوماسية العمانية التي وصفتها بأنها ” ناجحة جدا، وهي مدرسة فريدة أثبت التاريخ السياسي للمنطقة انها كانت على صواب، فهي لم تقاطع مصر في السبعينات حين قاطعتها كل الدول العربية، وكذلك لم تقاطع سوريا ، والان عاد من كان يحارب سوريا لفتح سفارته هناك ، وكونها لم تشارك في سفك الدم اليمني، ولا في اي صراع داخلي، ولا في دعم اي فصيل محلي، وترفعت عن المشاركة في عاصفة الحزم”.
وإذا كانت باحثة يمنية ترى أن الحل في مسقط فإن هناك باحثة أخرى من إيران وهي سمية مشكوري تؤكد ” أن السلطنة أصبحت المفتاح لحل الأزمات أينما وقعت”.
فمن أين اكتسبت السلطنة كل هذه السمعة الطيبة حتى أصبحت قبلة لعشاق السلام في العالم أجمع؟ كيف استنجدت الولايات المتحدة الأمريكية -وهي القوة العظمى الأولى في العالم – منذ سنوات قليلة بالسلطنة من أجل أن تتوسط لها لدى إيران من أجل إنجاح المفاوضات النووية؟ وكيف تطلب دولة قوية أخرى مثل فرنسا وساطة السلطنة من أجل مساعدتها للإفراج عن بعض رعاياها في اليمن؟ كيف استطاعت السلطنة أن تستقبل في مسقط وزير الخارجية السوري ثم بعد أيام قليلة فقط تستقبل وفدًا من فصائل المعارضة السورية؟ وحتى عندما استقبلت مسقط نتنياهو في أكتوبر الماضي فإنه لم تخرج إدانة رسمية واحدة من الدول التي تسمى بـ ” الممانعة ” رغم عدائها الشديد لكل إتصال مع ” إسرائيل “، والسبب في ذلك لأنها تعلم أن استقباله لا يندرج ضمن التطبيع مع هذا الكيان؛ وإما رغبة صادقة من السلطنة في عودة الحق الفلسطيني إلى أصحابه من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
فيا ترى، أي عصًا سحرية تمتلكها السلطنة حتى تستطيع أن تجمع بين المتناقضات في مكان واحد!! وأي سحر يمتلكه الخطاب السياسي العماني حتى يستطيع أن يقنع إيران والولايات المتحدة بالجلوس على طاولة المفاوضات وجهًا لوجه وإيجاد حل لقضية الأزمة النووية الإيرانية التي عجز العالم عن إيجاد حل لها بعد سنوات من المفاوضات المطولة! وحتى بعد خروج الولايات المتحدة في عهد الرئيس الحالي ترامب من الاتفاق النووي فقد استطاعت الدبلوماسية العمانية أن تُخفف من حدة الخطاب الأمريكي ضد إيران بعد أن حسب العالم أن الحرب قائمة لا محالة في المنطقة بعد سنوات من الاستقرار النسبي، وهذا ما أكدته الباحثة الإيرانية سمية مشكوري في ورقتها التي ألقتها في الندوة المذكورة حيث ذكرت أنه ” في عهد الرئيس ترامب أعربت الإدارة الأمريكية عن رغبتها في التفاوض المباشر مع إيران وإزالة الاحتقان والتوتر فيما بينهما حيث ذكر السيد عبدالأمير موسوي الدبلوماسي السابق والخبير بشؤون الشرق الأوسط بأن خمسة بلدان عربية وأسيوية وأوروبية حملت رسائل من أمريكا إلى إيران تحمل رغبة الرئيس الأمريكي ترامب بزيارة طهران والتفاوض معها بشكل مباشر ولم يذكر إسم أي من هذه البلدان سوى عُمان”.
إن العالم قد تعّود على الاصطفافات السياسية والطائفية، ومن الصعب وربما من المستحيل أن تجد دولة بعيدة عن هذه الاصطفافات، ولكن السلطنة استطاعت بتاريخها وتراثها وحكمة سلطانها المفدى – حفظه الله وأمده بالصحة والعافية – أن تكون على مسافة واحدة من الجميع، وأن تظل رمزًا للسلام في العالم.