فايزة محمد
لقد كان التنويه الذي صدر أمس الأربعاء من مركز التواصل الحكومي صريحًا وشفافًا وأثلج صدور المواطنين الذين كانوا ينتظرون صدور مثل هذا البيان لمعرفة ماذا حدث بالضبط في القضية المعروفة بـ اختلاس أموال وزارة التربية والتعليم، خاصة بعد أن تضاربت الروايات، وانتشرت الشائعات، وبدأت بعض المجموعات في مواقع التواصل الاجتماعي تنشر أسماءَ بعينها، والتشهير بها، والإساءة إليها، واتهامها بأنها تقف وراء الاختلاس، وهذا يعتبر قذفًا وتشهيرًا حسب المادة رقم 16 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، كما هو مُجرّم أيضا في قانون الجزاء العماني، وقال الله تعالى في كتابه العزيز : ” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين «الحجرات: 6». وقد وصف الله تعالى في هذه الآية الكريمة مروجي الشائعات بالفسق، وحث الناس على التثبت والتبين قبل قبول الخبر الكاذب.
لقد أوضح التنويه بكل جلاء أنه تم فعلًا ” ضبط عدد من موظفي وزارة التربية والتعليم كمشتبه بهم في قضية اختلاس أموال بالوزارة “، ثم أكد أن ” الجهات المعنية ممثلة في الادعاء العام بصفته الجهة المختصة بتحريك الدعوى العمومية مستمرة في مباشرة إجراءات التحقيق مع المشتبه بهم بالتعاون مع المعنيين في كل من جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة ووزارة التربية والتعليم”، كما أشار البيان إلى نقطة مهمة جدا وهي التأكيد على ” حرص المختصين بالوزارة على تقديم كافة المستندات والتسهيلات المطلوبة لاستجماع الأدلة واستجلاء الحقيقة ، وذلك استكمالاً للجهود المخلصة التي أسفرت عن اكتشاف القضية من قبل الأجهزة الرقابية الحكومية” .
ومن النقاط المهمة التي أشار إليها البيان، الدعوة إلى ” تجنب الشائعات والتأويلات والتشهير، وانتظار ما ستؤول إليه إجراءات التحقيق وثبوت التهمة على المشتبه بهم تمهيدا لتقديمهم للعدالة وذلك وفق نصوص القوانين المعمول بها في السلطنة”. فمع الأسف الشديد، فإنه منذ اللحظات الأولى لتناقل خبر الاختلاسات في مواقع التواصل الاجتماعي، بدأ البعض بنشر أسماء بعينها تعمل في وزارة التربية والتعليم، ثم بدأت بعض المواقع بنشر صورهم مع بعض التعليقات المسيئة.
إن الشائعات تؤدي إلى إثارة البلبلة في المجتمع؛ لأنها تنتشر كالنار في الهشيم وتصبح بين ليلة وضحاها وكأنها حقيقة لا يمكن التشكيك فيها، ومن الصعوبة السيطرة عليها بعد انتشارها، ولذلك فإن الحل هو القضاء عليها بشكل سريع عن طريق تقديم المعلومة الصحيحة إلى المجتمع.
وأما التشهير عن طريق نشر أسماء وصور بعينها، والإساءة إليها، بل وامتداد هذه الإساءة أحياناً إلى عائلاتهم ومن يمت إليهم بصلة قرابة، فقد كان تنويه المركز واضحا أنه يؤمن بحق المجتمع في معرفة الحقيقة، وحقه في التعبير عن رأيه في هذه القضية التي شكلت صدمة للمجتمع، ولكنه في الوقت نفسه يوجه دعوة صريحة إلى الابتعاد عن الشائعات والتشهير. ولذلك نستطيع أن نقول: إن التنويه الذي صدر عن مركز التواصل الحكومي جاء في وقته، حيث استأصل الشائعات من جذورها، وقدم المعلومة الصحيحة للمجتمع.