سلطان بن خميس الخروصي
يُشكل الاستثمار أحد الروافد المهمة في دعم اقتصاديات العالم وخلق فرص وظيفية علاوة على تأثيرها على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي والتنمية المستدامة؛ حيث يشير تقرير الاستثمار العالمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أن التدفقات العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر ارتفع بمعدل 40% للفترة (2017-2015) وهو أعلى ارتفاع منذ بدا الأزمة الاقتصادية في العام 2008 ليصل إلى 1.76 ترليون دولار أمريكي وكان عامل الدمج والتملك العابر للقارات بتنوع الجنسيات العامل الأكبر في هذا الارتفاع، وتشير التقارير المعنية بالاستثمار إلى ان العامل الرئيس تمثل في إعادة الهيكلة المؤسسية لهذا القطاع وتوظيف التواصل المؤسسي الرقمي علاوة على سهولة الإجراءات ووضوحها، وكانت أو أوروبا قد حصلت على المرتبة الأعلى في هذا القطاع، وتضاعفت الزيادة في الولايات المتحدة الامريكية مرتين، ولا تزال الدول النامية في آسيا تتصدر قائمة المتلقين للاستثمار الأجنبي المباشر عالميا بتدفقات تتجاوز النصف ترليون دولار سنويا وتضم نصف البلدان العشر لأعلى تدفقات الاستثمار الأجنبي حاليا، بينما تراجع الاستثمار وتدفقاته المباشرة عن أفريقيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.
وعلى المستوى العربي فقد شهد التدفق الأجنبي المباشر ارتفاعا بنسبة 25% حسب التقرير السنوي لعام 2017 والصادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات؛ وشكلت المساهمة العربية ما نسبته 1.8% فقط من الإجمالي العالمي البالغ 1.75 ترليون دولار أمريكي.
وفي سلطنة عمان شكل الاستثمار أحد الأضلع الرئيسية في منظومة التنوع الاقتصادي؛ فوضعت جملة من التشريعات والقوانين التي نظمت هذا القطاع وسعت لتطويره وتنميته، وكان آخرها المرسوم السلطاني رقم 35/2012 بإصدار نظام الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات، إلا ان المتابع للتقارير العالمية يجد أن وضع الاستثمار في البلاد بحاجة للدراسة والوقوف على واقعه وتحدياته لإمكانية التطلع للمستقبل ووضع مرئيات تطويرية، إذ يشير تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات 2017 أن عدد الدول المصنفة عالميا للاستثمار الأجنبي كبيئة حاضنة لهذا القطاع ضم 72 دولة منها 17 دولة عربية تقدمتهن جمهورية مصر العربية وبنسبة (14.63%) عالميا، ثم تونس فلبنان، بينما جاءت سلطنة عمان بنسبة 2.13%) وهو ما يتطلب الوقوف عند هذا الواقع.
سعت مجموعة “نبض الوطن” بالواتساب لدراسة هذا القطاع من خلال المسؤولين وأصحاب القرار ومن لهم مشاركات وممارسات في القطاع الاستثماري فتلخصت نتائج الحوار من خلال عدد من التحديات والتي تتطلب إيجاد حلول جذرية ليكون الاستثمار في البلاد على قدم وساق ويستطيع أن يرفد الاقتصاد الوطني بإضافة نوعية وملموسة، ومن تلك المعوقات او التحديات التي تجسد الواقع هي:
1. ضبابية التنسيق بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص في هذا المجال.
2. وجود ثغرات قانونية بحاجة إلى إعادة دراستها وتقويمها بما يخدم الصالح العام لجميع الأطراف.
3. ضرورة المتابعة الدقيقة للجهات الرقابية والتنفيذية ذات الصلة.
4. السعي لقطع المنافذ التي قد تقحم الاستثمار الحقيقي نحو المثالية والتصنّع والاستغلال الوهمي.
5. غياب المرجعية القانونية والمؤسسية لهذا القطاع.
6. بطأ وعدم وضوح الإجراءات الإدارية والتنسيقية والدعم للمستثمر مما يكون سببا في هروب روؤس الأموال من السلطنة.
7. الحاجة إلى قاعدة البيانات المفتوحة للجميع حتى يُقدم باستثماراته بأريحية واطمئنان.
وفي الختام فإن التركيز على هذه النقاط وما يتصل بهذا القطاع يبني جسرا حقيقيا للنمو الاقتصادي الواعد، ويعمل على تسهيل تحقيق رؤية عمان 2040 وفتح فرص وظيفية للشباب، علاوة على تقليل الاعتماد على المصدر الناضب وفتح منابع مالية واقتصادية دائمة، أظف إلى أنه يخلق من عُمان حاضنة الاقتصاد العربي والعالمي كما كانت ولا تزال حاضنة للسلام العالمي.
دمتم بود