جمانة اللواتي
يرى الكثيرون لا سيما الأشخاص المتميزين أن المصدر الأساسي لاكتساب المعرفة والحضور الآسر هي القراءة، والتي تُعد أمراً لا غنى عنه، ولا تندرج تحت بند الكماليات – كما يعتقد البعض بل العكس تماماً – إذ أنها حاجة ماسة للإنسان كحاجته للطعام والشراب .
في ما يرى العديد من الباحثين المعاصرين أن عصر الحصول على العلم والمعلومة من الكتب والقراءة “فحسب ” قد اندثر و ولى ؛ نظراً لوجود مختلف الوسائل التي يستطيع المرء اللجوء إليها بحثاً عن المعرفة والثقافة، و يستدلون على هذا الأمر بما توصلت له كبرى الجامعات العريقة والصحف العالمية والمؤسسات الثقافية في العالم من مجاراةٍ للحداثة والتطور ، إذ وسعت نطاق عملها و استعانت بالوسائل الحديثة والتكنولوجيا لتسهيل إيصال المعلومات للجميع. و يبدو أن الواقع الذي نعيشه يثبت ميل الغالبية لهذا التوجه لاسيما من فئة الشباب و تدني نسبة القرّاء في العالم العربي ،
و رغم هذا التوجه، لا زالت بعض الدول تعتمد كثيراً على القراءة كمصدرٍ رئيسي بل المصدر الأوحد للتعلم والمعرفة ، ولا أدري إن كانت السلطنة من ضمنها، ولكن من الواضح أن حالة الاهتمام بالقراءة موجودة في أوساط المجتمع و تظهر هذه الحالة على السطح بشكل لافت مع معرض الكتاب السنوي، و قد أشار وزير الاعلام في كلمته بمناسبة إفتتاح معرض مسقط للكتاب في هذا العام : ” أن الإحصائيات اشارت إلى أن سلطنة عمان حصلت على المركز الثاني في نسبة القوة الشرائية عربياً “، فإذا اجتمع الشراء مع القراءة الحقيقية و عدم ركن الكتب في زاوية المكتبة فهذا أمرٌ يبشر بالخير على صعيد الأفراد والمجتمع ، كما أن مسألة القراءة يجب أن لا تقتصر على فئة عمرية معينة بل يجب أن تكون للجميع خصوصا لفئة الاطفال؛ حتى يتم تأسيسهم فكرياً بشكل جيد رغم عدم تفضيل حصر طرق اكتساب المعلومات و تقيدها في القراءة حتى لو لم تكن لديهم الرغبة لذلك، ولكن تعويد الطفل على عدم الاعتماد على الوسائل الحديثة بشكل كلي يعود عليه بالنفع، و وجود هذا الكم الكبير من الدور التي تعرض كتباً خاصة للأطفال أدبية وفكرية وغيرها فرصة حقيقية يجب على أولياء الأمور انتهازها .
أما بالنسبة للشباب ، إن كانوا يقرأون فهذا أمرٌ ممتاز و يجب تشجيعهم عليه وعدم انتقاد خياراتهم من الكتب و حصر الثقافة في الجانب الفكري فقط ، حيث يعتقد الكثيرون أن الشباب لا يقرأون غير الروايات وهي مضيعة للوقت والمال، والواقع أن الكثير من الروايات المهمة ناقشت العديد من المسائل السياسية والتاريخية وغيرها لذا فإن المهم هي القراءة بحد ذاتها
معرض الكتاب فرصةٌ ثمينة لإكتساب المعرفة والبحث عنها و التعرف على عوالم جديدة ، وهي عرسٌ ثقافي يزيد تطوراً ملحوظاً في كل عام وتُبذل عليه من الجهود الكثير والكثير ، كما أن سقف الحرية في معرض مسقط يعتبر جيداً رغم التحفظ على مسألة الرقابة وفرض الوصاية على المجتمع بمنع بعض الكتب، إلا أنه لا يمكن إشاحة النظر عن كل التطور الحاصل والانشطة الثقافية المصاحبة للمعرض والتغير للافضل عاماً بعد عام والذي يستدعي التقدير لكل الجهود المبذولة الحريصة على مجتمع قارىء مثقف .