ads
الجمعة, أكتوبر 17, 2025
  • Login
شؤون عمانية
  • الرئيسية
  • أخبار الوطن
    • محليات
    • مال وأعمال
    • متابعات وتحقيقات
    • الرياضة
  • ثقافة وأدب وفنون
    • عالم الكتب
    • انفوجرافيك
  • مقالات
  • علوم وتكنولوجيا
  • طب وصحة
  • من نحن
  • تواصل معنا
No Result
إظهار جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أخبار الوطن
    • محليات
    • مال وأعمال
    • متابعات وتحقيقات
    • الرياضة
  • ثقافة وأدب وفنون
    • عالم الكتب
    • انفوجرافيك
  • مقالات
  • علوم وتكنولوجيا
  • طب وصحة
  • من نحن
  • تواصل معنا
No Result
إظهار جميع النتائج
شؤون عمانية
No Result
إظهار جميع النتائج

التّفسير الإنسانيّ للقرآن الكريم.. مع المصالحيين (1) الآيات (8 – 10) من سورة البقرة

فبراير 15, 2019
في مقالات
التّفسير الإنسانيّ للقرآن الكريم..  مع المصالحيين (1) الآيات (8 – 10) من سورة البقرة
الواتس ابالفيس بوكتويتر

بدر بن سالم العبري

 

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ، يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ، فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [8 – 10]: بعد بيان صفة المتقين في أربع آيات، والكافرين في آيتين، هنا يسهب المولى في بيان الدّائرة المتداخلة بينهما في ثلاث عشرة آية، وهي دائرة طبيعيّة في أيّ مجتمع إنسانيّ حال القوّة والعزة والمكنة، سواء على مستوى الدّول أو المجتمعات أو الأفراد، فهناك فئة مؤمنة مصدّقة مخلصة في السّراء والضّراء، وهناك فئة مؤمنة صادقة أيضا ولكن في الجانب المقابل، فهي صادقة في رفضها أو كفرها، متحمّلة آثار ونتائج ذلك.

بيد أنّه يوجد فئة تتلون حسب المصلحة، فإن غلبت الأولى كانت معها ظاهرا، ولو لم تصدقها باطنا، فأينما تكون المصلحة كانت، والغاية تبرر الوسيلة، وكذا إن غلبت الثّانية كما يقول ابن الصّمة [ت 8هـ]:

وما أنا إلا من غزية إن غوت ……. غويت وإن ترشد غزية أرشدُ

وهذا على مستوى الأفراد، فلمّا يكون قويا ماليّا أو علميّا أو سياسيّا، ترى النّاس يميلون إليه ليس حبا أو إخلاصا له، بقدر ما يحققون عن طريقه مصلحتهم، فكم من سياسي شهير، يسير خلفه العشرات تظاهرا بالولاء والإخلاص له، فإذا سقط تركه الأغلب، وما بقي في صفّه إلا القليلُ القليل، فذهب ما كان يتغنى به الفرزدق [ت 114هـ]:

ترى النّاس ما سرنا يسيرون خلفنا ….. وإن نحن أومأنا إلى النّاس وقّفوا

فهذه طبيعة إنسانيّة، لا تنحصر في فرد أو مجتمع أو أمّة، بل حتى على مستوى الأفكار والمذاهب والأديان، فالعديد من يتعصّب لها لا عن قناعة وإخلاص بقدر ما يكون عن مصالح دنيويّة يجنيها من تظاهره بذلك.

وهذا ما حدث للنّبيّ محمّد – صلىّ الله عليه وسلّم – عندما كان في مكة في حالة ضعف واستضعاف، ناصره فئة قليلة صدقت معه قلبا وقالبا، وأثنى الله عليها، ويدخلون في قوله سبحانه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [النّور/ 23]، فلمّا هاجر إلى المدينة، وأبدله الله بعد ضعف قوّة، وبعد ذل عزة، تظاهر العديد في صفّه، وآمن به أفراد حفاظا على مصالحهم، أو كسبا لمصالح فانيّة، فإذا ما أصابهم سوء رجعوا القهقرى، كما حدث في حنين في السّنة الثّامنة من الهجرة، عندما تخلى عنه الأكثر لما رأوا الذّلة: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التّوبة/ 25].

وبما أنّ سورة البقرة جاءت لتنظيم المجتمع المدنيّ كما أسلفنا؛ كان منطقيا الإشارة إلى هذه الفرق الثّلاثة، فهي طبيعة مجتمعيّة في أي أمّة بشريّة، وهنا في مطلع هذه السّورة نجد الله تعالى لم يسّمهم؛ بيد أننا نجد اتفاق المفسرين قاطبة في أنّهم المنافقون، يقول الطّبريّ [ت 310هـ] في تفسيره: “وأجمع جميع أهل التّأويـل علـى أنّ هذه الآية نزلت فـي قوم من أهل النّفـاق، وأنّ هذه الصّفة صفتهم”، وعن ابن جريج [ت 150هـ] قال: “هذا الـمنافق يخالف قولُه فعلَه، وسرُّه علانـيَته، ومدخـلُه مخرجَه، ومشهدُه مغيَبه”.

وكما أنّ القرآن لم يسمهم أيضا لم يحدد من هم، وإنّما هي إسقاطات كما في رواية ابن عباس [ت 68هـ]: “يعنـي الـمنافقـين من الأوس والـخزرج، ومن كان علـى أمرهم”، وذكروا منهم مثلا عبد الله بن أبي بن سلول الخزرجيّ [ت 12هـ]، ومعتب بن قشير [ت ؟]، وجدّ بن قيس [توفي عهد عثمان]، وقيل إنّها في منافقي أهل الكتاب، وقيل في اليهود خصوصا.

ولن نتحدّث هنا عن لفظة المنافقين وماهيتهم وأقسامهم، والأصل فيهم قوله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التّوبة/ 101]، وسنتحدّث عنه في سياق الآيات المشيرة إليه، تجنبا للإسهاب والتّكرار، ولعمرو النّاميّ [ت؟] كتاب نفيس في هذا اسمه: ظاهرة النّفاق في إطار الموازين الإسلاميّة لمن أراد المزيد.

{وَمِنَ النَّاسِ} بعد الحديث عن جماعة المتقين والكافرين يعطف القرآن بالحديث عن النّاس، فهو كما يقول الزّمخشريّ [ت 538هـ] في الكشاف “من باب عطف الجمل على الجمل”، إلا أنّ فيه نكتة لطيفة حيث يتناسب مع الآيات، فالمتقي والكافر من النّاس أيضا، ولكن الغالب في النّاس حقيقة هو المصالحيّ أكثر منه الصّادق من الفريقين إيمانا وكفرا، ولهذا ناسب المقام ذكر النّاس هنا، وناسب أن تكون الآيات المتحدّثة أكثر من الفريقين الأولين، فذكر النّاس هنا من باب عطف العام على الخاص، فلا معنى لما يقوله المتصوفة أنّ الأولياء ليسوا من النّاس!!!

وهنا عندنا ثلاثة ألفاظ لا يوجد بينها ترادف في الحقيقة: البشر والإنسان والنّاس، أمّا الأول والثّاني فسيأتي الحديث عنهما في محلّة، وهما بصورة عامّة أعم، فالبشر أقدم وأعم، وأقرب إلى بداية الخلق وتطوره، فهي من البشرة أي الظّهور، والإنسان من تكون المجتمعات والحضارات فهي من الأنس، أي يأنس بعظهم بعضا، والنّاس أخص من الإنسان، وهي جزء منه، فالنّاس كما يقول الثّعلبيّ [ت 427 هــ] في الكشف والبيان: “هم جماعة من الحيوان المتميّز بالصّورة الإنسانيّة”، ولا يهمنا هنا ماهية اشتقاق الكلمة في اللّغة، ونجد هنا تعلّقت اللّفظة بمن التبعيضيّة، أي من النّاس مَن هذه صفاته، ليخرج صفة التّقيّ والكافر، أو المتبع عن إيمان إيجابا، أو الكافر عن إيمان سلبا، فهذه طبيعة النّاس في أيّ مجتمع إنسانيّ.

{مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ} سبق الحديث عن الإيمان في الآية الثّالثة من هذه السّورة الّذي هو التّصديق، ومَن موصولة بمعنى الّذي، أي من النّاس الّذين يقولون آمنّا، والقول كما يقول ابن عادل [ت 880هـ] في اللّباب في علوم الكتاب: “اللّفظ الموضوع لمعنى، ويطلق على اللَّفظ الدَّال على النّسبة الإسناديّة، وعلى الكلام النَّفسانيّ أيضا”، وأسند الله هنا الإيمان إلى القول، فيكون المسند إليه لا يخرج عن دائرة القول والتّظاهر، بينما الإيمان مجرد حكم يتظاهرون به، بمعنى الإيمان قولهم، وأسند الاثنين إلى من الموصولة.

واللّطيف هنا أتي لفظة الإيمان في صيغة الفعل الماضي، والفعل الماضي يفيد التّحقق وقوعا، والانقضاء زمنا، أي كأنّه تحقق تصديقهم وإيمانهم ماضيا، ثمّ انقطع زمنا؛ لأنّه ليس عن قناعة وتصديق حقيقي، بيد أنّه استخدم الفعل المضارع في الفئة الأولى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}، وكذلك في الفئة الثّانية: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}، والفعل الماضي إذا استخدم لحدث وقع فهو يفيد تحقق الانقضاء، وإذا استخدم حكاية لحدث لم يقع فهو يفيد تأكيد وقوع هذا الفعل كقوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر/ 1]، فاستخدام الإيمان هنا من خلال الماضيّ أي كأنّه لا أثر لهذا التّصديق، فهو لا يخرج عن الدّعاوى والتّظاهر لا أكثر.

وأمّا الآخرة فسبق الحديث عنها في الآية الرّابعة من السّورة، وذكرنا قول الطّبريّ [ت 310هـ] في تفسيره “أنّ الآخرة سمّيت بهذا إمّا لتأخرها عن الأولى وقوعا، أو لتأخر خلقها”، وفي سورة الفاتحة الآية الرّابعة تحدّثنا عن اليوم، وأنّه ليس المراد به السّاعات الأربع والعشرين، وإنّما رمز وإشارة لمرحلة جديدة، ويرى الثّعالبيّ [ت 875 هـ] في الجواهر الحسان “أنّ اللَّه تعالى سمّى يوم القيامة باليوْم الآخر؛ لأنّه لا ليل بعده، ولا يقال يوم إلا لما تقدَّمه ليل”، بينما يؤول ذلك صدر المتألهين الشّيرازيّ [ت 1059 هـ] في تفسيره: “وإنّما سمّي زمان الآخرة يوما لظهور شمس الحقيقة حينئذ، وطلوعها من أفق الأكوان ومطالع الحقائق الرّوحيّة، كما أنّه قد اختفى ما دام الكون الدّنيويّ في مغارب الصّور الحسّيّة، وفي القيامة تصير تلك الصّور بعينها مظاهر أنوار الإلٰهيّة، ومشاهد أسرار الرّبوبيّة. فكأن مدّة الدنيا ليل نهاره يوم الآخرة، وصباحه عند قيام السّاعة، والله أعلم بأسراره”.

والرّبط بين الإيمان بالله واليوم الآخر هو سياق القرآن الجامع بين الأديان جميعا في المجتمعات الإنسانيّة، وليكون الحديث بصورة أوسع، خاصّة وأنّ المجتمع الإنسانيّ يضمّ أديانا ومذاهب متنوعة، جميعا تؤمن بالله واليوم الآخر، وجميعا يقابلها كفرة، ويتعلّق بها مصالحيون.

{وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} هنا ينفي الله تعالى حقيقة إيمانهم من خلال الجملة الإسميّة الّتي تفيد الثّبوت والدّيمومة، فكأنّها حقيقة في نفي إيمانهم ماضيا وحاضرا ومستقبلا، والباء زائدة للتّوكيد في نفي حقيقة إيمانهم وتصديقهم.

فخلاصة الآية أنّ هذا الفريق من النّاس فريق مصالحيّ، يدور مع المصلحة، فأينما تكون في أيّ مجتمع إنسانيّ كان هو، بغض النّظر عن مضامين الإيمان وفلسفته وتصديقاته، وكما يقول محمّد عبده [ت 1905م] في المنار: “وهي فرقة من النّاس توجد في كلّ آن، وفي كلّ عصر”، ويقول سيد قطب [ت 1966م] في الظّلال: “لقد كانت هذه صورة واقعة في المدينة، ولكننا لمّا نتجاوز نطاق الزّمان والمكان نجدها نموذجا متكررا في أجيال البشريّة جميعا، نجد هذا النّوع من المنافقين من علية النّاس الّذين لا يجدون في أنفسهم الشّجاعة ليواجهوا الحق بالإيمان الصّريح، أو يجدون في أنفسهم الجرأة ليواجهوا الحق بالإنكار الصّريح، وهم في الوقت ذاته يتخذون لأنفسهم مكان المترفع على جماهير النّاس، وعلى تصورهم للأمور، ومن ثمّ نميل إلى مواجهة هذه النّصوص كما لو كانت مطلقة من مناسبتها التّأريخيّة، موجهة إلى هذا الفريق من المنافقين في كلّ جيل، وإلى صميم النّفس الإنسانيّة الثّابت في كلّ جيل”.

وكما أسلفت أنّ الآيات لم تشر إلى مصطلح المنافقين، وإنّما فهم من سياق الآيات، وربطه مع آيات المنافقين، بيد أنّه هنا نضع مصطلحات القرآن في محلّها، وذكرنا بالمصالحيين ليس كمصطلح آخر، وإنّما كرابط بين فحوى الآيات والمجتمع الإنسانيّ الكبير، ولا مشاحة في الاصطلاح.

{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا} أصل المخادعة قيل الإخفاء ومنه الحيلة والمكر، وقيل الإفساد، ولسنا هنا أمام جدليّة تأويل مخادعة الله، فهي لا تخرج عن دائرة التّصوير البياني في القرآن الكريم، وأسند المخادعة إليه قبل الّذين آمنوا لأنّ فيه لطيفة وهي النّظر بداية إلى الله سبحانه وتعالى الّذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السّماء، فهو أقرب إلى التّقرير بعدم جدوى هذا الخداع، وأنّه ينكشف يوما ما، وهو مرتبط بالجانب المصالحيّ في المجتمع الإنسانيّ من قبل فئة تتلون حسب المصلحة لا حسب المبدأ، لذا ترى نفسها خافية عن النّاس كالمجدع الّذي تختفي فيه المرأة وتسكن عن الأنظار، ولكن في الحقيقة: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}؛ فيخدعون أنفسهم لوضوح أمرهم، واتضاح تلونهم، لهذا ناسب ختام الآية بشيء نفسي داخليّ وهو الشّعور، وهو أقرب إلى الخداع من العلم، فيشعر بفعله أنّ صورته غير ظاهرة، وتلونه غير متضح، وهو شعور كاذب في الحقيقة سرعان ما ينكشف ويظهر، وله صوره العديدة في المجتمع، وليس مرتبطا بالجانب السّلوكي أو الأخلاقي خصوصا؛ بل يعمّ جوانب المجتمع ومظاهره المتعددة، والّتي بها يتكسب الإنسان المنافع الدّنيويّة القاصرة.

{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} المرض هو النّقيصة حسب الجانب التّكوينيّ في الإنسان، فالأصل الصّحة، والمرض نقيصة، وفي اللّغة كلّ ما خرج بالكائن الحيّ عن حدّ الصّحة والاعتدال من علّة أو نفاق أو تقصير في أمر، والمرض أسند إليه القلب، والقلب قد يراد به المضغة المجوفة المستقبلة للدّم من الأوردة، والدّافعة له إلى الشّرايين، وقد يطلق على العقل، ويطلق أيضا على الجانب الوجدانيّ والشّعوريّ في الإنسان، والرّابط بينهما التّقلب، فالقلب في صورته الحسّية منقلب ليدفع الدّم إلى الجهات المختلفة، فيقلب مثلا الدّم المحمل بثاني أكسيد الكربون إلى الرّئتين لتنقيته عكس الدّم المحمل بالأكسجين ليحوله إلى باقي الأعضاء للقيام بدورها، وأطلق على العقل لأنّ العقل يقلب الأفكار والتّصورات ويعيد النّظر والتّأمل فيها، وأمّا على الشّعور والوجدان فهو يتناسب أكثر لتقلّب الإنسان في وجدانه ومشاعره، ولهذا استخدم القرآن الكريم هنا لفظة الحصر بتقديم المسند (في قلوبهم) على المسند إليه (مرض) وهذا لغاية التّخصيص، فالقلب والمرض هنا استعارة وليس حقيقة لعادة القرآن في التّصوير البياني كما أسلفنا، ولأنّ الآية السّابقة ختمت بـ{وَمَا يَشْعُرُونَ} فكانت هذه الآية مزيد بيان لهذا الشّعور والوجدان المليء بالمرض، والمراد به هنا – في نظري – ليس الشّك في الحقيقة كما يقول غالب أهل التّأويل؛ وإنّما المراد به الحسد والكره والبغض.

وهذا طبيعيّ في أيّ مجتمع إنسانيّ تجد الفئة المصالحيّة مليئة بالحقد والحسد والبغض وإن أظهرت غير ذلك، ولكن الواقع أجبرها على ذلك، والآيات جاءت تصور هذه الحالة المصالحيّة في أيّ مجتمع وزمن بشريّ.

{فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} لا تهمنا هنا الجدليّة في نسبة سبب وقوع المرض إلى الله، والخلاف الواقع بين المعتزلة وغيرهم في نسبة الشّر إلى الخالق، وهو خلاف لا يتعدّى اللّفظ في جوهره، فهو كما يقول محمّد حسين فضل الله [ت 2010م] في تفسيره من وحي القرآن “أنّ هذا التّعبير ينسجم مع التّعابير القرآنيّة الكثيرة الّتي ينسب فيها الفعل إلى الله باعتبار أنّ القوانين الطّبيعيّة الّتي تقتضيها طبيعة الأشياء فيما أودعه الله من علاقة السّببيّة تستتبع هذا الفعل وتقتضيه ما يبرز نسبته إلى الله، باعتبار مسبب الأسباب، ومكوّن القوانين الّتي تحكم الّتي تحكم الأشياء، من دون أن ينافي ذلك نسبته إلى الإنسان باعتباره الأداة المحرّكة للفعل بشكل مباشر، من خلال الإرادة المطلقة من حركة العقل والفكر”.

وسواء قلنا إنّ نسبة الشّيء إلى الله بالمعنى المطلق العام أي خلق المكونات العامّة ثمّ ترك الفعل المطلق للعبد في الاختيار وخلق منها أفعاله، أو بالمعنى التّفصيليّ؛ لأنّ هذه الدّراسات الفلسفيّة تنطلق من دونيّة الإنسان، والخطاب القرآنيّ ينطلق من علوّية الخالق، فلهذا يحدث نوعا من التّغاير في مفردات الخطاب، ويتجسّد هذا في بعض المفردات كما سيأتي ذكرها في محلّه من التّفسير، والّتي ظاهرها العنف والشّدة، فهو لا يخرج عن خطاب القرآن العلويّ مع الذّات البشريّة والإنسانيّة.

ففي هذا الآية تصوير لنتيجة هذا الحسد والحقد والكراهيّة أنّه في الحقيقة يزيد ولا ينقص كما يقول عبد الله بن المعتزّ [ت 296هـ]:

اصبر على كيد الحسود            فإنّ صبرك قاتله

كالنّار تأكل بعضها          إن لم تجد ما تأكله

وهذا ليس على مستوى الأفراد فحسب؛ بل حتى على مستوى الأمم، فالأمم النّاجحة يقابلها أمم حاسدة وكارهة ومبغضة، خاصّة إذا انطلق من جانب أيدلوجيّ بحت، وكذا الأمر بالنّسبة للمصالحيين في أيّ مجتمع إنسانيّ يعيشون مرض الحسد والغلّ والكراهيّة، وهذا المرض في الحقيقة يزيد ولا ينقص بسبب تلونهم وظهورهم بشكل مغاير، فصاحب المبدأ وأن عاش فقيرا أو سجينا أو منفيا إلا أنّه يشعر بحلاوة الحريّة، وبرضا الضّمير في قلبه ووجدانه، عكس المصالحيّ الّذي وإن فتحت له الأبواب إلا أنّ قلبه المريض يجعله رهين حسده وكراهيته وحقده.

{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} أصل العذاب هو كلّ ما شقّ على النّفس، ولهذا سمي السّفر قطعة من العذاب؛ لأنّ الأصل يشق على الإنسان مفارقة وطنه وأهله، ووصف العذاب بالأليم مع أنّه بذاته مؤلم وموجع إلا أنّه زيادة في البيان والتّخصيص والتّوكيد، كما أنّ المسند هنا (ولهم) قدّم على المسند إليه (عذاب أليم) زيادة في بيان وتخصيص الأثر المترتب من خلال هذا التّلون في المصالحيّة، وهذا يتناسق مع الجزء السّابق في بيان الحالة الشّعوريّة والوجدانيّة الّتي يعيشها هؤلاء.

والباء في (بما) للسّببية، وبغض النّظر هل ما موصولة أو مصدريّة، لا يهمنا كثيرا، الّذي يهمنا هنا أنّ القرآن يذكر سبب هذا المرض وهو التّلون، وعبّر عنه بالكذب، والكذب كما يقول الطّبرسيّ [ت 548هـ] في مجمع البيان: “ضدّ الصّدق، وهو الإخبار عن الشّيء لا على ما هو به”، وهذا يدلّ على أنّ الحديث في جملته عن الجانب الوجدانيّ والشّعوريّ، وهذا له تأثيره على الجانب الحسيّ، وأتى بالفعل المضارع (يكذبون) أي كأنّها أصبحت عادة لصيقة بهم والمتمثلة في التّلون والتّظاهر حسب ما يحقق مصالحهم وغاياتهم القاصرة.

 

إرسالمشاركةغرد
الخبر السابق

الطقس : احتمال تساقط أمطار متفرقة على المحافظات الشمالية للسلطنة

الخبر التالي

بهدف الحفاظ على التراث.. إصدار جديد يتناول الحارة العمانية

شؤون عمانية

شؤون عُمانية صحيفة إلكترونية مرخصة من وزارة الإعلام، ومختصة بمتابعة الشأن المحلي وقضايا الرأي العام، وتصدر عن النهار للإعلام الرقمي.

الأرشيف

© 2017 - 2024 شؤون عُمانية -جميع الحقوق محفوظة.

No Result
إظهار جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أخبار الوطن
    • محليات
    • مال وأعمال
    • متابعات وتحقيقات
    • الرياضة
  • ثقافة وأدب وفنون
  • مقالات
  • علوم وتكنولوجيا
  • طب وصحة
  • من نحن
  • تواصل معنا

© 2017 - 2024 شؤون عُمانية -جميع الحقوق محفوظة.

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password?

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In