محمد بن عيسى البلوشي*
جميل أن يكون للأفراد والمؤسسات والدول رؤية تمضي عبرها إلى المستقبل، فبدون تلك الرؤية لن يكون هناك شغف في الحياة، ولا يكون للإنجاز مكان ولا للحياة منطلق ومعنى، وهنا يتفق الجميع على ضرورة وجود رؤية واضحة تسير بها بلادنا الغالية نحو مستقبلها 2040، وهذا ما لمسته حقا من جميع من حضر وشارك في مؤتمر رؤية عمان 2040.
في هذا المقال الذي أسطر فيه بعضا من واقع حال تجار عمان المستقبليين، وهم أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأيضا المتناهيه الصغر، وأسجل معهم طموحاتهم في رؤية عمان 2040 والذي أجد لهم عبر هذه البوابة مستقبلا بإتفاقنا نحو الرؤية وتكاتف جهودنا من أجل تحقيقها.
واقع حال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ينقسم إلى شقين واضحين للعيان، الأول يتمثل في واقع تجار متفرغين بشكل كامل لممارسة أعمالهم ومتابعة مشاريعهم، والشق الأخر يتمثل في تجار لديهم مؤسساتهم أو شركاتهم وهم في وظائفهم وينقسمون إلى مدرستين، الأول يتابع أعماله بشكل جزئي، والأخر لا يدري من تجارته إلا ما يودع له من أموال مع نهاية كل شهر.. وهذا الواقع ملموس ومعروف لدى الجميع ولا يحتاج إلى تفصيل أكثر.
أعتقد بأننا في رؤيتنا المقبلة لعمان 2040، نحتاج إلى منتجات أو خدمات متطورة لأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأيضا المتناهية الصغر، وأخص بالاهتمام التاجر الصغير الذي يجب أن يكون لمشروعه مسار واضح، بدءاً من ولادة المشروع ومرورا بفترة الحضانة والتي غالبا ما تكون مدتها ما بين 3 إلى 5 سنوات وأيضا بمراحل الانطلاقة والتطوير والتي غالبا ما تكون فترتها ما بين السنة الخامسة من عمر المشروع إلى السنة العاشرة أو الخامسة عشرة، لنصل إلى مشروع يستطيع أن يصمد أمام متغيرات الأسواق وتطورات الإقتصادات ما بعد 15 عاما، وينطلق نحو قيمة إقتصادية مضافة.
وفي جميع مراحل المشاريع هناك العديد من التفاصيل التي يجب أن نهتم بها كي نضمن نجاح ونمو خطوات المشروع في كل مرحلة، وأعتقد بأن رؤية عمان 2040 مدعوة إلى مراجعة جميع السياسات والإستراتيجيات التي تتبعها المؤسسات التي تهتم بهذا الملف، وأيضا عليها أن تنظر إلى جميع الأوامر والتعليمات والقرارات التي صدرت بشأن دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتابعة كيفية تنفيذها ومنها قرار 10%.
إن اهتمامنا بالتاجر الصغير(وهنا نقصد بأصحاب المؤسسات الصغيرة والمنتاهية الصغر) في رؤية عمان 2040 سوف يساعدنا في رسم ملامح أكثر واقعية لجميع ما ننشد إليه في مستقبل عمان الإقتصادي، ولا يكفي الإهتمام من خلال رسم الإستراتيجية العامة في هذا القطاع، بل يجب علينا أن نشاهد الواقع من خلال معايشة الميدان العملي، والذي قد نجد فيه الكثير من الحلول للتحديات المرحلية التي قد تواجه أيه رؤية أو إستراتيجية عمل.
ما وجدته في صدور الحاضرين والمشاركين في مؤتمر رؤية عمان 2040 يدعوني اليوم أن أطرح بصوت واضح للجميع هذا السؤال :هل نحن مستعدون للتغيير من أجل تحقيق هذه الرؤية الطموحة؟.
*كاتب وصحفي إقتصادي