شؤون عمانية- ناصر الحارثي
يدرك كل متتبّعٍ للمشهد العام أن هناك متابعة واهتمامًا كبيرًا من كافة الجهات في السلطنة حول قضية الباحثين عن عمل، وأعتقد أنه لا يمكننا المزايدة والزعم أن الجهات المسؤولة لا تدرك حجم وطبيعة القضية، فالتفاصيل والأرقام واضحة حول العمالة الوطنية والوافدة في القطاعين؛ ولكن الإشكالية الحقيقية أنه لا يوجد أرضية واحدة مشتركة تناقش وتتخذ القرار في آن واحد.
إن المتتبع للمشهد العام يدرك بشكل واضح أن قضية مواءمة مخرجات التعليم العام والعالي وتوافقها مع سوق العمل ليس حديث اللحظة وحسب، بل تكرّر مناقشة الموضوع طوال العقود الماضية، وترتفع حدة النقاش مع انخفاض أسعار النفط، وتنحسر مع ارتفاع أسعار النفط العالمية، هذه العلاقة العكسية كانت تحكمها متغيرات قليلة ومؤسسات ناشئة في طور التأسيس، ولكن الآن أصبحت القضية تتضخم والعلاقة العكسية تخلق فجوة أكبر، بسبب تزايد السكان، وتأثير انخفاض أسعار النفط، وتعدد الجهات التي تناقش قضية الباحثين عن عمل من مختلف الوزارات والجهات الحكومية واللجان المشتركة بينها، والجهات الاستشارية ومؤسسات التعليم العالي ومؤسسات القطاع الخاص واللجان التي تجمع بين هذه الجهات، والمراكز التي تم استحداثها، بالإضافة إلى تباين وتعدد المنصات والهيئات التي تطرح الوظائف، كل هذا من أجل مناقشة قضية واحدة متعلقة بتوظيف جيل شاب في دولة لا يزيد عدد مواطنيها عن مليونين ونصف، مما يجعلنا أمام مسلسل طويل من هدر الجهود والأموال في تشكيل لجان ومراكز متعددة، بالإضافة إلى القدرات والطاقات التي تذهب هباء في التذمر والشكوى والمطالبة بحقها في العمل والإنتاج.
إننا في الحقيقة مطالبين بالإسراع في تبنّي حلولا قصيرةً وطويلةَ الأمد، هذه الحلول تنطلق من سياسات ورؤى واضحة ولا تتقلب بتقلب أسعار النفط؛ لأنه واقع الاقتصاد وسوق العمل في الدول يقول إن لم نتعلم من دروس الأزمات الاقتصادية؛ فإن الأزمات تصبح هي الأمر السائد وليس فترة عابرة وتمضي، وكما يقول المثل الصيني: “أفضل وقت لزراعة شجرة كان منذ 20 عام، ثاني أفضل وقت للزراعة هو الآن” وكم قال العرب زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون، وإن لم نسرع بتبني الحلول فإننا سنظلم الأجيال القادمة.