مسقط- شؤون عمانية:
استضافت الجمعية العمانية للكتاب والاُدباء ليلة أمس الأول بمقرها بمرتفعات المطار الكاتب السوداني والمهتم بقضايا الفلسفة غسان علي عثمان ، وضمن محاضرة ثقافية بعنوان: قراءة في مشروع محمد عابد الجابري.. النقد وسؤال التراث. الأمسية الثقافية التي أدارها الكاتب سليمان المعمري وتناول الكاتب فيها مجموعة من المحاور أهمها ملامح مشروع الجابري في نقد العقل والأنظمة المعرفية للتراث العربي الإسلامي والبرهان في الثقافة العربية والعقل الأخلاقي العربي والتراث سؤال التجديد.. وذهب الكاتب ليجيب : لماذا محمد عابد الجابري حيث حيثيات النقد وتفاصيل التراث، فقد أشار الى ان الأستاذ الجابري يحتل موقعاً متميزاً في سياق الكتابات الفلسفية العربية، إذ يعد مشروعه المشروع الأكثر رصانة وتماسكاً وانشغالاً معرفياً دقيق الرؤية يتحرك من موقع الخصوصية ويعاوده لإعادة بناء المرجعية الثقافية العربية طمعاً في إيجاد الإجابات المتماسكة في ظل ما نعيش من مشكلات..
وحول أهم ملامح مشروع الجابري في نقد العقل ، حيث الركائز التي يقوم عليها هذا المشروع أشار الكاتب السوداني ان مشروع الجابري يقوم على إعادة قراءة التراث العربي، وفي ذلك جند أدواته المنهجية لفهم طبيعة هذا التراث وموقعه وأسئلته الخفية، والجابري يمتح من المصادر العربية ويجري حواراً نقدياً معها، وليس من الذين ينادون بإقصاء التراث بل دعوته تتركز على إقامة علاقة صحية نستطيع أن نجيب بها عن أسئلة النهضة.
وتحدث الكاتب في محاضرته عن الأنظمة المعرفية للتراث العربي الإسلامي المتعددة واشار في سياق الأمسية أن الأنظمة التي اجترحها الجابري هي ثلاث أنظمة (البيان – العرفان- البرهان) وعبرها أٌقام دعائم مشروعه النقدي.
وحول البرهان في الثقافة العربية ، فقد أشار الكاتب السوداني ان البرهان يعني به المدرسة العقلانية في فهم التراث والعلاقة بينه وبين بقية مكونات الظاهرة، ورائد هذا التيار هو الوليد بن رشد.
وذهب غسان عثمان علي ليتحدث عن العقل الأخلاقي العربي وتوجهاته وهنا أشار الى ان العقل الأخلاقي العربي، هو بحث في مصادر تكون القيم، إذ يريد الجابري أن يعود بفلسفة الأخلاق ليربطها أكثر فأكثر بأصولها المعرفية، وقد اهتم الرجل اهتماماً بالغاً بقضية المصادر، ووقف عند مسكويه والتوحيدي والجاحظ، واستخدم منهج تحليلي نقدي يقارب التاريخانية ولكن لا يقف عندها، هذا الكتاب يعيد بناء المصادر ويؤسس لسؤال النهضة عبر فهم فلسفة الأخلاق عند العرب.
أما فيما يتعلق بالتراث وسؤال التجديد كونه أمر جدلي، فقد أشار الكاتب السوداني ايضا ان الجابري يقول أن المدخل الجاد لبناء الأمة أن نعود للتراث، وهذه العودة عودة نقدية وليست تمثل أو انخراط غير واعي، لذلك نجده يقترح أن نعيد بناء هذا التراث عبر الموضوعية والعقلانية، إذ أن علاقتنا به حتمية، ويؤكد بالقول: إن هذا التراث يعيش فينا ونعيش فيه.
كما تم في الأمسية الثقافية التطرق الى الكثير من الآراء والنظريات التي شخصها الجابري وعلاقته بمن سبقوه من الفلاسفة في شأن نقد التراث واهمية العقل العربي اضافة الى التركيز حول بعض النظريات لجمال الدين الأفغاني والجاحظ وغيرهم في هذا الشأن .. كما طرحت الأمسية العديد من وجهات النظر من الحضور الذين أوجدوا تساؤلات عدة في شأن العقل العربي وعلاقة محمد عابد الجابري بمسألة النقد وتفكيك الواقع.