الكاتب: محمد بن عيسى البلوشي *
إقرار مجلس الوزراء بإنشاء المركز الوطني للتشغيل من القطاع العام والقطاع الخاص، هي خطوة أولى ذات أهمية في توجيه قطاع الموارد البشرية العُمانية نحو التمكين في جميع قطاعات العمل الاقتصادية منها والتجارية والتنموية، وما سيساعد على تحقيق هذا الدور هو كميّة ونوعيّة البيانات التي تحتفظ بها الهيئة العامة لسجل القوى العاملة، والتي أجد لها فرصة الاندماج مع مهام المركز الجديد لتتكامل.
نتفق مع التوجّه بضرورة وجود مركزًا يوحِّد الجهود؛ لتمكين اليد العُمانية المتعلمة، كي تمارس عطائها في قطاعات العمل، فالمؤشِّرات التي بثّتْها بعض الصحف الالكترونية عن مصادرها الرسمية تشير إلى “أن هناك 143 ألفًا و564 وافدًا من حملة الدبلوم والدبلوم العالي والمؤهل الجامعي يعملون في السلطنة من بين مليون و858 ألفًا و40 عاملًا وافدًا إجمالي عدد العاملين الوافدين حتى نهاية نوفمبر من عام 2017”.
وما شدّ انتباهي في التقرير -الذي نسب إلى النشرة الإحصائية الشهرية للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات- وجود “19ر3 بالمائة من إجمالي عدد العاملين الوافدين يعملون في القطاع الحكومي، ويبلغ عددهم 59 ألفًا و246 عاملًا وافدًا، وأن 81 بالمائة يعملون في القطاع الخاص، وعددهم مليون و505 آلاف و885 عاملا وافدا، وذلك حتى نهاية نوفمبر 2017”.
إذن؛ هناك فرصتان مهمتان يمكن استثمارهما لتوفير عددًا -لا بأس به- من الوظائف التخصصية والمهنية المباشرة، سواءً في القطاع الحكومي، الذي ما يزال يحتفظ بقرابة 60 ألف وظيفة، أو في القطاع الخاص الذي لديه أكثر من مليون فرصة عمل، وهذا ما يجعلني أسلّط الضوء أكثر على هذا الجانب، بعيدا عن الحلول الجيّدة الأخرى بإنشاء شركات جديدة (وهذا أمر مهم) لتوفير المزيد من فرص العمل، فالحكمة تقول: قبل البحث عن بدائل لمعالجة أمر ما، انظر إلى عاداتك كي تعينك على تحقيق أنجع الحلول.
ليس من المعقول -وهنا لضرب المثال فقط- أن تقوم جهة حكومية بتعيين وافدا بوظيفة (مدير تقنية المعلومات) وبراتب يزيد عن 3000 ريال عماني، منذ أكثر من خمسة أعوام، وما زال إلى اليوم في وظيفته، ويوجد في بلادنا كوادر عُمانية مؤهّلة في هذا المجال، وغيرها من المجالات، وهم ذوو الخبرات المؤهِّلة بأن يشغلوا مثل هذه الوظائف وأعلى، وهنا أجد للمركز الوطني للتشغيل من القطاع العام والقطاع الخاص دورا محوريا في حصر جميع الوظائف التي يشغلها الوافدون في القطاع العام، والتدارس مع الجهات في كيفية إحلالها خلال هذا العام، ووضع برامج زمنية لمتابعتهم، مع الإشارة إلى الاحتفاظ بالخبرات التي تحتاجها المؤسسات وتعيين مساعدين لهم من الكفاءات العُمانية، حتى يكتسبوا العلوم والمعرفة خلال فترة زمنية محددة ومعقولة ومعلومة للجميع.
أما القطاع الخاص، فنقيس مؤشّرات فرص التوظيف في الخبر الذي نشرته إحدى الشركات المساهمة العامة المدرجة في سوق الأوراق المالية، وهو قيامها بتعيين وافدا في وظيفة مدير عام المبيعات والتسويق، والذي أخذ حيّزا من اهتمام المغردين يوم أمس، وهذا تأكيد واضح على الدور المنتظر الذي نرجو أن يلعبه المركز الوطني للتشغيل من القطاع العام والقطاع الخاص، من خلال البحث مع شركات المساهمة العامة، والشركات العائلية، والشركات الأخرى، في القطاعين الخاص والحكومي، عن فرص الإحلال في مختلف الوظائف، والوصول إلى اتفاق يمكّن الشباب من تلك الفرص. والمركز مَدْعُوّ أيضا للتباحث مع الشركات، حول كيفية التعمين في الوظائف القيادية، حتى نصل بخطوات عملية ممنهجة إلى نتائج مثمرة، وتعكس الرغبة الجادة في تطوير الأنماط الموجودة في استثمار القوى العاملة.
ولذا، فإن الحلّ لمشكلة الباحثين عن عمل يكمن في منهجية العمل الذي سيتّبِعَه المركز الوطني للتشغيل للوصول إلى أفضل الحلول المستدامة في هذا الملف المتجدد.
*كاتب وصحفي اقتصادي