بقلم: صالح البلوشي
عادت قضية الباحثين عن العمل لتصبح مجددا في صدارة القضايا المطروحة في وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة برنامج التدوين المصغر ” تويتر “، وسوف تظل تعود مجددا في حال استمرار غياب استراتيجية واضحة ورؤية وطنية شاملة لحل هذه المشكلة التي تعاني منها جميع دول العالم وليس السلطنة فقط، بالإضافة إلى تزايد أعداد الباحثين عن عمل عامًا بعد آخر.
فهؤلاء الباحثين يعتقدون أنه من واجب الحكومة توظيفهم، سواء في القطاع العام أو الخاص، بينما هناك من يرى أن الحكومة لا تملك عصا سحرية لتعيين جميع هؤلاء، وهي لا تستطيع أن تجبر شركات ومؤسسات القطاع الخاص على تعيينهم؛ لأن هذا القطاع أسهم بالفعل في الأشهر الماضية في تعيين آلاف الباحثين عن عمل، حيث وصل إلى درجة التشبع، كما أن هناك – للأسف – صورة نمطية لدى القطاع الخاص عن الموظف العماني أنه غير منتج ويبحث عن الراحة وراتب آخر الشهر فقط، وهذه الصورة النمطية أججها بعض الوافدين خوفا على مستقبلهم في هذا القطاع الحيوي، بينما جميع الشواهد وما نراه بأعيننا كل يوم تؤكد أن الشاب العماني يستطيع أن يفرض نفسه في أيّ مؤسسة ينتمي إليها ، ولذلك نراه في المصانع والشركات يعمل بكل جدٍّ وإخلاص من أجل نفسه ووطنه، حتى وصل كثير منهم إلى مناصب قيادية في المؤسسات التي يعملون فيها. وهناك من يرى أن القطاعين العام والخاص يضمّان عشرات الآلاف من الوافدين، فلماذا لا يتم إحلال المواطنين بدلاً من هؤلاء؟. ولا بد هنا من الإشارة إلى أن هناك مؤسسات حكومية وخاصة بدأت في تطبيق الإحلال ومنها وزارة الصحة في بعض الوظائف الطبية والطبية المساعدة، ولكن هناك مؤسسات أخرى ما تزال نسبة التعمبن لديها ضعيفة جدا، ولكن مع ذلك فإن هذه المؤسسات لا تستطيع بين ليلة وضحاها الاستغناء عن الوافدين، وخاصة أصحاب الخبرة، فالأمر يحتاج إلى سنوات، خاصة أن بعض هؤلاء يحتلون مناصب قيادية في كثير من هذه المؤسسات.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه، هل الحل يكمن في توظيف آلاف الشباب في القطاعين العام والخاص فقط؟. لقد قامت الحكومة في السنوات السابقة، تنفيذا للأوامر السامية لجلالة السلطان المعظم – حفظه الله – بتعيين عشرات الآلاف من الشباب العماني في مؤسسات القطاعين العام والخاص، كان آخرها الأوامر السامية التي صدرت في 4 أكتوبر 2017 بخصوص توفير فرص عمل للقوى العاملة الوطنية ل(000, 25 ) خمسة وعشرين ألف باحث عن عمل كمرحلة أولى في مؤسسات الدولة العامة والخاصة، ولكن عدد الباحثين عن عمل يزيد كل عام، ومهما فعلت الحكومة فإنها لا تستطيع استيعابهم جميعاً. ولذا، ينبغي العمل على إيجاد خطة وطنية شاملة وفق استراتيجية واضحة لاستيعاب هؤلاء، وهذه الخطة يجب أن يشترك فيها الجميع، الحكومة، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، والشباب، وغيرهم، فالحكومة لا تستطيع لوحدها استيعاب هذه الأعداد الكبيرة. كما أنه ينبغي النظر في عشرات الآلاف الوظائف التي يشغلها الوافدون في القطاع الخاص، خاصة أن كثيرا منها لا تتطلب “خبرة كبيرة واستثنائية” حتى يشغلها الوافد، وقد كتبت في مقال سابق نشر العام الماضي عن موضوع الباحثين عن عمل أنه ينبغي أيضاً دعم الشباب وتمكينهم من تأسيس وتطوير مشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة، وخاصة القروض المادية الميسرة، والتصاريح اللازمة للعمل، ولكن – للأسف – فإن كثيراً من الشباب يواجهون صعوبات كبيرة في ذلك؛ مما يجعلهم يشعرون بالإحباط، وأعتقد أن المرحلة القادمة تستلزم وضع خطة وطنية متكاملة لدعم الشباب في جميع المجالات، وخاصة دعم المشاريع الخاصة، فقد أثبت الشباب العماني قدرته على إدارتها، وهناك الآلاف من المشاريع الخاصة التي استطاع الشباب أن يحققوا النجاح فيها، وكثير منهم قدّم استقالته من الوظيفة الحكومية؛ من أجل التفرغ لمشروعه الخاص، مما يؤكد أن القطاع الحكومي أو الخاص ليس بالضرورة هو الحل.
صالح البلوشي