بقلم: فايزة محمد
وأخيراً، نجحت الجولة الأولى من المباحثات بين الحكومة اليمنية -المعترف بها دوليا -وبين الحوثيين بالاتفاق على حل ثلاثة ملفات رئيسية وهي: اتفاق حول مدينة الحديدة، وآلية تنفيذية حول تفعيل اتفاقية تبادل الأسرى، وإعلان تفاهمات حول تعز، مع تأجيل الملفات الأخرى إلى جولة جديدة من المنتظر أن تُعقد في شهر يناير المقبل.
لقد أشادت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الامريكية بالجهود التي بذلتها السلطنة من أجل إنهاء الحرب في اليمن عبر دعوتها طرفي الصراع هناك إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، كما أشادت وزيرة خارجية السويد بالسلطنة والكويت لتسهيلهما انعقاد هذه المشاورات.
لقد كانت السلطنة تؤكد دائماً منذ اللحظة الأولى لإعلان” التحالف العربي ” بدء عملياته العسكرية ضد اليمن وقصفه بالطائرات ومختلف أنواع الأسلحة ، إلى ضرورة إنهاء الصراع هناك بالطرق السلمية والمفاوضات؛ لأن الحروب أثبتت دائما فشلها في جلب السلام ولم تفعل سوى جلب الدمار في المناطق التي حدثت فيها، وكان المدنيون والمنشآت المدنية والخدمية دائما هم الضحية الأولى لها، ولا أدل على ذلك القضية الفلسطينية التي أكملت عامها السبعين دون أي حل يعيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ولا ننسى الحرب الأهلية في لبنان التي اندلعت سنة 1975 وأحرقت الأخضر واليابس في هذا البلد، وقسّمت الشعب اللبناني إلى طوائف وأحزاب متنافرة، قبل ان يُدرك الجميع أنه لا بديل عن المفاوضات لإرجاع السلم الأهلي إلى هذا البلد، وهذا ما حدث في اتفاق الطائف سنة 1989 ، لتنتهي الحرب رسميا سنة 1990، وكذلك الحرب الأهلية في الجزائر التي يطلق عليها الأشقاء الجزائريون بـ ” العشرية السوداء “، وامتدت لمدة عشر سنوات ، وقد عاشت الجزائر في هذه العشرية الدموية أسوأ فترات تاريخها الحديث؛ حيث امتد الموت إلى كل مكان، وكان المدنيون هم ضحاياها الأبرز، قبل أن تنتهي رسميا سنة 2002 .
إن نجاح الجولة الأولى من المفاوضات اليمنية في السويد أثبتت مجددا نجاح الدبلوماسية العمانية التي تؤمن بالحوار والمفاوضات من أجل إنهاء الحروب والمنازعات الأهلية والإقليمية والدولية، وفشلاً ذريعا للذين كانوا ينتقدون السلطنة لعدم مشاركتها ضمن ” التحالف العربي ” في قتال أشقائها في اليمن، كما صرح بذلك معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية -في حوار مع إذاعة “الوصال”، بتاريخ 9 / أبريل / 2015 – عندما قال: “لا نريد أن يُسجِّل التاريخ أنَّ عُمان اعتدت على اليمن؛ فهناك مشاعر قوية جيَّاشة لدى العمانيين تجاه اليمن وتاريخ وأصول قوية هذا أيضا يجعل الحكومة لا تخالف هذا الأمر، ونعتقد أنَّ اليمن لم تعتدِ علينا، ولم يُصدر منها أي موقف يضر للسلطنة، ولا مبرر لنا للتدخل فيها”.
كما أثبتت الدبلوماسية العمانية أيضاً سخافة الاتهامات التي كانت تروجها بعض الصحف المشبوهة بدعم السلطنة للحوثيين في اليمن، فقد كانت السلطنة تؤكد دائما بأنها مع الشرعية في اليمن، ولكنها تؤمن بالحوار والحل الدبلوماسي لإنهاء الأزمة، لأن الحرب لن تفعل شيئا سوى تدمير البلد، وها هي الرؤية العمانية تتحقق في السويد، بعد أن بات الجميع على قناعة تامة بأن السلام هو الحل.