بقلم: يوسف بن علي البلوشي
نحت الفنان التشكيلي ايوب ملنج مجسم الخلود ليظل في قلب وعقل كل من تابعه وشاهد منحوتاته في المعارض وأركان مهرجان مسقط الذي ظل علامة دائمة له ، ولذلك جاء خبر وفاته للوسط الفني والتشكيلي صعبا ، حيث ظل فنه الذي قل من يمارسه شاهدا على مسيرة حكت للأجيال سمو الذوق الرفيع .
كانت مسقط تستهوي الفنان في كل منحوتاته الجميلة وبادلها الوئام والحب لما حملته من اخلاص وملامح فنية دقيقه تبهر كل من يشاهدها .
بدأ ايوب بن ملنج رحلته مع النحت في منتصف السبعينات، وكانت بداية كما يقول عنها متواضعة حيث بدأ الاشتغال على خامات الخشب والطين والحديد، اضافة الى اشتغاله بالفن التشكيلي، محاولا ان يصور بعض الافكار التي تنقلها اعماله النحتية، وفي 1983 اتيحت له المشاركة في معرض التشكيلين العرب بالكويت، بعدها شارك في معرض تشكيلي اقيم بلندن، ومنها سجل مشاركات متعددة على المستوى المحلي والعربي والعالمي، وفي كل مشاركة كانت الانظار تتجه نحو اعماله باعتبارها تقدم فلسفة متميزة، وافكارا تتبلور من كل زوايا اعماله النحتية، حاز في هذه المشاركات الكثير من الجوائز وشهادات التقدير والتميز·
ويعتبر ايوب ملنج مشاركته في مهرجان جرش بالاردن عام ،1997 محطة فاصلة في مشواره مع فن النحت، حيث لجأ الى استخدام خامات الجرانيت والرخام، وهذه الخامات من الصعوبة على المرء الاشتغال فيها الا اذا كان حاذقا وماهرا، اذ ان اي خطأ يقود الى تدمير العمل وتكسره، ولذلك كان الفنان ايوب بن ملنج يحسب لكل خط واشارة يحدثها على عمله، بحيث، لا يعرضه للكسر او السقوط بعد حين·
واضافة الى ما يكتنف الاشتغال بخامات الجرانيت والرخام، فإن ثمة صعوبة اخرى تتمثل في نقل هذه الاعمال ونصبها في مكان آخر غير مكان العمل، ولذا فإن الاشتغال على خامات الجرانيت والرخام لا تكون الا في مكان نصب هذه الاعمال، ويذكر ايوب ملنج باعماله التي تنتصب في حديقة القرم الطبيعية والتي ابدعها في ملتقى النحاتين العرب الاول في مسقط، وكذلك اعماله التي قام بتنفيذها ضمن مشاركاته في مهرجان جرش، اضافة الى عمله الاخير (صائد السمك) الذي قام بتنفيذه في ملتقى النحاتين العرب الثاني في امارة دبي ضمن فعاليات مهرجان التسوق·
ويعتبر الفنان التشكيلي ايوب ملنج احد رواد فن النحت والتشكيل بالسلطنة حيث اهتم بعملية (النحت أو الحَفْر) على القطع الخشبية أو الصخرية، أو غيرها.
وتفرد الفنان التشكيلي الذي حظي باهتمام صحفي كبير وتتناقل منحوتاته وانتاجه الفني العديد من المعارض والاوساط الادبية ، حيث تفرد بالمنحوتات الحجرية وتشغل اعماله مساحة هامة داخل المعارض، وهي أعمال عالجت مسألة الامتلاء والفراغ بمقاربة عربية من حيث نحت الكتل عمودياً وتحريرها من خط ارتكاز أفقي نحو انسيابات عمودية مستلهما في ذلك مرجعيات الجسد تارة وحركات حروفية تارة أخري متدفقة بفاعلية دون السقوط في غلو التجريد أو التشخيص السطحي.
قدم الفنان أيوب ملنج تجربته التجريدية عبر أعماله النحتية التي استخدم فيها خام الرخام الصلبة، واستلهم أفكارها من البيئة العمانية ومخزون الذاكرة، وهي التجربة التي انتقل إليها الفنان بعد سلسلة من الأعمال الخشبية التي قدمها طوال فترة ممارسته لها.
ارقد ايها الفنان الجميل في سلام ، وتتغشاك رحمة الله الواسعه وعظيم مغفرته.