بقلم: د. محمد الزّكري
منذ سنوات قليلة ينتبه رموز المذهب الأباضي[1] في عمان إلى ان شبابه يخوض مرحلة تتوافد معها معارف بعضها مرفوض وبعضها مقبول وآخر يحتاج إلى صقل ليقبل محليا.
. في هذه اللحظة القلقة ذات التغيرات الحميدة والتحولات المتشنجة عمد فضيلة الشيخ أحمد بن سعود السّيابي[2] من خلال مسائلات الأستاذ خميس بن راشد العَدَوي[3] إلى الإقرار بأن الثقافة الأباضية النّزوية/الرّستاقية تقوم بإعادة فتح ملفات التصوف حيث بدأ إقبال بعض الشباب عليه.
كتاب “التصوف في عمان” مهم لأنه يكشف لأول مرة عن تصوف أباضي يغيب عن وعي الكثير منا. هو مهم لأنه يؤرخ للزهد الأباضي. وهو مهم لأن الشيخ السّيابي انتبه أن للأباضية نهج في الأخذ من “التصوف” يناسب المذهب[4]. والأهم على الإطلاق أن الأستاذ السّيابي التفت إلى أمر دقيق حين أشار في أكثر من موقع في الكتاب إلى أن لكل عصر عماني زهديات أباضية تميزه عن تقشفات عصور أباضية أخرى.
لذلك عمدت الى تسمية إشارات فضيلة الشيخ السيابي بتمظهرات التصوف عند الأباضية في صيغ سلوك العزابة أو نصوص كتابية أو نصوص شعرية أو أدعية مناجاتية أو الخ.
التمظهر الأول: نظام العزابة السلوكي
في محض استعراضهما تاريخ التصوف الأباضي ذكر السيد العدوي والشيخ السيابي كتاب ” قناطر الخيرات”. الكتاب من تأليف الشيخ الليبي طاهر إسماعيل بن موسى الجيطالي الأباضي[5] (ت. 750هـ) رحمه الله. يحمل ذكر هذا الكتاب جملة من الفوائد أهمها على الإطلاق إنه التمظهر المكتوب الأول لصيغة تصوفية أباضية (الجيطالي، 2001). وسنتطرق اليها تدريجيا ولكن دعونا قبل ذلك نتخيل اهم معالم زمن الجيطالي.
لم يشهد زمن إسماعيل بن موسى الجيطالي (ت. 750هـ) إمارة أباضية “تامة” قائمة لتدير البلاد والعباد وفقا لتعاليم المذهب الأباضي لقرابة ثلاثة قرون. في تلك الفترة الأباضية الأفريقية كانت المجتمعات الأباضية تدار من قبل المجتمع المدني / الديني / التطوعي وفقا لشروط “العزابة”[6]. والعزابة نوع من أنواع فقه الإدارة يمارسه أباضية أفريقيا لإدارة شؤونهم في غياب الدولة السياسية الأباضية. (موقع “أهل البيت”، 2018).
وأول من أطلق فكرة “العزابة” هو العالم الأباضي الليبي أبو عبدالله محمد بن بكر بن يوسف الفرسطائي النفوسي (و. 345هـ ت. 440هـ) درس أبو عبد الله الأوضاع العرفية التي كانت تحكم المجتمع الأباضي مستنداً إلى تشريعات الإسلام فوضع دستوراً عرف “بنظام العزابة” يعتبر من أقدم القوانين التي وضعت في المجتمعات الإسلامية. وكان أبو عبدالله أول من شرع في تطبيق مبادئ هذا النظام في أوَّل حلقة له بغار في «تين يسلي»، وهي «بَلْدَة اَعْمَر» بالقرب من مدينة تقرت – جنوب شرق الجزائر حاليا -، وذلك سنة 409هـ.
الملفت أن السيد روبيرتو روبيناتشي (Roberto Rubinacci)، في كتابه “العزابة” وصف أباضية نهج العزابة بالنساك وبالمتصوفة. الذي دعاه الى نعتهم بالتصوف والزهد والتجرد في الحياة هو سلوكياتهم العلمية المتحلقة حول شيخ وسلوكيات الصحبة وسلوكيات الأوراد وسلوكيات الاقتصار على لبس البياض ومن التقليل من عدد الزوجات ومن الالتزام بحفظ القران واتيان مواعظه واجتناب نواهيه. (روبيناتشي، 2006).
التمظهر الثاني: من السلوك الى المكتوب وميلاد “قناطر الخيرات”
زمن إسماعيل بن موسى الجيطالي كان قد تراكمت في طياته ثقافة العزابة. زمن تغرب فيه المذهب الأباضي بغياب دولة أباضية ترعاه. هذا المشهد الشمال أفريقي لا يختلف كثيرا عن عمان في تلك الحقبة فهذا الرحالة المغربي ابن بطوطة (و. 703 هـ ت. 779هـ)، قد وصل في عام 731هـ إلى عُمان إثناء حكم الشوافع ملوك بني النبهان (أبي محمد نبهان بن كهلان). وكانت سيطرة بني النبهان على الأرض العمانية غير وافية. ففي بعض أطرافها كانت تقع تحت النفوذ الهرمزي. ولقد طبق ملوك بني النبهان نظام حكم غير ملتزم بالخط الأباضي. فمع هذا الفتور المذهبي العماني المشابه لشمال أفريقيا يمكن للإنسان أن يتفهم أهمية ضخ الأفكار المتصوفة في كتاب الجيطالي. فكأنما كان الجيطالي ينشر أفكار العزابة الأخلاقية الصوفية عبر كتابه “قناطر الخيرات” لكي ينتشر بين اتباع المذهب الوازع والرادع الذاتي في زمن خلى من رقابه دولة سياسية تشرف على مجتمع المذهب الأباضي.
التواصل المعرفي العماني مع شمال أفريقيا
ما هي درجة تأثير كتاب الجيطالي على علماء عمان؟ سؤال يصعب إجابته بشكل دقيق. لكن يحسن بنا وضع حقيقة الارتباط المعرفي بين أباضية عمان وشمال أفريقيا في اعتباراتنا. فحول عملية التواصل المعرفي العماني الأفريقي قام فضيلة الشيخ الدكتور فرحات الجعبيري بالتوسع في شرح كيف أخذت العلاقات العلمية تتوطد من خلال تبادل الكتب والتناقش والتدارس في مجالس موسم الحج أو من خلال زيارة مباشرة بين أباضية عمان وأباضية شمال أفريقيا. (الجعبيري، فرحات، (1994). كما اثرى في ذات الموضوع فضيلة الشيخ أحمد بن سعود السيابي بكتابه “التواصل الأباضي بين عمان و البلاد المغاربية”. وفي ذات السياق قام د. أحمد حسن عمر بتأليف مقالة مهمة بعنوان “مظاهر العلاقات الثقافية بين سلطنة عمان وبلاد المغرب العربي عبر القرون”.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر قام عبد العزيز بن الأوز من فقهاء تيهرت الرستمية برحلة إلى عمان أو البصرة في عصر الأمير الرستمي أبي اليقظان محمد بن أفلح بن عبد الوهاب بن عبد الرحمــــن بن رستم (ت. 281 هـ). (بكير بحاز، 2010، ص: 313، 393، 394).
أما الشيخ أبو محمد عبد الله بن محمد بن بركة (و. 300هـ ت. 363هـ) فقد استقبلت مدرسته المعروفة ب “الصرح” في مدينة بهلا العمانية العديد من إباضية المغرب العربي. كان من كبار فقهاء عُمان وله عدة كتب أهمها: كتاب الجامع، وكتاب الموازنة، وكان محباً للعلم وطلابه. (أحمد حسن عمر، 2015، ص 295).
وهناك ابن الجمعي وهو عالم وتاجر إباضي معروف. رحل إلى المغرب في القرن الرابع الهجري، درس العديد منهم أبو الربيع النفوسي التابديوتي وأبو يزيد مخلّد بن كيداد وابن زرقون. وانتهت اليه قصبة التعليم في مدينة سجلماسة المغربية [7]. (الدرجيني، 1974، ج1، ص: 110-112).
كما أن أبو الأصبع إبراهيم بن عيسى الأزدي كان من أسرة أزدية قديمة استقرت في الأندلس، ثم انتقل منها إلى سجلماسة، التي بقي يتولى فيها القضاء إلى أن وافته المنية، سنة 627هـ. (وزارة التراث القومي والثقافة، 1989).
أيضا دعونا نستذكر ما ذكره أبو القاسم البرادي الدمري (كان حيا حوالي 810 هـ) عن قيام الحاج عيسى بن زكريا بزيارة لسلطنة عمان. ومن ثم طلب منه العمانيون تأليف كتاب عن سير الأباضيين في شمال أفريقيا. وعندما عاد الحاج عيسى كلف أبا العباس أحمد بن سعيد بن سليمان الدرْجِيني (و. 600هـ، ت. 670هـ) [8] بكتابة “طبقات المشايخ بالمغرب” (البرادي، ص 215).
أما الشيخ محمد عبد الله العماني فقد وصل إلى المغرب سنة 894هـ وصحب الشيخ بدر الدين أحمد بن سعيد بن عبد الواحد الشماخي اليفرني (ت. 928 هـ). والشيخ الشماخي هو مؤلف كتاب السير وشرح مختصر العدل والإنصاف و شرح متن العقيدة. وقد أجرى الشيخ الشماخي مع الشيخ محمد العماني عدة مناظرات. (أحمد الشماخي، 1987، ج2، ص23).
تأثير الشيخ الجيطالي رحمه الله لم يقتصر على متصوفة المذهب الأباضي بل تعداه كثيرا. فهذا الشيخ المغربي المتصوف المالكي المذهب أبو عبد الله محمد بن سليمان الجزولي (807-870هـ) يأتي قرابة قرنا من الزمان بعد رحيل الشيخ الجيطالي ليؤلف واحدا من أهم كتب التصوف شهرة ” دلائل الخيرات” مقتبسا عنوانه من عنوان كتاب الجيطالي “قناطر الخيرات”.
انتهى الجزء الأول
[1] سنختصر مفردة إباضي كما عرفها ابن خلدون بانه ذلك المسلم الذي لا يشترط القرشية فيمن يصل الى سدة الحكم.
كما أفاد فضيلة الشيخ الخليلي مفتي سلطنة عمان أن الإباضية في سلطنة عمان يمثلون نسبة 75% من الشعب العماني، في جنوب الجزائر” وادي ميزاب”، وجنوب تونس، شمال ليبيا “جبل نفوسه”، سلطة عمان، غانا ومالي والكنغو وتنزانيا” ويتراوح عددهم بين 6 و7 ملايين بالتقريب” وذلك لعدم وجود إحصائيات دقيقة.
[2] فضيلة الشيخ أحمد بن سعود السيابي شخصية عمانية ذات عطاء معرفي ثري. يعمل حاليا أمين عام مكتب المفتي العام لسلطنة عُمان. وقبل ذلك عمل مدير دائرة المدارس القرآنية، مدير مكتب المفتي، مدير عام للشؤون الإسلامية، مدير عام لمكتب الإفتاء، مستشار للأوقاف والشؤون الإسلامية، قائم بأعمال وكيل للأوقاف والشؤون الإسلامية. تلقى تعليمه التقليدي في مسجد الخور بمسقط في اللغة العربية والشريعة الإسلامية. ثم نال الليسانس من جامعة بيروت العربية، كلية الآداب: قسم اللغة العربية. بعد ذلك حصل على دبلوم عال في الشريعة الإسلامية من دار العلوم، جامعة القاهرة. ثم نال درجة الماجستير في الشريعة الإسلامية من جامعة الزيتونة – بتونس. ألف كتب كثيرة منها:
1- الصحابي العماني مازن بن غضوبة. 2- الرفع والضم في الصلاة. 3- التاريخ: كتاب منهجي لمعهد القضاء الشرعي في السلطنة بالاشتراك مع الدكتور محمد قرقش. 4- كتاب السير للشماخي {تحقيق}. 5- الأحاديث القدسية ومكانتها من الوحي الإلهي. 6- أصول بيت المال في عُمان وأثرها الحضاري في عهد آل بوسعيد. 7- الوسيط في التاريخ العماني. 8- معالم السيرة النبوية. 9- البيئة في الخطاب الإسلامي. 10- التواصل الأباضي بين عمان والبلاد المغاربية. 11- الدعوة عند الإباضية بين الماضي والحاضر. 12- المرأة المسلمة حقوق وواجبات. 13- السيرة النبوية (رؤية تحليلية ونظرة تصحيحية)، تحت الطبع.
[3] تخرج الأستاذ خميس بن راشد العدوي من كلية أصول الدين في جامعة السلطان قابوس. يرأس المفكر خميس بن راشد مجلس مؤسسي مكتبة الندوة العامة ببهلا. ؛ما إنه واسع التأليف والنشر ومن كتبه: 1- “رواية الفرقة الناجية: المنطق والتحليل”. 2- “السنة – الوحي – الحكمة”. 3- “سنة الله في غير المسلمين”. 4- “الوحدة الإسلامية”. 5- “الإيمان بين الغيب والخرافة”.
[4] هذه المقالة ليست استعراضي بل “قراءتي” لكتاب “التصوف في عمان”. لقد استرسلت في زوايا التصوف واستخدمت تعابير للكشف عنه كما أفهمها شخصيا. بالرغم من إنني في هذه المقالة أنطلق بشكل كلي من أطروحات الشيخ الفاضل الأستاذ أحمد السيابي ومدارسات الأستاذ خميس العدوي ولكن هناك شيء من التوسع في قضية التصوف ببعض الأمور هي ليست بالضرورة كما وردت في الكتاب ولأجل ذلك وجب التنويه.
[5] نشأ في مدينة جيطال في جبل نفوسة -ليبيا. فقيه، عالم بالأدب، من أعيان الإباضية. من أهل نفوسة كان يتردد إلى جربة بالسفن قبل بناء القنطرة (وقد بنيت في أيام عبد العزيز أبي فارس سلطان أفريقية المتوفى سنة 737 هـ) وحبس مدة في طرابلس الغرب. ومات بجربة. لقِّب ب”فيلسوف الإسلام”، تشبيها له بأبي حامد الغزالي. ومن مصنفاته: 1. «قناطر الخيرات»، في ثلاثة أجزاء، وهي موسوعة فقهية وأخلاقية (مط). أما الجزء الأوَّل – الذي يحوي قنطرتي العلم والإيمان – فقد حقَّقه الدكتور عمرو خليفة النامي، وطبع مرتين. 2. «كتاب الحساب وقسم الفرائض» (مخ). 3. «شرح نونية أبي نصر في أصول الدين»، ثلاثة أجزاء (مخ). 4. «الحج والمناسك»، (مط). 5. «قواعد الإسلام»، طبع بتحقيق الشيخ عبد الرحمن بكلِّي. 6. «عقيدة الشيخ إسماعيل»، (مط). 7. «تذكرة النسيان وأمان حوادث الزمان»، وهي عبارة عن وصيته المادية والأدبية، غير أنها تحمل الكثير من المعلومات التاريخية والجغرافية. منها نسخة مخطوطة وحيدة بمكتبة إروان بالعطف، وقد طبعت في ملحق دليل مكتبة إروان. وللشيخ تآليف أخرى لم تصلنا، منها كتاب جمع فيه «فتاوى الأيمَّة» في ثلاثة أجزاء. يمتاز الجيطالي في كتاباته بأسلوب رفيع، وبمنهج رصين، ويوصف أدبه بالسهل الممتَنع.ذكر أنَّه كان يحفظ أمَّهات الكتب في عدَّة فنون، حفظاً راسخاً منها: دعائم ابن النضر، ومقامات الحريري، وكتاب العدل والإنصاف للوارجلاني، وجمل الزجَّاج. وجربة التي احتفت بالشيخ حيا، آوت رفاته بعد وفاته، في المقبرة المجاورة للجامع الكبير.
[6] نظام العزابة: اشتقت كلمة عزابة من العزوب عن الشيء وهو البعد عنه، أو العزابة بمعنى العزلة والغربة ويقصد بها في هذا الاستعمال الانقطاع إلى خدمة المصلحة العامة والأسباب التي أدت إلى تطبيق هذا النظام، هي الظروف التي مرت بالإباضية منذ نهاية القرن الهجري الثالث، فسعى العلماء إلى وضع أسس يمكن عن طريقها تطبيق الشريعة الإسلامية بين تجمعات الإباضية ما دامت الدولة القائمة عاجزة عن ذلك وما دامت الظروف لا تمكنها من إعادة بناء دولتهم. وأول من تصدى لهذا العمل هو العالم الأباضي “عبد الله محمد بن أبى بكر” القرسطائي في أواخر القرن الرابع الهجري درس أبو عبد الله الأوضاع العرفية التي كانت تحكم المجتمع الأباضي مستنداً إلى تشريعات الإسلام فوضع دستوراً عرف “بنظام العزابة” يعتبر من أقدم القوانين التي وضعت في المجتمعات الإسلامية ثم جاء بعد أبي عبد الله عدد من العلماء عنوا بدراسة هذا القانون وأضافوا إليه بعض المواد أطلق عليه سيرة العزابة.
.فالعزابة، هي هيئة محدودة العدد تعمل وفقاً لضوابط معينة للأشراف الكامل على شئون المجتمع الأباضي الشئون الدينية والاجتماعية والسياسية ويمثل العزابة الإمام ويقومون بعمله في حالة غياب الدولة الإباضية ويجب توفر شروط محددة في الشخص لكي ينضم في حلقة العزابية من أهم هذه الشروط حفظ كتاب الله تعالى، واستكمال مراحل الدراسة مع الرغبة في مواصلة العلم، وأن يكون الشخص متديناً عفيفاً طاهر الباطن والظاهر هذا من الناحية العلمية، وعلى الشخص أيضاً المحافظة على زي العزابة الرسمي، وألا تكون له مشاغل دنيوية تجعله يتردد على الأسواق والمحال العامة حفاظاً على مهابته، وقد روعيت هذه الشروط بدقة في قبول الشخص في الحلقة وذلك للمهام الكبرى التي توكل إليه من داخل حلقات العزابة . ومن مهامه :-
1- الإشراف العام على كل ما يتعلق بالمجتمع الأباضي وهي الوظيفة البديلة لوظيفة الإمام، ويقوم بهذا المنصب شيخ حلقة العزابة.
2- القضاء فيما يقع بين الناس من مشاكل والفصل في القضايا، ورد الحقوق إلى أهلها وتأديب العصاة والمجرمين وحفظ الأموال ومراقبتها والحراسة على أموال الناس.
3- ضبط ميزانية الحلقة بالإشراف على الأوقاف وتنميتها وصيانتها ورصد الصادرات والواردات.
4- الإشراف على الشئون الاجتماعية وتفقد أحوال الناس لتقديم المساعدات سواء من ميزانية الحلقة أو بتكلف ذوي اليسار أو بإيجاد الأعمال لمن له القدرة على ذلك.
5- الإشراف على التعليم والعمل على إتاحة الفرصة لكل الأطفال لينالوا قسطا” منه ورصد جزء من ميزانية الحلقة لأعمال التعليم وإعانة الطلبة.
6- الإشراف على العلاقات الخارجية بين المجموعات الإباضية وبينها وبين غيرها وتنظيم تلك العلاقات في حالتي السلم والحرب.
نص قانون العزابة على تكوين حلقة عزابة في كل بلد أو قرية، يُراعى في الاختيار شروط العضوية ما أمكن ذلك، ثم تكون مجالس على مستوى المناطق تمثل فيها حلقات القرى والمدن ومن مجالس المناطق يكون مجلس أعلى للعزابة يسمى “الهيئة العليا للعزابة” يرأسه شيخ العزابة الذي يمثل الامام ومقر هذه الهيئة هو مركز البلد أو عاصمتها وتعقد الهيئة العليا اجتماعات دورية مرة كل ثلاثة أو ستة أشهر ومتى دعت الحاجة إلى الاجتماع، ويحضر الاجتماعات الدورية ممثلون لجميع حلقات العزابة تنظر الهيئة العليا في الاحداث الكبرى كمسائل الحدود والامن العام وتطرح فيه المصاعب التي تواجه حلقات العزابة الصغرى .
ومقر حلقة العزابة هو المسجد ولذلك يقام إلى جانب المسجد بيت خاص بالعزابة تكون مقراً لحلقاتهم وفي العادة تتكون الحلقة من عشرة إلى ستة عشر عضواً توزع عليهم الاعمال المنوطة بهم، وإلى جانب المهام السابقة يوكل إلى أفراد الحلقة مهام أخرى إذ يخص أفراد لمهمة الأذان وحقوق الموتى من غسله والصلاة عليه ودفنة وتنفيذ وصيته.
وقد وضعت ضوابط لمعاقبة من يخرج على نظام الحلقة من أعضائها فإن ارتكب أي عضو مخالفة يوقع عليه العقاب بقدر الخطأ فان كانت المخالفة صغيرة عقد له مجلس تأديب سري يراجع فيه العضو، وقد يبعد عن الحلقة لمدة تقررها الحلقة، أما إذا كان الخطأ كبيراً يتصل بمعصية الله حكموا عليه بالبراءة ولا يرفع عنه هذا الحكم حتى يتوب علناً وليس له الحق في الرجوع إلى حلقات العزابة.
تتمتع افراد العزابة بمكانة كبيرة في نفوس المواطنين لسلوكهم الحميد ونزاهتهم وتفانيهم في خدمة المجتمع ولذلك فان قراراتهم كانت تنفذ بدقة وترضى بها كل الأطراف، وتوجيهات العزابة يعمل بها عن رضى وقناعة واذا حدث وانحرف شخص عن دين الله أو تصدى لأحكام العزابة أعلن عليه حكم البراءة وتعني عزل الشخص وتبرؤ كل المؤمنين منه وينفذ ذلك الصديق والأهل ويقطع الناس معاملتهم معه إلا بالقدر الضروري فيضطر إلى الرجوع لحياة الجماعة وإعلان التوبة والندم.
يوجد مجلس استشاري للعزابة هو” منظمة ايروات “وهم جماعة من حفظة القرآن والمشتغلين بالدراسة ولهذه المنظمة القوة الثانية بعد العزابة أو كمجلس النواب بالنسبة للشيوخ وقد يسند إليها العزابة بعض الأعمال. (موقع “أهل البيت”، 2018).
[7] “سِجِلْماسَةُ مدينة تاريخية كانت تقع وسط واحة كبيرة جنوب الأطلس الكبير، مقابلة لمدينة الريصاني في تافيلالت الحالية، واليوم تعتبر المدينة موقعا أثريا يضم الآثار والخرب والأطلال، وتقع ضمن حدود المملكة المغربية الحالية”.
[8] “هو أبو العباس أحمد بن سعيد بن سليمان بن علي بن يخلف التمجاري الدرجيني الإباضي، عالم من علماء الشريعة، ومتكلم في قضايا العقيدة والإيمان على مذهب الإباضيّة، وله ولع بالتراجم وتقييد أخبار العلماء والأدباء، واهتمّ بالشعر وغلب فن التاريخ على أغلب تصانيفه. ويبدو أنّ ولادته كانت بمنطقة درجين السفلى بنفزاوة. وهو ينحدر من أسرة بربريّة كانت تسكن تمجار وسط جبل نفوسة بليبيا، وقد هاجر جدّه الأعلى الحاج بن يخلف إلى بلاد الجريد، التي كان أغلب سكّانها إباضيين. كان والده من أوّل الشّيوخ الذين أخذ عنهم العلم والأدب، وفي ورجلان تلقّى علوم الدين وفقه الشريعة عن أبي سهل يحيى بن إبراهيم أحد علمائها وأيمتها المشاهير. وفي سنة 633هـ / 1235م. استأنف طلب العلم بتوزر وهناك أقبل على النظر في كتب التاريخ ومصنّفات المناظرة والجدل، وما لبث أن اتجه إلى جربة حيث أشير عليه بأن يأخذ في تأليف كتاب طبقات المشايخ وهو ما يذكره البرادعي في الجواهر المنتقاة”. (موقع الموسوعة التونسية المفتوحة)>
المصادر
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1-ابن الأبار (1982)، “المقتضب من كتاب تحفة القادم”، تحقيق ابراهيم الأبياري، القاهرة: دار الكتاب المصري.
2-بحاز، بكير ( 2010)، “الدولة الرستمية دراسة في الأوضاع الاقتصادية والحياة الفكرية”، الجزائر: الفا.
3-بدير، شعبان أحمد، ( 2009)، “الرمز الشعري واغتراب اللغة في المنظور الصوفي”، مجلة ديوان العرب، (أطلع عليه بتاريخ: 25-10-2018)
http://www.diwanalarab.com/spip.php?article19317
4-البرادي، أبو القاسم ابن إبراهيم (2014)، “الجواهر المنتقاة”، تحقيق السيابي، لندن: دار الحكمة.
5-الجعبيري، فرحات، (1994)، علاقة عمان يشمال افريقيا، بحث قدم لندوة عمان في التاريخ، جامعة السلطان قابوس (أطلع عليه بتاريخ: 11-10-2018) https://css.edu.om/pdf/book_three.pdf
6-الجيطالي، إسماعيل بن موسى، (2001)، “قناطر الخيرات”، بيروت: دار الكتب العلمية.
7-الدرجيني، أحمد بن سعيد (1974)، “طبقات المشائخ بالمغرب”، تحقيق إبراهيم طلاي، قسنطينة – الجزائر: مطبعة البعث.
8-روبيناتشي، روبيرتو (2006)، “العزابة”، ترجمة لميس الشجني، تقديم موحمد ؤمادي، ليبيا: مؤسسة تاوالت الثقافية.
9-السيابي , أحمد بن سعود (2014)، “التواصل الأباضي بين عمان و البلاد المغاربية”، عمان: مكتبة الظامري للنشر و التوزيع.
10-السيابي , أحمد بن سعود (2016)، “التصوف في عمان”، مدارسة خميس العدوي، عمان: مجلة الفلق ومكتبة الغبيراء.
11-الشماخي ،أحمد (1987)، “السير”، تحقيق أحمد سعود السيابي، مسقط-عمان: منشورات وزارة التراث القومي والثقافة.
12-عمر، أحمد حسن (2015)، “مظاهر العلاقات الثقافية بين سلطنة عمان وبلاد المغرب العربي عبر القرون”، مجلة جامعة بخت الرضا العلمية، ع 14، ص: 291-307. الدويم-السودان: جامعة بخت الرضا.
13-موقع “أهل البيت”، (أطلع عليه بتاريخ: 3-10- 2018)،
http://www.ahlulbayt-libya.com/2018/05/15/3055/).
14-موقع “الموسوعة التونسية المفتوحة”، (أطلع عليها بتاريخ: 1-10- 2018)،
http://www.mawsouaa.tn/wiki/أحمد_الدرجيني.
15-وزارة التراث القومي والثقافة (1989)، “السير والجوابات لعلماء وأئمة عُمان”، ج2، تحقيق سيدة اسماعيل كاشف، سلطنة عمان: وزارة التراث القومي والثقافة.
* الدكتور محمد الزّكري القضاعي أنثروبولوجي بحريني يعمل في المانيا نال درجة الدكتوراه في علم الثقافة الأنثربولوجية في المجتمعات الإسلامية (دراسة حالة شرق الجزيرة العربية) من جامعة إكستر البريطانية، معهد دراسات العرب والإسلاميات. يهتم ابن الزّكري بدراسة المعرفة في المجتمعات الإسلامية وطرق إنتاج هويّاتها في الخليج العربي. بالإضافة الى دراسة الجماعات “العربيّة/الإسلاميّة” خصوصا المتصوفة ودراسة الأماكن المرتبطة بالمعارف خصوصاً المجالس والحلقات إضافة الى اهتمامه بشبكة الاتصالات بين الجماعات وهياكل التواصل بين الخليجيين وموضوعات التراث والاتصالات الثقافية من منظور أنثروبولوجي.
من مؤلفاته:
الزّكري، محمد (2018)، فقهاء متصوّفة في محيط من السّلفية: الفقه كهويّة مفاهميّة منتجة لهويّات فرعية، تحت الطبع. (لغة إنكليزيّة)
الزّكري، محمد (2014): “التنقيب في الثقافة من خلال الأحلام: المكان، المعرفة والإتصال“، بون-ألمانيا: (لغة إنكليزية).
الزّكري، محمد (2004): ”مداخلات دينيّة بين المتصوّفة والسّلفيّة في شرق الجزيرة العربية: موضوع الهوّية“، إكستر: جامعة إكستر البريطانية (لغة إنكليزية)