الكاتب: صالح البلوشي
إن الثامن عشر من نوفمبر المجيد لا يمثل لدى العمانيين ذكرى العيد الوطني المجيد فقط؛ وإنما هو بالنسبة لهم يومٌ لتجديد العهد والحب والولاء لقائد النهضة المباركة جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله -، وهو يوم ينتظره العمانيون بمختلف أعمارهم ومحافظاتهم بكل شوق وشغف؛ لأنه اليوم الذي يطل فيه صاحب الجلالة المعظم – أمد الله في صحته – بزيه العسكري وهو يستعرض قواته العسكرية المختلفة، حماة الوطن والشعب والعقيدة، الباذلين أرواحهم من أجل الحفاظ على المنجزات التي تحققت طول السنوات الثماني والأربعين الماضية.
إن الثامن عشر من نوفمبر بالنسبة للعمانيين هو ميلاد وطن ونهضة شعب، هو اليوم الذي خرجت فيه عمان من عزلتها التي امتدت عقودًا عدة، لتستعيد تاريخها ومكانتها بين الأمم والشعوب، هو اليوم الذي رجع فيه العماني من غربته في الخارج بعد أن اضطرته الظروف التي كانت تعاني منها البلاد للخروج وطلب الرزق في الدول المجاورة، ملبيًا نداء القائد بالعودة من أجل المشاركة في بناء الوطن، وهو اليوم الذي استعادت فيه السلطنة مكانتها في الساحة الدولية بعد أن كانت علاقاتها الدبلوماسية تقتصر على ثلاث دول فقط، وهو اليوم الذي حققت فيه المرأة العمانية أمنيتها بالتعلم والمشاركة في بناء الوطن يدا بيد مع أخيها الرجل.
لقد أصبحت عمان معجزة العصر في هذا الزمان، سواء على صعيد الإنجازات الداخلية التي تحققت طول السنوات الثماني والأربعين الماضية، أو علاقاتها الخارجية التي تميزت باتباع منهج الوسطية والاعتدال، ولذلك -لا عجب- أن تلجأ الدول إلى السلطنة من أجل حلّ مشكلاتها مع دول أخرى كما حدث في الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 الذي كان حدثاً عالميا بكل المقاييس، وكذلك الدور العماني في المفاوضات بين الفرقاء في اليمن وبين أطراف النزاع في سورية وليبيا.
إن الاحتفال بالعيد الوطني يتطلب أيضا الإخلاص في العمل وأداء المهام الوظيفية بكل أمانة من أجل خدمة المواطنين، وهذه هي رسالة فكر النهضة لجلالة السلطان المعظم – حفظه الله – للمسؤولين والموظفين في هذا الوطن العزيز، إذ ليس من الوطنية أن يترك الموظف مكتبه بحجة المشاركة في احتفالٍ هنا أو فعالية شعبية ابتهاجًا بالعيد الوطني هناك، وليس من الوطنية أن يتحدث المسؤول عن منجزات النهضة المباركة وهو لا يؤدي واجباته الوظيفية على أكمل وجه، وليس من الوطنية أن نرفع صورة صاحب الجلالة المعظم -حفظه الله- ونحن نُهمل معاملات المواطنين بحجج مختلفة، وقد حذر صاحب الجلالة المعظم -أيده الله- من هذه الفئة عندما قال: “إننا لن نقبل العذر ممن يتهاون في أداء واجبه المطلوب منه في خدمة هذا الوطن ومواطنيه، بل سينال جزاء تهاونه بالطريقة التي نراها مناسبة. إن الوظيفة تكليف ومسؤولية قبل أن تكون نفوذًا أو سلطة”.
حفظ الله سلطان البلاد المفدى، وأمدّه بالصحة والعمر المديد، وحفظ الله عمان وشعبها الأبيّ، وكل عام وأنتم بخير.