شؤون عمانية- فايزة محمد
احتفلت الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء بمقرها بمرتفعات المطار، مؤخرا بتكريم الفائزين بجائزة الابداع الثقافي لأفضل الإصدارات لعام 2018م، وشخصيتي العام الثقافيتين، وذلك تحت رعاية معالي محمد بن سالم التوبي وزير البيئة والشؤون المناخية.
وقد منحت لجنة تحكيم جائزة الإبداع الثقافي لأفضل إصدار في مجال الدراسات النقدية والأدبية، والمؤلفة من الدكتور سالم بن عبدالله البلوشي، والدكتور راشد بن حمد الحسيني، والدكتور حمد بن سالم الذهلي جائزة أفضل إصدار في الدراسات الأدبية ( مجال النقد ) لكتاب “الأسلوبية الإحصائية في تشخيص البنية” (دراسة تطبيقية على قصيدة النثر) لمؤلفه حميد بن عامر الحجري.
وقالت اللجنة، أنه تقدم هذا العام لجائزة الإبداع الثقافي في فـرع أفضل الإصدارات في مجال النقد، ثلاثة كتب، وقد نظرنا في الكتب الثلاثة نظرة المتفحص فبدا لنا أن هذه الكتب أصلها أطروحات لرسائل علمية جامعية وهذا يتبين من التبويب والمناقشة المنهجية والطرح الأسلوبي، واللغة العليا التي تحملها تلك الكتب.
وقد ظهر لنا أن الكتاب الفائز، أكثر استفاضة في تناوله للموضوعات وقد سلك منهجاً يتسم بالصعوبة في الدراسات التطبيقية للنصوص الأدبية وقد زاده صعوبة تلك الدراسة الإحصائية لأعمال أربعة شعراء من أعلام قصيدة النثر وهي نصوص تسودها ضبابية المعاني والتي تفضي إلى الإبهام في أحيان كثيرة منها.
فإن مَثلَ هذا الباحث كمَثل الفارس الذي تنكب قوسه واتشح سيفه وامتطى جواده متقصداً الدخول في معركة يعلم قوة الأنداد ومراسهم الطويل في المعارك الحربية وهو يجهل النتيجة الحتمية لتلك المعركة ولكنه ارتكز على قوة شخصيته وربما قوة العٌدد التي تمنيه وقد بشرته بنتائج خوضه في المعارك السابقة. وبعد الكر والفر استطاع أن يخرج من تلك المعركة بربح عظيم يعود ريعه الأول لشخصيته ثم لأسرته ثم لمجتمعه عامة. وقد ربح الشراء. لذلك تمنح اللجنة هذا الكتاب للفوز للأسباب الآتية:
أولا دراسة أعمال أربعة أعلام من أربعة أقطار عربية تتكون من عدد كبير من القصائد بلغ (240) قصيدة خضعت لمنهج أسلوبي صارم عمل على تشريحها إلى أدق مكوناتها الصوتية وهي الحركة و الحرف و المقطع، وإلى أصغر مكوناتها التخيلية وهي الصورة المفردة.
وثانيا لقد ميزت الدراسة الظواهر الأسلوبية البارزة على ثلاثة مستويات تحليلية هي المستوى الإيقاعي، ومستوى التركيب النحوي، ومستوى الصورة الشعرية و أنماطها. خرجت بجداول إحصائية دقيقة مفسرة تلك الظواهر مبرزة دلالاتها.
وثالثا إن هذا العمل، لا يمكن أن يحصل لولا ما يتمتع به الباحث من ملكة معرفية متنوعة نحوية صوتية ودلالية وبلاغية ونفس طويل في البحث والتقصي والتحليل النقدي، جعلته يخوض غمار تلك المجاهل في تلك النصوص ذات الضبابية المعاني بل المبهمة في أحيان كثيرة منها.
وأوضح الدكتور حميد الحجري أن الكتاب يستعرض الخلفيات الفلسفية والمنهجية والتاريخية لواحد من أهم المناهج النقدية المعاصرة، وهو الأسلوبية الإحصائية، ويسعى إلى تطبيقه على أحدث أشكال القصيدة العربية ، قصيدة النثر، ليجيب على إشكالات نقدية ” عالقة ” ، إجابات علمية.
ويأمل المؤلف أن تسهم هذه الإجابات العلمية في حسم بعض القضايا الجدلية المتعلقة بقصيدة النثر عن طريق إخضاع بعض الفرضيات الرائجة حولها لمنهج علمي إحصائي قادر على تحرير موضع الخلاف، وتحديد أدوات المعالجة تحديدا إجرائيا، وتفسير النتائج التي تتمخض عنها بما يكشف عن خصائص قصيدة النثر بشكل عام، وخصائص كُتّابها بشكل خاص.
وعن جائزة الإبداع الثقافي التي نالها الكتاب مؤخرا، يرى الحجري أنها جائزة مهمة على المستوى المحلي، وقد حققت سمعة طيبة في أوساط الكُتاب والأدباء العمانيين، بسبب دوريتها السنوية وثبات مجالاتها النسبي، مما يجعل المهتمين بالشأن الثقافي العماني يترقبون نتائجها لمعرفة أبرز الإصدارات في كل عام.
ويأمل الحجري أن تكون الجائزة دافعا للمثقفين العمانيين والعرب للاطلاع على الكتاب وتمحيص مواقفه ونتائجه.