شؤون عمانية- فايزة محمد
صدر حديثًا كتاب بعنوان ” العمانيون والعلوم التجريبية ” لمؤلفه صالح بن محمد السيابي، وذلك عن مكتبة السيدة فاطمة الزهراء، وهي مكتبة وقفية، يصرف ريعها على طلاب تحفيظ القرآن الكريم والسنة النبوية، وسيكون الكتاب متوفرا بمعرض مسقط الدولي للكتاب لعام 2019.
يبحث الكتاب في نظرة العمانيين إلى العلوم النقلية التجريبية ومدى مساهمتهم فيها، ويبرز إنجازات العمانيين ومؤلفاتهم في مجالات الطب والهندسة والفلك والملاحة البحرية.
اشتمل الكتاب على مقدمة وفصلين وتوصيات وخاتمة، جاء الفصل الأول تحت عنوان “الإسلام والعلوم التجريبية”، ناقش فيه أهمية العلم، وتشجيع الإسلام عليه. ثم عرج على نظرة الإسلام إلى العلوم التجريبية، وما لها من دور في حياة الفرد والأمة، إيمانيا ودعويا ودفاعيا واستقلالا، والأثر الذي زرعته هذه النظرة في المسلمين؛ مما دفعهم إلى السعي والمثابرة، الأمر الذي أدّى إلى تقدم كبير في هذه العلوم. وختم الفصل الأول بذكر كثير من الأمثلة على مدى مساهمة المسلمين في الحضارة الإنسانية الحديثة، من المنهج التجريبي إلى العمل النوعي خصوصا في مجالات الطب والهندسة والفلك والملاحة البحرية والرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء.
أما الفصل الثاني فهو أساس البحث وجوهر الكتاب، فقد ناقش في أوله مدى مساهمة العمانيين في العلوم التجريبية مقارنة بغيرها من العلوم، ثم ذكر بعضا مما تتسم به هذه العلوم عند العمانيين كالتبادل العلمي، واستخدام الشعر والرسومات، ومساهمة علماء الشرع والمرأة العمانية في العلوم التجريبية. ومن خلال أكثر من 100 صفحة، أبرز الكتاب أعمال العمانيين وإنجازاتهم تنظيرا وتطبيقا في مجالات الطب والهندسة والفلك والملاحة البحرية، لكل علم مبحث مستقل.
ففي مبحث الطب، تطرق الكتاب إلى خبرة العمانيين في تجبير الكسور، ثم تحدث عن كتاب “الماء” لأبي محمد الأزدي الذي يُعدُّ أول معجم طبي لغوي في التاريخ، والنقاط التي تفوق فيها أبو محمد الصحاري على غيره من العلماء في مجالي الطب والفيزياء (الدورة الدموية ونظرية الإبصار). بعدها تحدث الكتاب عن أسرة آل هاشم الرستاقيين الطبية، كالطبيب راشد بن خلف صاحب المنظومة اللامية في القواعد الطبية، والتي لاقت قَبولا واسعا لدى المهتمين بعلم الطب داخل عمان وخارجها، واعتنى بها طبيب عيون ألماني عاش في القاهرة، حيث كانت لديه ثلاثُ نسخ خطية لشرح قصيدة. ومن أبرز أطباء هذه الأسرة الطبيب العبقري المجرب راشد بن عميرة، الذي تميز بالتشريح وبإجراء العمليات، كمعالجته للمرأة الحامل التي نطحها ثور حتى خرجت الأمعاء إلى الأرض. كما ذكر الكتاب أطباء وإنجازات طبية أخرى، كالطبيب علي العقري الذي كان يتنقل بين البلدان لعلاج الناس، والذي صَنَعَ رِجْلاً خشبية للفقيه الأديب خلف بن سنان الغافري.
أما مبحث الهندسة فقد ركز على نوعين منها، هندسة الأفلاج وهندسة القلاع والحصون. ففي هندسة الأفلاج، تحدث عن مدى تميز العمانيين في الأفلاج، معددا أنواع الأفلاج والفرق بينها، ومراحل إنشاء الفلج، والصعوبات التي كانت تواجه المهندسين، وكيفية علاجها بطرق هندسية بديعة. وفي هندسة القلاع والحصون ركز الكتاب على قلعة نزوى وحصني جبرين والحزم؛ كونها – برأي الكاتب – أفضل الشواهد على البراعة العمانية في التخطيط الهندسي معماريا ودفاعيا، جمالا وتحصينا. وفي أول المبحث ذكر الكتاب المهندس العماني محمد بن سليمان الخروصي السمائلي، الذي هندس أول شبكة مياه في الجزيرة الخضراء.
وركز مبحث الفلك على تنوع مجالات استخدامه عند العمانيين، برا وبحرا، ليلا ونهارا، في العبادات والمعاملات، بين السفر والإقامة، في الصيد وفي الزراعة. ومن أبرز هذه الاستخدامات تقسيم مياه الأفلاج ليلا باستخدام النجوم، ونهارا بالاستعانة بظل الشمس. كما ذكر الكتاب بعض مصنفات العمانيين ومناقشتهم للمواضيع الفلكية.
وفي مبحث الملاحة البحرية، تحدث عن خبرة العمانيين ومهارتهم القديمة في البحر، وشهرتهم الواسعة في هذا المجال، ومدى استفادة العالم منهم، وعن بعض مشاركاتهم العسكرية بحرا. وتطرق الكتاب إلى الملاح الشهير أحمد بن ماجد وخدمته الكبيرة للبحارة، تنظيرا من خلال المؤلفات العديدة نظما ونثرا، وتطبيقا من خلال التجارب الكثيرة وتطوير الأدوات البحرية. وذكر الكتاب عدة مؤلفات بحرية لابن ماجد ولغيره من النواخذة.
وفي لقاء خاص مع ” شؤون عمانية” أوضح مؤلف الكتاب ان الإصدار يتميز تميز باحتوائه على رسومات وصور توضيحية من المعالم ومن المخطوطات، وقصص وأخبار وأشعار، وفي آخره قصيدة “مآثر خالدة” للدكتور محمد بن سالم الحارثي مدير تحرير المجلة الثقافية بمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم.
وأضاف بأن راجعه مجموعة من المختصين في الطب والهندسة والفلك والتاريخ، وقدم له الدكتور عمر لقمان سليمان رئيس مشروع المخطوطات العمانية والمغاربية بجامعة نزوى، والدكتور نبهان بن حارث الحراصي أستاذ مساعد بجامعة السلطان قابوس.