مسقط- شؤون عمانية:
رعى صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد – نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي . الممثل الخاص لجلالة السلطان – عصر أمس (الاثنين) بمجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بمدينة صلالة حفل افتتاح أعمال الاجتماع الوزاري “الطريق إلى التغطية الصحية الشاملة في إقليم شرق المتوسط” الذي تستضيفه السلطنة خلال الفترة 3 – 5 سبتمبر الجاري .
حضر الحفل عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة واصحاب المعالي وزراء الصحة في دول اقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط واعضاء مجلسي الدولة والشورى وعدد من مسؤولي المؤسسات الحكومية بالمحافظة من مدنية وعسكرية وعدد من كبار مسؤولي منظمة الصحة العالمية وممثلي الهيئات والجمعيات الدولية ، ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة والمنظمات غير الحكومية التي لها علاقات رسمية مع منظمة الصحة العالمية وجمع غفير من المدعوين .
تضمن برنامج الافتتاح مجموعة من الفقرات منها : كلمة ترحيبية للدكتور أحمد بن سالم المنظري – المدير الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط – قال فيها :إن الاستثمار في الصحة والتغطية الصحية الشاملة استثمار في الإنسان وهو المحرك لتحقيق التنمية الاقتصادية ، حسبما أكدته مرارا اللجان والدراسات القديمة منها والحديثة على حد سواء ، ففي عام 2001 صرحت لجنة منظمة الصحة العالمية المعنية بالاقتصادات الكلية والصحة أن ” الروابط بين الصحة والحد من الفقر والنمو الاقتصادي طويل الأجل روابط قوية ، بل أقوى بكثير مما نفهمه بوجه عام ” ومؤخرا وفي عام 2016 ، لخصت هيئة الأمم المتحدة الرفيعة المستوى المعنية بالعمالة في مجال الصحة والنمو الاقتصادي المكاسب الاضافية الناجمة عن الاستثمار في قطاع الصحة من قـبيل تعزيز الأمن الصحي والنمو الاقتصادي الشامل ولعلكم تابعتم مجلة ” الإيكونوميست ” العريقة التي نشرت منذ أقـل من خمسة أشهر تقريرا خاصاً ساقت فيه حججا مفادها أن التغطية الصحية الشاملة ليست ضرورة فحسب ، بل هي ضرورة نطيق تكلفتها . واختتم التقرير بالقول ان التغطية الصحية الشاملة هدف مرغوب فيه ويمكن تحقيقه في آن واحد ، حتى في البلدان المنخفضة الدخل ، وكما قال كاتبو التقرير : ” ليس عليك أن تكون غنياً .وفي اجتماعنا ، سنتعرف أكثر على الصلات بين الصحة والاقتصاد من الخبراء البارزين في هذا المجال ، بما يساعدنا في بناء منطق سديد على ضرورة توفير مزيد من المال العام من أجل الصحة .
وقال المنظري : ان الاختبار الحقيقي لنجاح أي استراتيجية معنية بتحقيق التغطية الصحية الشاملة هـو أن يحصل كل فرد على الرعاية الصحية التي يحتاج إليها وبجودة مناسبة ، ومن الشواغل التي لم تحظ في الماضي بما يكفي من الدراسة والاهتمام العلاقة العضوية بين النظم الصحية والبرامج الصحية ، مثل برامج الصحة العامة ، والأمراض السارية ، والامراض غير السارية ، والصحة الإنجابية وصحة الأمهات وحديثي الولادة والأطفال والمراهقين ، وكثيرا ما انحصرت النقاشات حـول التغطية الصحية الشاملة في بيانات مجردة والتزامات سياسية جافة ، لكننا نرى أنه لا ينبغي أن تكون الحال على هـذا النحو ، فعلى النظم الصحية أن تكون بمثابة العمود الفقري الذي تستند إليه البرامج الصحية والمنصة التي تنطلق منها هذه البرامج لتنفيذ استراتيجيتها وتقديم خدماتها وتنفيذ تدخلاتها .
وانه يسعدني كثيرا أن أعلن لكم أننا ، ومنذ فترة قريبة ، قد شكلنا فريقا مخصصا للعمل عبر إدارات المكتب الاقليمي معنياً بتقوية النظم الصحية من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة ، مع امكانية تكييف هذا الفريق حسب ظروف البلدان والمتأثرة بالصراعات والأكثر ضعفاً نسبياً في الاقليم وينضوي هذا الفريق تحت ما نطلق عليه اسم ” نظامنا الصحي في مختبر الطوارئ ” . ومن مهام هذا الفريق أن يتابع على نحو استباقي تنفيذ مبادئ الربط بين العمل الإنساني والتنمية والسلام .
وأضاف : ان التغطية الصحية الشاملة التزام بالحق بالصحة ، وفي 6 نيسان ــ أبريل هذا العام ، دعت منظمة الصحة العالمية الى أن يكون شعارها في يوم الصحة العالمي لهذا العام ، وكان يوما خاصا ، ” التغطية الصحية للجميع وفي كل مكان ” ، وأقول ” خاص ” لأنه وبحق يوم خاص لأسباب عدة ، اذا يحتفل العالم هذا العام بمرور 70 عاما على انشاء منظمتنا ــ وهي الوكالة التي تأسست بهدف تعزيز الصحة بمعناها الأعم ، كما أن هذا العام خاص هو الاخر ، فسوف يحتفل العالم الشهر المقبل بالذكرى الاربعين لإعلان الما ــ اتا بشأن الرعاية الصحية الاولية . واذا كانت التغطية الصحية الشاملة هدفنا ، فالرعاية الصحية الاولية هي السبيل الاكثر فعالية وكفاءة لبلوغ هذا الهدف .
واستطرد : الغرض من هذا الاجتماع الوزاري هو تقييم الوضع في الاقليم ، والاطلاع على التجارب الناجحة في هذا المضمار عالميا واقليميا في سعي حثيث لتحقيق التغطية الصحية الشاملة ، واغتنم هذه الفرصة كي أوكد من جديد التزام اقليمنا بتحقيق التغطية الصحية الشاملة ، وانني ادعوكم الى النظر في التوقيع على الاتفاق العالمي بشأن التغطية الصحية الشاملة 2030 الذي اعد بهدف توجيه كل من البلدان والشركاء في التنمية للعمل معا صوب بلوغ هدف التغطية الصحية الشاملة ، وكما تعلمون فقد وضعنا اطار عمل اقليميا بشأن الارتقاء بالتغطية الصحية الشاملة في اقليم شرق المتوسط ، وحان الوقت لمتابعة تنفيذه بفاعلية .
من جانبه أكد معالي الدكتور أحمد بن محمد بن عبيد السعيدي – وزير الصحة – في كلمته بالمناسبة على أن تحقيق التغطية الصحية الشاملة يمثل أحد أبرز غايات الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة، وتعني التغطية الصحية الشاملة إمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية التعزيزية والوقائية والعلاجية والتأهيلية والتلطيفية الجيدة دون تكبد مشقة مالية.
موضحا بأن التغطية الصحية الشاملة ليست حزمة شاملة لحد أدنى من الخدمات الصحية فحسب، بل هي ضمان التوسع التدريجي في التغطية بالخدمات الصحية، كلما توافرت المزيد من الموارد. ولا يجب أن يُفهم من ذلك مجانية جميع التدخلات الصحية الممكنة بغض النظر عن التكلفة، إذ لا يستطيع أي بلد أن يقدم جميع الخدمات مجانا على نحو مستدام.
وقال معاليه : لقد أوضح معالي الدكتور تيدروس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ، أن “تنفيذ التغطية الصحية الشاملة هو تحدٍ سياسي أكثر من كونه اقتصاديا”. ومع جدول أعمال التنمية المستدامة لعام 2030 فقد وقّع العالم على التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030 ، مما يعني أنه قد تم بالفعل الالتزام عالميا بذلك، وهو ما يترتب عليه تحويل هذا الالتزام العالمي إلى عمل وطني. مع الإدراك أن التغطية الصحية الشاملة ممكنة وأن الموارد يمكن توفيرها وأنه يجب أن تكون الصحة حاضرة وجزءاً لا يتجزأ من جميع السياسات، وعلى ضوء ذلك فإن التغطية الصحية الشاملة أصبحت اليوم من أهم الأولويات الإستراتيجية والقيادية لمنظمة الصحة العالمية.
ثم تطرق معاليه الى اهتمام السلطنة التغطية الصحية الشاملة وجهودها في هذا الخصوص موضحا بأنه إدراكا من القيادة الحكيمة للسلطنة بأهميتها ؛ فإن سلطنة عمان قد قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال. وتحقق ذلك بفضل انتشار مؤسسات الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات في ربوع عمان، والتكامل والتنسيق بين المؤسسات الصحية الحكومية المختلفة وتعاون القطاع الصحي الخاص.
وأضاف : في بداية عصر النهضة المباركة كان التركيز على الحد من انتشار الأمراض المعدية، من خلال البرامج الصحية المختلفة، كبرنامج التحصين الموسع، إذ بلغت نسبة التغطية به أكثر من 99% على المستوى الوطني في عام 2017م، ومع التغير في الخريطة الوبائية وازدياد الأمراض المزمنة، المتعلقة بأنماط الحياة، استجابت الخدمات الصحية لهذا التحول بإعادة هيكلة المراكز الصحية وتهئيتها للوقاية من هذه الأمراض، علاوة على علاجها، كما تم تطوير الخدمات الثانوية والثالثية بالتوسع في التخصصات الدقيقة وزيادة عدد الأسرة، ولم تغفل الرقي بالصحة العامة بما يتوائم مع المرحلة القادمة من أجل تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض بهدف الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة.
لكننا نرى علامات على إحراز تقدُّمٍ تبعث على التفاؤل. فالكثير والكثير من بلدانكم باتت تُطبِّق أنظمةً للحماية المالية وحزماً للخدمات الصحية الأساسية لتصبح التغطية الصحية الشاملة واقعاً لا مجرد حلم.
والطريق إلى بلوغ التغطية الصحية الشاملة محفوف بمزيدٍ من التحديات في إقليم شرق المتوسط في ظل ما يشهده من صراعات عديدة وطوارئ إنسانية.
لكن تظل التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي وجهين لعملة واحدة. والنظم الصحية القوية، التي أساسها الرعاية الأولية التي تركز على الناس، هي الاستثمار الأمثل للحد من أوجه عدم المساواة، وخط الدفاع الحصين في وجه آثار حالات الطوارئ.
ويشتمل البرنامج العلمي للاجتماع على العديد من الجلسات العلمية التي تضم عددا من المواضيع وحلقات نقاش عامة رفيعة المستوى والمداخلات والمناقشات المفتوحة، وتشمل جلسات اليوم الثاني للاجتماع غد (الثلاثاء) مواضيع : القُدُرات البشرية والعدالة الصحية ، سياسة الاقتصاد الكلي وتمويل الصحة من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة ، تمويل الصحة لتحقيق التغطية الصحية الشاملة ، كيف أحرزت البلدان تقدماً ملحوظاً نحو بلوغ التغطية الصحية الشاملة؟ ، التمويل المستدام للتغطية الصحية الشاملة وضع وتنفيذ حزمة استحقاقات ذات أولوية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة ، الخدمات الصحية للأمهات والأطفال في سياق التغطية الصحية الشاملة ، الخدمات الصحية للأمراض السارية وغير السارية في سياق التغطية الصحية الشاملة . اضافة الى حلقة النقاش العامة رفيعة المستوى حول التجارب الوطنية في إقليم شرق المتوسط .
أما اليوم الثالث والاخير غدا (الأربعاء) فتشمل جلساته مواضيع : الأمن الصحي والتغطية الصحية الشاملة ، تعزيز النظم الصحية الوطنية الشاملة للمهاجرين والمجتمعات المستضيفة ، رصد التغطية الصحية الشاملة من المنظورين العالمي والاقليمي، وحلقة النقاش العامة رفيعة المستوى حول التجارب الوطنية في السعي نحو بلوغ التغطية الصحية الشاملة في سياق الطوارئ ، اضافة الى حلقة نقاش اخرى حول الشراكات من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة .