الكاتب: بدر بن سالم العبري
بعدما أنهيتُ تسجيل الحلقة مع الدّكتور محمد البغيليّ كما رأينا في الحلقة الماضية، أسرعنا للاستعداد للسّفر، وكان الأصل الأستاذ مهدي عياشي رحلته الثّانية عشر ظهرا بتوقيت الكويت، ورحلتنا الثّانية ظهرا، فاتصل بالعمانيّة، ووافقوا على جعل رحلته معنا، ولم يأخذوا عليه شيئا والحمد لله تعالى.
ذهبنا لصلاتي الظّهر والعصر في النّزل، ثمّ انطلقنا إلى مطار الكويت، وكان مزدحما جدّا، بسبب الصّيانة في بعض مرافقه، ولأنّهم يبنون مطارا جديدا سبق الحديث عنه، وهنا تأخرنا لأنّ الأستاذ مهدي عياشيّ نسي إحضار ورقة تأشيرة الدّخول في النّزل، والموظفة الفلبينيّة في المنضدة رفضت إتمام الأمر، وهنا تدخل الأستاذ أبو عمار، وكلّم أحد المختصين، وتمّ الأمر بسلام، وفي هذا الانتظار التقينا ببعض الأخوة العمانيين، ومنهم الأستاذ محمد المكتوميّ من بيت الزّبير.
بقي وقت للتّسوق، وأنا شخصيّا لم اتسوق بسبب زحمة العمل والتّسجيلات، فلم أجد وقتا، ثمّ ذهبنا إلى القاعة رقم (9) وانتظرنا كثيرا، ولمّا دخلنا كان مهدي مع الأستاذ خميس العدويّ ومعهم الأستاذ أحمد النّوفليّ، فطلب العدويّ من مهدي أن يكون معهم في بوابات مجلس التّعاون، والأصل أنّه يكون في البوابات الأخرى، وطلب منه ذلك العدويّ حتى لا يتأخر ويسهل إجراءاته، إلا أنّ مهدي وقع في ذات المشكلة وهو عدم وجود ورقة تأشيرة الدّخول، وهنا تدخلا لمساعدته، فذهبا إلى مكتب في الخلف، وقاموا بالبحث في الجهاز ووجدوا مهدي فعلا أخذ تأشيرة دخول، وهنا شكر مهدي الأخوة أنّهم طلبوا منه تأجيل السّفر وإلا ربما وقع في مساءلات بسبب نسيان ورقة!!
بعد الانتظار قيل لنا الطّائر تأخرت فاذهبوا إلى القاعة رقم (5)، وانتظرنا لوقت أطول، والمكان ضيق، والعدد بالنّاس مزدحم، فمنا من وجد مكانا يجلس فيه، ومنا من مارس رياضة المشي، ومن ظلّ واقفا، لهذا تأخرنا إلى العصر، وأقلعت الطّائرة، ووصلنا مسقط ليلا، وفي مسقط كانت الإجراءات سريعة إلا أنّ الحقائب تأخرت كثيرا، والحمد لله هذه المرة كانت حقيبتي من أوائل الحقائب وصولا!!!
ودعنا الجميع، وكان هذا مجمل هذه الرّحلة، وإن كان ثمّة حديث يقال في الختام، هو شكرنا للشّعب الكويتيّ الّذي يتميز بصفتين: الكرم والثّقافة، فالحريّة والدّيوانيات ساهمت بشكل كبير في النّمو الثّقافي والتّنويريّ عموما في الكويت، فتجد غالب من يشارك ويحلل وينقد من فئة الشّباب، كما تجد الخلطة بين كبار المسؤولين وباقي شرائح المجتمع بشكل طبيعيّ جدا، خصوصا في المناشط الثّقافيّة.
إنّ الكويت بوابة الخليج في التّنوير والعطاء الفكريّ والثّقافي والفنيّ، ولئن رأت النّور مجلات دبي الثّقافيّة ونزوى والدّوحة مؤخرا فإن مجلّة العربيّ كانت الإشعاع الثّقافي من 1958م، فضلا عن الإذاعة والتّلفاز والعطاء الفنيّ.
ثمّ إننا في الخليج ثقافيّا بحاجة إلى خلطة بعيدا عن السّياسة وصراعها، والمذاهب وتعصبها، فيعيش المثقف والقارئ والكاتب والباحث والفنان في أجواء الإنسان وعقله وقلبه، خاصّة ونحن في الخليج خصوصا أسرة واحدة، قبل أن نكون في ست دول، وعندما يهتم المثقف بالإنسان وتآلفه وترابطه وحرياته؛ بلا شك سيسقط أثر هذا على الجميع، وسيؤثر على نمو الإنسان نموا متكاملا يخدم بعضه بعضا، وما أثر ذلك ببعيد إذا ما أخلصت النّية، وكان الإنسان هو الغاية لا المصالح الفئويّة!!