بقلم: فايزة محمد
“سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء من أجل مستقبل أفضل”
قابوس بن سعيد
عندما كان صاحب الجلالة المعظم -حفظه الله- يلقي هذا البيان التاريخي على أبناء شعبه في الثالث والعشرين من يوليو المجيد سنة 1970 كان جزء كبير جدا من العُمانيين يعيش خارج الوطن، حيث كانت الظروف – في تلك الفترة المضطربة التي كانت تعيش فيها البلاد- قد اضطرته إلى التغرب والبحث عن لقمة العيش خارج بلده، ودعونا نتخيل حجم الفرحة والبهجة التي كانت تملأ قلوب هؤلاء وهم يستمعون إلى هذا البيان التاريخي، خاصة وأنه كان يحمل وعدًا ساميا بأن غدٍ مشرقٍ ينتظر عُمان وشعبها الأبي عندما قال جلالته حفظه الله : ” كان بالأمس ظلام ولكن بعون الله غدا سيشرق الفجر على عُمان وعلى أهلها”، واستبشروا أكثر عندما دعاهم جلالته – أيده الله – إلى العودة إلى الوطن والمشاركة في بناء عُمان الجديدة، وبالفعل، لم تمر أيام قليلة حتى كان آلاف العُمانيين في طريقهم إلى الوطن للالتحاق بالوظائف والمهن المختلفة التي وفرتها الحكومة لهم، سواء في القطاع المدني أو العسكري.
من هذه المقدمة نستطيع أن نقول أن من يقرأ فكر النهضة العُمانية بتمعن وحيادية يجد أنه يتمحور حول فلسفة سامية، وهي: بناء الإنسان العُماني ، سواء بالتعليم أو نشر المعرفة في المجتمع، ولا يزال العُمانيون يرددون مقولة جلالته الخالدة : ” سنعلم أبناءنا ولو تحت شجرة”، ولذلك كان الاهتمام بالتعليم والصحة من أولويات النهضة المباركة، يقول جلالته حفظه الله: ” ان الإنسان هو هدف التنمية وغايتها، كما أنه أداتها وصانعها، وبقدر ما ينجح المجتمع في النهوض بموارده البشرية وتطويرها وفي تأهيلها وفي صقل مهاراتها وتنويع خبراتها، يكون نجاحه في إقامة الدولة العصرية المتقدمة في مختلف مجالات الحياة أكبر”.
ومن منطلق الاهتمام بالإنسان العُماني، عُرف عن صاحب الجلالة المعظم -حفظه الله – اهتمامه الكبير بالجولات السامية التي يقوم بها في المحافظات العُمانية المختلفة للالتقاء بأبناء شعبه وجها لوجه؛ لمعرفة أفكارهم، وآرائهم، وبماذا يفكرون، وإلى ماذا يتطلعون، ومعرفة همومهم اليومية وشكاويهم، لقد كان جلالته يحرص على ذلك كله حتى يعرف ماذا يريد الإنسان العُماني، وبماذا يفكر،، يقول حفظه الله : ” وأعترف بأني أتمتع كثيرا بهذه الرحلات الداخلية التي أقوم فيها بطول البلاد وعرضها، في هذه الرحلات ألتقي بالناس مواجهة وأسمع إلى مطالبهم وهم يسمعون وجهات نظري، إني أشعر بالألفة هنا وهم كذلك، إن تفقد أحوال الرعية شأن موجود في تاريخ الإسلام ويُعد من واجبات القائد”. (1)
ويضيف جلالته حفظه الله : ” هناك مواطنون قد لا تسمح ظروفهم بأن يطرقوا أبوابًا معينة فآتي أنا إليهم بشكل مباشر، إني مرتاح وأجد متعة نفسية بهذه الرحلات التاريخية ، أجتمع فيها بأهلي وأختلط بأنفس كثيرة أسمع منها وتسمع مني ونعطي جميعنا الثمار المطلوبة” .(2)
وفي محور إهتمام فكر النهضة بالإنسان نستطيع أن نفهم فلسفة العفو والتسامح عند صاحب الجلالة المعظم – حفظه الله – الذي قدم للإنسانية أعظم الأمثلة في هذه الفلسفة الإنسانية، ولا أدل على ذلك من العفو السامي الذي أصدره حفظه الله بحق المتورطين في بعض القضايا التي تمس أمن الدولة وسلامة المجتمع، مثل قضايا عام 1994، و2005، و 2012. وفي هذا الإطار نستطيع أن نفهم أيضا فلسفة أوامر العفو الخاصة التي يصدرها صاحب الجلالة سنويا في المناسبات المختلفة، ومنها العفو السامي الخاص الذي صدر بالأمس بمناسبة يوم النهضة المباركة وشمل مجموعة من نزلاء السجن المدانين في قضايا مختلفة.
المصادر:
1-عاصم رشوان، قابوس.. سلطان أم صاحب رسالة، دار رياض نجيب الريس، لندن، الطبعة الثانية، ص 207
2-ن. م ص 208