الكاتب: بدر بن سالم العبري
تعرّفت على الباحثة الأمريكيّة إيميلي جوشن في القرم بالعاصمة العمانيّة مسقط، وهي زوجة شاب كويتي لطيف اسمه حامد، وكان معهم ابنتهم سلمى في السّنة الأولى من عمرها، وهذا قبل عام وزيادة قليلا.
إيميلي جوشن تحضر أطروحة الدّكتوراه في إحدى الجامعات الأمريكيّة حول الإباضيّة العقلانيّة، وعلاقة الإباضيّة بالسّلفيّة، والتّجديد المعاصر عند الإباضيّة، ورؤيتهم للإنسان والملل الأخرى، وهذه ليست الأولى من الرّسائل أو الأطروحات حول العقلانيّة والثّقافة بصورة عامّة، ففي الفترة الأخيرة هناك من يأتي للبحث في هذا إمّا للماجستير أو الدّكتوراه أو للبحث الخاص، والغرب يهتمون كثيرا بكلّ جديد في الشّرق، ومن هؤلاء الأستاذ مهدي عياشيّ من فرنسا والّذي كانت رسالته في الماجستير أيضا حول العقلانيّة الإباضيّة، والآن يحضر الدّكتوراه حول الثّقافة بشكل عام في المجتمع العمانيّ.
وفي عمان تناقشنا طويلا مع الباحثة حول موضوع العقلانيّة والإباضيّة والرّؤية القرآنيّة للإنسان خصوصا وقيمه الكبرى، وأسباب النّظرة السّلبيّة إلى الإسلام خصوصا في الذّهنيّة الغربيّة، وشيوع التّطرف والإرهاب ونسبته إلى الإسلام.
والأصل أننا نذهب إلى الكويت في نهاية مارس وبداية أبريل، وتواصلتُ حينها مع الباحثة وقالت ستكون هذه الفترة في الولايات المتحدة الأمريكيّة، ولما تأجلت الرّحلة إلى مايو رحبت بالزّيارة، حيث تسكن في منطقة الشّعب بالعاصمة الكويتيّة، واتفقنا على أن تكون الزّيارة صباح الخميس السّاعة التّاسعة والنّصف صباحا.
نسقت مع مهدي لمرافقتي، ففرح بذلك، وبعد الفطور في بداية الثّامنة انطلقنا للذّهاب، وخرجنا قبل ساعة حتى نحصل على سيارة أجرة وحتى لا نتأخر، إلا أننا تفاجئنا أننا وصلنا بسرعة؛ لأنّ هذه المنطقة قريبة منا جدا، لهذا كان عندنا أكثر من ساعة، فأرسلت للباحثة لعلّ الوقت يسمح بالتّقديم، فأسرت لذلك، وما هي إلا دقائق إلا وهي بالخارج تنتظرنا.
رحبت بنا كثيرا، ودخلنا في مجلس مفتوح وهنا التقينا بوالد زوجها عبد الحسين فكري، ثمّ حضر حامد وابنته سلمى، وعبد الحسين من الباحثين والكتاب البهائيين، وأهدانا نسخة من كتابه آفاق في فهم الهداية الإلهيّة، وفيه يتحدث عن وحدانية الله ووحدة الجنس البشريّ ووحدة الأديان واستمرارية الهداية الإلهيّة ومجيء اليوم الموعود.
وهذه العائلة عائلة بهائيّة، والبهائيّة تركز كثيرا على الإنسان ووحدة الجنس البشريّ من خلال وحدانية الله ووحدة الدّين والإنسان، وهي ترجع في أصلها إلى الشّيخيّة عند الشّيعة الإماميّة، وتأسيسها يعود إلى حسين علي النّوريّ الملقب ببهاء الله [ت 1892م] في إيران، وهو الّذي آمن بدعوة الباب علي محمد الشّيرازيّ [ت 1850م]، وأنّ حسين النّوري هو من بشره الباب بأنّه من يظهره الله، وموعود الظّهورات السّابقة، وأتى بكتاب الأقدس، وفيه نسخ للعديد من الأحكام القرآنيّة كالصّلاة والصّيام والميراث، وهذا الكتاب هو المقدّس عند البهائيّة، ولهم كتاب آخر له قيمته الدّينيّة وهو الإيقان والوديان السّبعة، وجاء من بعده وواصل مسيرته عبد البهاء عباس أفنديّ [ت 1921م].
المهم كانت الجلسة في مجملها حول أطروحة الأستاذة، وهنا أخبرتها أنّ رسالة مهديّ عياشي في الماجستير قريبة من أطروحتها، ففرحت كثيرا، خاصة وأنّها على مشارف الانتهاء من الأطروحة ومناقشتها.
كذلك كان الحديث حول الإنسان وقيمه الكبرى، وما يحدث حاليا من تشويه له باسم الأديان ومنها الإسلام، وقلّة المراجعات والقراءات الجديدة، وكنتُ قد كتبت مقالات حول القيم الخلقيّة والإنسان من خلال الرّؤية القرآنيّة، طبعت في دار سؤال بلبنان 2016م، وكان بعض الحديث حول هذا الجانب في الكتاب؛ لأنّي أهديتها الكتاب في عمان!!
كذلك تمّ الحديث حول اليهود، والفرق بينهم وبين الصّهيونيّة، وكيف تمّ تشويه صورتهم كما تشوه داعش والجماعات المتطرفة صورة المسلمين والإسلام اليوم!!
عموما كانت الجلسة سريعة لأنّي على موعد مع سماحة حسن الصّفار لتسجيل حلقة يوتيوبيّة معه، وكذا الذّهاب إلى زاخر مول كما سنرى في الحلقة المقبلة، لهذا استأذنا على إصرار منهم للبقاء، وهنا أصر أبو حامد أن يحملنا بسيارته إلى النّزل، وبعد إلحاح منه وافقنا، وفي الطّريق كان الحديث حول ترجمته لأحد المصادر المهمة الّتي تتحدث عن البهائيّة، ولكنني للأسف نسيت عنوانه!!