الكاتب: محمد بن عيسى البلوشي
كانت زيارتي الأولى إلى محافظة الجمال مسندم قبل أكثر من عشرين عاما، فوعورة الطريق لم يثنينا عن الوصول إلى خصب الحالمة، وكانت المعدات تشق الطريق البحري آنذاك إلى الولاية، متسلحة بإيمان وطني عميق بأن نهضة عمان تصل إلى أقصى ربوعها العامرة.
بعد سنوات، عدت لزيارة مسندم، وأنا أسترجع ذكرياتي الجميلة، إبتداءا من شاطي بخا الذي كنا نلعب على رماله الآمنة كرة القدم مع من إستضافونا في ذلك الوقت، مرورا بمشاهدة الطريق السابق والبعيد الذي كنا نسلكة للوصول إلى ولاية خصب، وصولا إلى القرى التي تقع على الطريق بما تحملة من شواهد تاريخية عريقة ضاربة في التاريخ الإنساني، أشاهد ما سجلته النهضة المباركة اليوم من خدمات متعددة ومتنوعة شملت جميع مجالات الحياة.
عدت إلى مسندم مرات عدة، فما جعلني أكرر رحلتي إليها هو طبيعة المكان السياحي الفريد من نوعة في منطقة الخليج العربي، فزرقة المياه تعانق شم الجبال الراسخة والشامخة.. أعود إليها في كل مرة بشوق أكبر وحنين إلى مصافحة القلوب الطيبة لأبنائها الكرام، والذين رسخوا للإنسانية معنى أخر في تعايشهم مع الطبيعة، وضربوا أروع المثل في حبهم للوطن وإنتمائهم للأرض العمانية الزكية والتي عمروها بالتنمية الشاملة.
مسندم التي أراها من هنا، أرض أحمد أبن ماجد والملهب أبن أبي صفرة والخليل إبن أحمد الفراهيدي والجلندى واليعاربة وألبوسعيد وغيرهم من السادة الكرام ممن يطول بنا ذكرهم من الملوك والأئمة والسلاطين، الذي نشروا الخير والمحبة والسلام والأمان وتركوا أثارهم باقية وشاهدة على عراقتهم وأصالتهم العمانية.
سيظل مضيق هرمز شاهدا على كل الأحداث التي غيرت مجرى تاريخ المنطقة، وسيكون “فنرا” يضئ ويرشد سفن العالم إلى موانئها وهي محملة بأهم المنتجات الإقتصادية، وستظل مسندم كما أراها دائما أرض عمانية ملهمة.
كاتب وصحفي عماني